كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
فضلاً عن مواجهة التيار الوطني الحرّ ومحاولة تقويض «نفوذ» رئيسه الوزير جبران باسيل، تقوم استراتيجية القوات اللبنانية للانتخابات النيابية على تبنّي ترشيح شخصيات من خارج «الملاك» الحزبي. المطلوب مُستقلّون، رجال أعمال أو يملكون رصيداً مصرفياً كبيراً، لديهم حدّ أدنى من الحيثية في مجتمعاتهم، ومُستعدّون لتقديم أوراق اعتمادهم إلى معراب. تلجأ «القوات» إلى هذا الخيار لتوسيع «بيكار» خياراتها، ولأنّها تفتقر في العديد من الدوائر إلى الكادرات المؤهلة لأداء هذه المهّمة.
في كسروان، بدأ يتردّد منذ فترة كلام عن نيّة «القوات» ترشيح المهندس مارون الحلو تارة، وعن أنّ رئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام سيكون هو «رأس حربتها» تارة أخرى. ولـ«المناورة»، يجري الحديث عن أنّ مركب النائب السابق منصور البون قد يرسو في معراب. فضلاً عن وجود مُرشّح حزبي هو مُنسّق كسروان السابق شوقي الدكاش.
انتشار صورة افرام ورئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط، يتوسطهما رئيس «القوات» سمير جعجع، كانت شبه حاسمة بأن حواط سيكون مُرشح الحزب في جبيل (وهو ما أُعلن رسمياً)، وأن افرام سيكون مرشحه في كسروان. فيظّن جعجع أنّه بذلك يرفد لائحته بما يلزم لمنازلة التيار الوطني الحرّ في أهّم دوائر جبل لبنان الانتخابية «مسيحياً».
في حال حصل التوافق مع معراب، «نعمة افرام يكون حليفاً وليس مُرّشح القوات»، كما تؤكد مصادر الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات «إندفكو». وتوضح المصادر أنّ هناك «تواصلاً مع القوات وبحثاً في إمكانية التحالف، ومضمون التفاهم. القصّة لا تُحسم إن التقطوا (جعجع ــ حواط ــ افرام) صورة معاً أم لا». الأمور المحسومة تحصر في نقطتين فقط. الأولى، التأكيد أنّ افرام «سيخوض الاستحقاق النيابي»، بعد أن كان قدّم ترشيحه في 2013 وتراجع عنه نتيجة دراسته موازين القوى في كسروان ــ الفتوح. ولن يُبدّل رأيه هذه المرّة، «إلّا إذا تغيّر القانون». أما النقطة الثانية فهي «التحالف بين افرام وحواط». ولكن رئيس بلدية جبيل السابق سلّم أمره انتخابياً إلى جعجع. تلقائياً، أيّ اتفاق بينه وبين افرام، يعني تحالفاً بين الأخير والقوات. تنفي مصادر افرام ذلك. صحيح أنّ «الكلام يتعّمق أكثر مع معراب، لكن الرجل غير مُستعجل لإتمام أيّ اتفاق». يُركّز حالياً على عمل ماكينته الانتخابية «المُرتبطة به شخصياً، ولن تكون ماكينة اللائحة. وسيكون هناك موظفون متفرغون لهذا العمل». وعلى رغم أنّ دراسةً للباحث الانتخابي كمال فغالي، بيّنت حلول افرام في المرتبة الرابعة، وتراجعه إلى الـ4% بسبب الصوت التفضيلي، بعد أن كان يحصل على ما نسبته 28% («الأخبار»، العدد 3248)، تُصرّ مصادر الرئيس السابق لجمعية الصناعيين على أنّ «الوضع تحسّن كثيراً، نسبةً لشخص غير مُتفرّغ للعمل السياسي». وهي لا توافق على النظرية القائلة بأنّ افرام هو الحلقة الأضعف كسروانياً لناحية الأصوات التفضيلية لأن أصوات القواتيين الحزبيين ستؤول إلى الدكاش. ولا مصلحة لديه في التحالف مع التيار الوطني الحر، لوجود مرشحين «أقوياء» على لائحته. في حين أنّ ترّشح افرام مع النائبين السابقين فريد هيكل الخازن أو البون، يُرّجح فوز أحدهما على حسابه، ما قد يؤدي إلى عزوفه عن الترّشح.
في الأصل، لم يكن هدف افرام الترشح إلى «النيابة». أراد الحصول على حقيبة وزارية، ولم يتحقق ذلك خلال عهد الرئيس السابق ميشال سليمان. حُمّلت «المسؤولية» للرئيس عون، فبدأ من حينه التباعد بين افرام والعونيين. مهّد هذا الأمر لانطلاق علاقة جيّدة بينه وبين القوات في 2013. حالياً، تؤكد المصادر أنّ «العلاقة جيدة وقوية مع جبران باسيل». ولكن ما يُعيق التحالف بين الطرفين، «مقاربة التيار الخاطئة للانتخابات البلدية في جونية، والتراكمات الإيجابية في العلاقة مع معراب». ما الذي يجمع افرام بالقوات؟ «هو مُعجب بمواقفها منذ فترة، إن كان في خيار عون إلى الرئاسة، أو اختيار الوزراء، والأداء الحكومي…»، تردّ مصادره. كما أنّ تموضع «القوات» الإقليمي والدولي، «يُريح» افرام أكثر من أن يكون حليفاً للتيار العوني ومن خلفه حزب الله. وماذا عن «الانقسامات» السياسية داخل عائلة افرام، كون زوج شقيقته هو النائب العوني وليد خوري، وزوجة شقيقه هي ابنة القيادي الكتائبي غيث خوري الذي اتُّهمت «القوات» بقتله في 1984؟ تؤكد المصادر أنّ «العائلة موحدة، تكون أينما يكون نعمة. ولا مُشكلة مع خوري». إضافةً إلى أنّه «بفضل الصوت التفضيلي يُعتبر القانون قائماً على نظام الصوت الواحد. وكأنّ الناس يقترعون لنعمة افرام».
بحسب مصادر افرام، تتقدّم المباحثات بينه وبين «القوات»، رغم وجود معلومات تُشير إلى عراقيل بين الطرفين سببها 4 شروط يرفعها افرام: ترؤسه لائحة كسروان ــ جبيل، ترشيح إحدى السيدات من جرد جبيل، الحصول على مقعد وزاري في حكومة ما بعد الانتخابات، وعدم الانضمام إلى كتلة القوات اللبنانية بل إلى تكتلها النيابي. بالنسبة إلى مصادر افرام، «لا توجد شروط. وبينه وبين القوات جلسات عمل مفتوحة، ولا يُمكن اعتبار أنّ الاتفاق تمّ». وهي تُصرّ على «استقلالية افرام السياسية. مواقفه مع القوات ستكون على القطعة، حسب المواضيع المطروحة». وفي النتيجة، إذا لم «تنقش» بين افرام والقوات «بإمكانه تشكيل لائحة تجمعه بالمستقلين، بمعزل عن الأحزاب».