Site icon IMLebanon

إنكسار في زمن الانتصار (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسام أبو زيد

تظهر الوقائع المتراكمة منذ حرب تموز ٢٠٠٦ على الأقل وحتى اليوم أن “حزب الله” هو الذي يملك القرار السياسي والعسكري في لبنان وأن الحكومات اللبنانية المتعاقبة لا دور لها سوى البصم على هذه القرارات حتى ولو لم تكن على علم بها، وأن الأصوات المعترضة التي تعلو لا تعدو كونها ضجيجا لا يقدم ولا يؤخر.
إن الواقع الذي وصلت إليه القوى المعارضة لـ”حزب الله” هو في الوصف العملي هزيمة نكراء للقوى التي تطلق على نفسها اسم القوى السيادية. وقد بدأت هذه الهزيمة بالتحقق تباعا غداة النصر الوحيد الذي حققته هذه القوى بانسحاب قوات الاحتلال السوري من لبنان في ٢٦ نيسان ٢٠٠٥، ولكنها لم تتمكن من تفعيل هذا النصر والحفاظ عليه وتطويره في الخط السيادي، فسقطت كل الشعارات التي طرحت وفي مقدمها التخلص من الوصاية السورية، فهذه الوصاية عادت حتى بغياب الجيش السوري، كما أن شعار العبور إلى الدولة لم يتحقق وبقيت الدولة بأرضها وشعبها وجيشها خاضعة لمفاعيل قرارات “حزب الله” السياسية والعسكرية.
وما ساهم في الهزيمة النكراء للقوى المعروفة بالسيادية هي انقسامها على بعضها البعض، وتفوق مصالحها الخاصة على عناوين ثورة الأرز، بحيث أن ما كان يعتبرونه من المحرمات في تلك الثورة، أصبح موضع منافسة بين بعضهم البعض من أجل تبنيه وإقناع جمهورهم الذي طالما حرضوه أن تلك الخيارات هي خيارات وطنية لا بد منها، وكان الأنكى أن تلك الجماهير اقتنعت بما روجه قادتها وأخذت تصفق لهم.
هذا الواقع الذي وصلت إليه هذه القوى شل من حركتها السياسية الحرة، وكبل حركتها الشعبية في الشارع ولم يعد في مقدورها سوى رفع الصوت المعترض، وهو في غالب الأحيان من باب رفع العتب لا سيما وأنه لايقترن بأي خطوات عملية تعبر عن حجم الاعتراض كخطوة الاستقالة من الحكومة.
إن هذه القوى المعروفة بالسيادية تبدو في هذه المرحلة بعيدة كل البعد عن واقع التضامن حتى في الأمور غير السياسية، إذ إن أيا منها مثلا لم يقف إلى جانب حزب الكتائب في الطعن المقدم بالضرائب لتمويل السلسلة، وكأن جماهير المستقبل والقوات والاشتراكي لا تعاني من الغلاء والاعباء المعيشية، وهي تعاني بالفعل وقادة هذه الجماهير  تعرف ذلك ولكن إحجامها عن المشاركة في الطعن يأتي فقط من باب عدم منح حزب الكتائب رصيدا شعبيا استطاع أن يحققه من دونهم والاهم أنه حرمهم من الهجوم على هذه الخطوة ووصفها بالشعبوية.
إن هذه القوى المعروفة بالسيادية أصبحت اليوم في موقع العاجز داخليا، وهي بالفعل تنتظر إنقاذا من الخارج قد لا يأتي ولكن الأكيد والمؤكد هو إن أتى فستفرط به مجددا.