تحقيق IMLebanon:
في ظل الوضع المرير الذي نعيشه من زيادة ضرائب وتلويح بزيادة الأقساط المدرسة في المدارس الخاصة، تشع بارقة أمل من دير سيدة ميفوق في جبيل، إذ أعلنت إدارة المدرسة أنها مستمرة برسالتها المسيحية وهي الوقوقف الى جانب الناس خصوصا في هذه الأيام العصيبة، معلنة أن تكلفة التلميذ الداخلي أو الخارجي هي 650 ألف ليرة لبنانية فقط لا غير، وأن النقل مؤمن من وإلى كافة القرى المجاورة.
هذا الإعلان الذي إنتشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي كالنار في الهشيم يطرح أكثر من علامة إستفهام، اذ كيف يمكن لهذه المدرسة أن تستمر وهي تضع تلك التعرفة الزهيدة؟ ولمَ لا تقوم إذن المدارس الخاصة الأخرى بالمثل حمايةً للتعليم ورأفة بالاهالس؟
“الديون رميناها في النفايات ولا نريد شيئاً ممن لا يملك المال“
خادم المدرسة الأب ناجي أبي سلوم يؤكد في حديث لـIMlebanon أن “المدرسة منذ العام 2007 وهي تعتمد سياسة تخفيض الأقساط المدرسية قدر الإمكان لإراحة الأهالي”، مضيفاً: “كل عام ننشر الإعلان نفسه لكن مع بعض التغييرات ومنذ عام 2007 قررنا إلغاء القسط المدرسي، وكل الديون القديمة المترتبة على الأولاد وأهلهم “رميناها في النفايات” ووضعنا رسوما مدرسية بقيمة 450 ألف ليرة واليوم قمنا بزيادة 200 ألف ليرة لبنانية لتصبح 650 أليف ليرة، لكن بالتأكيد هذا القسط للأهالي القادرين على الدفع، فالعائلة التي لا يمكنها تكبد تكاليف تعليم أولادها فنحن لا نريد شيئا منها”.
الاب أبي سلوم يلفت الى ان “تلاميذ التعليم الداخلي (للبنين) من عمر 5 سنوات لعمر 15 سنة نسجلهم في المدرسة على حساب وزارة الشؤون الإجتماعية ونتقاضى 4 دولار لليوم الواحد عن كل ولد، ونؤمن له المأكل والمشرب والمنامة والتعليم في مدرسة خاصة، صحيح أن هذا المبلغ زهيد جدا ولكن “بحصة بتسند خابية”، ونحن لا نريد شيئا في الدير، وكل ما ننتجه هو للمدرسة والأولاد، ويهمنا ان ندفع رواتب الأساتذة، ومستوى مدرستنا من بين أهم المدارس في لبنان ونهتم بالتلاميذ إنسانيا ومسيحيا”.
“رفضنا إقفال المدرسة وقررنا البقاء رغم الصعوبات“
وعما إذا كان مبلغ الـ650 ألف ليرة كاف للمدرسة، يشدد الأب أبي سلوم على أن “هذا المبلغ لا يقدم ولا يؤخر ولكن نحن في حال كنا بحاجة الى أي مساعدة مادية فنلجأ الى الرئاسة العامة في الرهبنة المارونية لتساعدنا لأننا نعمل بإسم الرهبنة”.
ويشرح: “بالطبع المدارس الخاصة الأخرى لا يمكنها تخفيض القسط المدرسي مثلنا لأننا لا نقوم بأي شيء جديد ولا ببناء أبنية وتوسيع المساحات وغيرها من الأمور المكلفة، فالموجود عندنا جيد ويكفينا، وبالتأكيد إذا اردنا بناء أبنية جديدة فستكون الأقساط باهظة”.
ويكشف أن “عدد التلاميذ في المدرسة يتخطى الـ300 من الروضة وصولا الى الـBrevet، وفي العام 2007 كان عدد التلاميذ 120 فقط وكان هناك إتجاه لإقفال المدرسة، ولكن رفضنا هذا الأمر لأنه في حال أقفلت المدرسة فهناك 20 ضيعة في محيط الدير لن يكون أهاليها قادرون على تعليم أولادهم وسيضطروا الى إستئجار شقق في الساحل بالإضافة الى تسجيلهم في المدارس الرسمية التي نعرف جيدا مستواها التعليمي للأسف، لذلك رفضنا هذا الأمر لكي يبقى شعبنا في هذا الجبل”.
“نقف الى جانب الأهالي… وميزانيتنا مليار ليرة في السنة“
وتعليقاً على المدارس الخاصة الأخرى التي ترفع من أقساطها، يردّ الأب أبي سلوم: “هذه سياستنا وكل مدرسة لها الخيار بالقيام بما يحلو لها ولا أعرف ما هي مصاريف ومتطلبات المدارس الأخرى، لكن نحن في هذا الوضع الصعب لا يمكننا أن نرفع القسط المدرسي كثيرا خصوصا أن مبلغ الـ650 ألف ليرة لا يدفعه جميع الأهالي، لذا نحاول قدر الإمكان الوقوف الى جانبهم، فالعائلة التي لا يمكنها دفع القسط لا نريد شيئا منها خصوصا أن العائلات التي تبقى في الجبل هي في أغلب الأحيان العائلات الفقيرة والمتواضعة”.
ويشير الى أن “كل شيء مؤمن للتلاميذ في المدرسة الداخلية من تدفئة وأسرة وطعام وتعليم، وفي حال كنا بحاجة الى أي مساعدة فالرهبنة المارونية قادرة على مساعدتنا، أما بالنسبة لوزارة الشؤون الإجتماعية فصحيح أنها تأخرت عامين عن دفع المستحقات ولكن في النهاية لن يذهب أي شيء هدرا وسنتقاضى الأموال عاجلا ام آجلا، ونأمل ان تقوم الوزارة برفع مبلغ الـ4$ الذي تدفعه مع زيادة السلسلة”.
وضع مدرسة سيدة ميفوق
وعن وضع المدرسة والمصاريف المتوجبة، يوضح ابي سلوم ان “عدد المعلمين يصل الى 23 وكل شهر نحن بحاجة الى 40 مليون ليرة لبنانية لكي ندفع رواتبهم، فيما ميزانيتنا الخاصة تصل الى مليار ليرة لبنانية سنويا، فهناك مصاريف أخرى غير دفع رواتب الأساتذة، مثل المازوت للتدفئة لان المدرس تقع في منطقة جبلية، بالإضافة الى الطعام، والكهرباء والصيانة وتأمين المنامة للأولاد في المدرسة الداخلية”.
أما بالنسبة للوائح الكتب والقرطاسية، فيؤكد أنه “بالمبدأ الأولاد يشترون كتبهم ولكن في الوقت نفسه أسعى دائما الى تأمين الكتب المستعملة لهم من التلاميذ القدامى وأقوم بتوزيعها على الأولاد الجدد وخصوصا الذين لا يمكنهم شراءها، ونحن اليوم قادرون على إستيعاب حتى 450 تلميذ، ولن نضع أي زيادة على الأقساط فنحن مدرستنا صغيرة ومتواضعة للفقراء مثلنا”.