كشفت مصادر لبنانية لصحيفة “العرب” اللندنية أن السبب الذي يدفع حزب الله إلى تأمين انتقال عناصر داعش التي كانت في منطقة جرود رأس بعلبك اللبنانية إلى دير الزور يعود إلى صفقة محكمة بين الحزب وهذا التنظيم الإرهابي.
وأوضحت في هذا المجال أن وجود أسير من حزب الله، على الأقل، لدى داعش يدفعه إلى الحرص على ضمان وصول الدواعش مع أفراد عائلاتهم سالمين آمنين إلى دير الزور في باصات مكيّفة.
ولم تستبعد هذه المصادر أن يكون لدى داعش أكثر من أسير من مقاتلي حزب الله، إضافة إلى ذلك الذي تحدّث عنه حسن نصرالله الأمين العام للحزب بالاسم في خطابه الأخير.
وقالت إن لدى داعش أيضا عناصر من الحرس الثوري الإيراني في ما يبدو. وتسعى طهران إلى إطلاق هؤلاء بأي ثمن من منطلق خشيتها من وجود أسرار لديهم إضافة إلى أنها تريد الظهور في مظهر الحريصة على استعادة أسراها تشبّها بما تفعله إسرائيل.
لكنّ المصادر اللبنانية قالت إن أكثر ما يهمّ إيران في حقيقة الأمر هو ضرورة انتقال مقاتلي داعش إلى دير الزور وإلى مناطق قريبة من الحدود العراقية السورية.
واعتبرت أن ذلك يضع داعش في مواجهة مع المقاتلين الأكراد.
وأضافت أن همّ إيران، بالتفاهم مع تركيا والنظام السوري في الوقت ذاته، منع التوسّع الأميركي في الشمال السوري، وهو توسّع كردي يتم بغطاء أميركي.
وأشارت في هذا المجال إلى أن الأميركيين يدعمون المقاتلين الأكراد في تلك المنطقة ويؤيدون ضمنا قيام منطقة في الأراضي السورية تكون تحت سلطة الحكم الذاتي الكردي.
وذكرت المصادر اللبنانية أن الاهتمام الإيراني بمنع التوسع الكردي في شمال سوريا يلقى تفهّما وتشجيعا وتأييدا تركيّا ويفسّر إلى حد كبير الاندفاعة الأخيرة للقوات التابعة للنظام السوري في اتجاه دير الزور.
وقد حصلت هذه الاندفاعة بمشاركة عناصر من حزب الله وميليشيات مذهبية عراقية تابعة لإيران تعمل بإشراف من قياديين في الحرس الثوري.
ولاحظت المصادر نفسها أنّ الحرص الشديد لإيران، الذي يعبّر عنه حزب الله على وصول قافلة داعش إلى دير الزور يكشف الدور الذي بات يلعبه هذا الحزب اللبناني على الصعيد الإقليمي كأداة لإيران من جهة ومدى الانزعاج الإيراني التركي من أي كيان كردي يمكن أن يتأسس في إحدى المناطق السورية أو العراقية من جهة أخرى.
وأدانت وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، ما أسمته محاصرة المقاتلات الأميركية لموكب تنظيم داعش في سوريا، مضيفة أن “الحرب مع داعش تختلف تماما عن قتل الأبرياء والناس العاديين”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، في تصريح نقلته وكالة مهر الإيرانية إن “الخطوة الأميركية في محاصرة نساء وأطفال مع الأخذ بنظر الاعتبار سجل تعاون الإدارة الأميركية مع داعش يعد أمرا غير منطقي”.
وذكر قاسمي أن المحاصرة الجوية للنساء والأطفال والمدنيين والتي أدت إلى مقتل عدد من النساء الحوامل خلال اليومين الماضيين يمكن أن تتسبب وفي حال استمرارها في كارثة إنسانية وتساعد على انتشار العنف في المنطقة.
وقال مراقبون إن تضخيم إيران وحزب الله البعد الإنساني في أمر قافلة داعش يعكس تغطية على الاتفاق السري بين الطرفين، وأن الأمر أكبر من السماح لمسلحي داعش بالانسحاب من الحدود اللبنانية، متسائلين: لماذا لم تتم مراعاة البعد الإنساني في حصار ميليشيات موالية لإيران لمدن وقرى سورية.
ويرى الباحث في الشؤون السورية والكردية إبراهيم إبراهيم أن الجيش السوري والميليشيات المدعومة من إيران عمدت إلى حماية موكب داعش الذي تعرض إلى ضربات تحذيرية من التحالف الدولي.
وقال إبراهيم في تصريح لـ”العرب” إن “قوات النظام والميليشيات تسعى لنقل عناصر داعش إلى مناطق قريبة من تقدم قوات سوريا الديمقراطية في محاولة لتأخير تقدم الأكراد في الرقة”.
وعزا السبب في ذلك إلى حصول النظام السوري وحلفائه الإيرانيين على فرصة الدخول إلى دير الزور قبل وصول قوات سوريا الديمقراطية، ذات الأغلبية الكردية، وذلك لتأمين معابر بين سوريا والعراق من جهة دير الزور.
وأشار إلى تفاهمات أوسع بين النظام والإيرانيين من جهة ومع داعش من جهة ثانية في دير الزور أيضا، حيث تقدمت قوات النظام بشكل سريع في دير الزور نتيجة فتح ممرات آمنة لعناصر داعش للخروج منها باتجاه الرقة وإشغال الأكراد بمجموعات داعش الإضافية للحيلولة دون وصولهم إلى أي منطقة أبعد من الرقة.