IMLebanon

عن لبنان النظيف!

 

كتب د.ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

أما وقد شارفت صيفية لبنان على الانتهاء، وقمر الاصطياف في طريقه الى «ضيعتو» بعدما فلت الادراج معه – حسب تعبير مجازي لأغنية فيروز – وبعد أن هدأت حركة التواصل النشيطة بين لبنان المقيم ولبنان المغترب، يمكن لنا التحدث عن موضوع يكاد يشكل مصدر أرق دائم للبنانيين، ولضيوف بلد الارز الجميل، من دون أن نتهم اننا نخرب موسم الاصطياف، عنيت ملف النفايات المنزلية وغير المنزلية التي تنتشر في كل زاوية، في منظر لا يليق ابدا ببلد تميز بالجمال والرقي والتألق، وكان مثالا يحتذى في العالم، ومقصدا رائعا لعشاق الفن والأدب ولمحبي السهر ولمتذوقي المأكولات الشهية.

يعتصر القلب ألما عندما ترى النفايات من الورق والقناني البلاستيكية والاكياس المختلفة واعقاب السجائر، تنتشر على جوانب الطرقات وفي زوايا الحفافي تحت الاشجار الجميلة في الاغلبية الساحقة من مدن لبنان وقراه، ومنها بلدات تعتبر رمزا للاصطياف والاستجمام.

وعلى حافتي الطرق الساحلية السريعة، مناظر لا يمكن السكوت عن إستمرارها. اكوام من النفايات والفضلات، تشد عين الناظر اليها بدل النظر الى البحر الجميل الذي يتمدد الى أفق روعة المتوسط الهادئ. أما إذا عرجت الى داخل القرى والبلدات – ولا فرق إلا بشكل طفيف إذا كانت باتجاه الشمال او باتجاه الجنوب – فالوضع ليس بأحسن حال: الفوضى البيئية سمة غالبة، تبعث على النفور والاشمئزاز.

الأخطر من كل ذلك: ان بعض الناس اعتادت على تلك المناظر المنفرة. كما ان المسؤولين في الحكومة، او في بعض البلديات، يتصرفون كأن المسؤولية عن تلك المأساة لا تقع على كاهلهم.

منذ صيف العام 2015 ولبنان يعاني من أزمة وطنية – كادت تتحول الى اضطرابات سياسية وأمنية – بعد أن أقفل مطمر الناعمة صيف 2015 والذي كان يستقبل اكثر من ثلثي نفايات لبنان، وبطبيعة الحال لم يكن قادرا على الاستمرار في تحمل المزيد منها. لم توضع خطة لمعالجة المشكلة قابلة للتنفيذ لوقت طويل. والتخبط سيد الموقف، اما الحلول المؤقتة التي تقوم بها بعض البلديات من خلال مشاريع صغيرة، فلا يبدو انها ستعيش عمرا مديدا، او يمكن ان تكون حلا دائما، لأن معظم هذه المشاريع لا تملك قدرة استيعابية كبيرة، وتعاني من عدم توافر مكان لطمر العوادم التي تشكل اكثر من 25% من كمية النفايات المعالجة.

وقرار مجلس الوزراء بتاريخ 21 اذار 2016 والذي فتح بموجبه مطمر الكوستابرافا جنوب بيروت، ومكب برج حمود على الساحل الشمالي لبيروت، لا يمكن اعتباره خطة محكمة لمعالجة الازمة، لأن قدرة الاستيعاب لهذين المطمرين ليست كبيرة. علما ان الطمر يتم بشكل عشوائي، ويبعث روائح كريهة.

ولبنان النظيف، يحتاج اكثر من اي وقت مضى الى توفير مستوعبات الى جانب الطرقات، تخدم المارة الذين لا يلتزم جزء كبير منهم بالتقاليد اللبنانية الراسخة في الحفاظ على نظافة الوطن فيرمون الفضلات من شبابيك السيارات عشوائيا. ووزارة البيئة وعدد كبير من البلديات المعنية، لا يقومون بالحد الادنى من واجباتهم، ولا يطبقون القوانين المرعية تحت حجج واهية، او غير مقنعة اغلب الاحيان.

لا نعتقد ان كلامنا يمكن ان يسيء الى سمعة لبنان، او للسياحة فيه، فواقع اللامبالاة والاهمال وتدني مستوى الشعور بالمسؤولية، لا يمكن إخفاؤها بالتجاهل، او بعدم الحديث عنها.

لبنان الجميل…. يحتاج ان يكون لبنانا نظيفا من النفايات… وهو اليوم ليس كذلك، بكل أسف.