Site icon IMLebanon

إتجاه للرئيس عون لتأليف لجنة قضائية وعسكرية

 

 

كتب جورج عبيد في صحيفة “الديار”:

يتجه رئيس الجمهورية اللبنانيّة العماد ميشال عون، وبحسب اوساط قريبة من قصر بعبدا، إلى تأليف لجنة قضائيّة وعسكريّة هدفها إجراء تحقيق نزيه وشفاف في شأن اختطاف العسكريين والأسباب التي أدّت إلى ذلك. وتظهر تلك الأوساط القريبة من بعبدا بأنّ الرئيس يشاء في مرامه ومراده تطبيق خطاب القسم بالمبادئ التي رسمها ويحاول ترسيخها خلال عهده، والخطاب هذا له شقّان:

1- الشقّ الأوّل متعلّق بالفساد المهيمن على مفاصل الدولة اللبنانيّة بكل تفاصيل إدارتها ومكافحته.

2- الشقّ الثاني تطبيق العدالة بشفافية وحرص على إظهار الحقّ بكلّ المسائل المرتبطة بلبنان واللبنانيين، فكيف إذا تلاشى بعضهم في كشفه وتلكّأ، وأرهقت الأرواح وسفكت الدماء بسبب التلاشي؟!

في مجلس خاص أدمن الرئيس السابق للجمهوريّة العماد إميل لحود على دعوة مجموعة نخبويّة إليه، روى حادثتين جديرتين بالاهتمام ويمكن أخذ العبر منهما.

أ- الحادثة الأولى عنوانها اغتيال أحد ظباط الجيش اللبنانيّ في البقاع الشمالي، وكان الشيخ صبحي الطفيلي مع مجموعته من اطلقوا النار باتجاه الظابط. العماد إميل لحود في ذلك الحين كان قائدًا للجيش، خلال عهد الرئيس الياس الهراوي، وللتوّ أخذ قرارًا بملاحقة الشيخ الطفيلي وحين بدأت المواجهة بين الجيش وبين الشيخ ومجموعته اتصل به مسؤولون طالبين منه عدم التعرّض له فهو امين عام سابق لحزب الله، لم يتجاوب الرئيس لحود معهم واشترط بضرورة أن يسلم نفسه مع سبعين عنصرًا من أتباعه. وحين قرر الاستجابة للشروط خرج سبعون عنصرًا أما هو فأخرج من مكان خفيّ إلى أن هرّب إلى سوريا. في هذه الرواية استخلص لحود بأنّ الطبقة السياسيّة في ذلك الحين كانت تغطي المعتدين.

ب- الحادثة الثانية: أن اعتداء إسرائيليًّا قد حصل على قرية في الجنوب وعلى منزل تسكنه امرأة عجوز. ما إن حصل الاعتداء حتى اتصل أحد الضباط بالرئيس لحود وقد كان قائدًا للجيش وأبلغه بالحادث. سأله الرئيس لحود ألا توجد بوجه الدبابة الإسرائيليّة دبابة لبنانيّة أو مدفع للجيش، فكان الجواب يوجد فأمر بأن يتم قصفها وهكذا حصل.

مصادر من التيار الوطنيّ الحرّ، وبعيد البيان الصادر عن تكتّل التغيير والإصلاح اعتبرت بأنّ اكتشاف رفات العسكريين الشهداء سيقود إلى مجموعة مساءلات محقّة وعادلة، والمساءلات لن تتحجّم بأشخاص محدّدين بل ستغوص في الظروف والأسباب الموجبة التي أدّت إلى تلك المرحلة، فالشهداء لم يسقطوا على الجبهة أو في ساحات الوغى، بل ماتوا غدرًا بعدما اختطفوا ودفنت أجسادهم في منطقة وادي الدب. بمعنى أنّنا أمام جريمة موصوفة ما كان لتنظيم داعش أن يرتكبها لو لن يتمّ تسليمهم إلى خناجره كما سلّم يهوذا الإسخريوطي يسوع المسيح إلى قاتليه وصالبيه. لقد لفتت تلك المصادر النظر إلى أنّ وزير العدل سليم جريصاتي قد بدأ يعدّ العدّة لإجراء المقتضى القانونيّ وتقديمه لرئيس الجمهوريّة لإجراء المقتضى في هذا الخصوص. المسالة لن تقف عند هذا الحد بحسب تلك المصادر، بل ستتسع وستأخذ منحى قد يقود فعلاً إلى تغيير واضح في المعادلات، قيتماهى بالضرورة مع موجبات الانتصار في عرسال ورأس بعلبك والقاع واستكمال مشروعه نحو دير الزور حيث أفادت مصادر عسكرية بانّها ستندلع معركتها قريبًا جدَّا.

أوساط أخرى أكدت على دقّة الكلام وتفاعلاته، إستشعر رئيس الحكومة سعد الحريري ثقل ما حدث في عرسال والمحيط، أيّد الرئيس الحريري ودعم الجيش اللبنانيّ في معركته على داعش من بعد ما تحفّظ على تحرير حزب الله، وأظهر حرصه على دور الجيش بزيارته أرض المعركة. غير أن الحريري وكما روت مصادر سياسية، كان حذرًا جدًّا من انكشاف رفات العسكريين والشروع في التحقيق. يجيء حذره من أنّ الشروع في التحقيق سيكشف دوره في عرقلة تقدّم الجيش اللبنانيّ في عرسال ومحيطها وجرودها في تلك الحقبة، وتقول المعلومات بأنّ ثمّة منطلقات تأسست عليها أحداث تلك الحقبة، سارت بعكس الطبيعة اللبنانيّة السياسيّة قادت إلى نصرة القتلة بوجه الجيش. وهذه المنطلقات يخشى الرئيس الحريري من كشفها ويسعى باتصالاته من أجل طمسها وطمرها وقيادة المرحلة الجديدة من ضمن التسوية التي جاءت به رئيسًا للحكومة. في حين ان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون عاكف على كشف هذه اللحظة ببواطنها وأسبابها، وعلى هذا تسأل بعض المصادر، هل هذا الملفّ سيؤدّي إلى انفراط التسوية وتمزقّ التحالف الجديد بين التيارين البرتقالي والأزرق، هل سنتجه إلى رسم خريطة سياسية جديدة في التحالفات الداخليّة؟

ما هو ثابت على المستوى اللبنانيّ بأن التحالف بين التيار الوطنيّ الحرّ وحزب الله الأقوى والأفعل والأمتن. يكفي بيان تكتل التغيير والإصلاح على لسان وزير الخارجية جبران باسيل وحديث أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي أشاد برئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون بقوّة وعبّر عن ثقته الدائمة به، بقيّة التحالفات كما يظهر بعض المراقبين هي المتحوّلة وهي المتحرّكة نظرًا لهشاشتها. كشف التحالف والتجانس بين التيار الوطنيّ الحرّ وحزب الله عن عقد استراتيجيّ ومتين تجاه ما يحدث في المنطقة باستشرافها واستنهاض مفرداتها وتحريك أبعادها، معركة الجرود والحدود لبنة من اللبنانت الأساسيّة من شأنها أن تنساب إلى الداخل وتفرض نتائجها في المراحل المقبلة.

كشف الحقيقة، حقيقة المرحلة السابقة التي أدت إلى خطف العسكريين، مؤشر لانفجار تلك الرؤى وتجسيدها وأخذها إلى الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة، فالحقّ يعلو ولا يعلى عليه.