Site icon IMLebanon

“تغريدة السبهان”: مؤشر سلبي ورسالة “ثلاثية الأبعاد”

التطورات المتسارعة في لبنان والملفات المتراكمة على أنواعها والضغوط المتدافعة في اتجاهات عدة لم تحجب «تغريدة سياسية» مقتضبة ولكن معبرة أطلقها وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي وقال فيها: «ما يفعله حزب الشيطان من جرائم لاإنسانية في أمتنا سوف تنعكس آثاره على لبنان حتما، ويجب على اللبنانيين الاختيار معه أو ضده. دماء العرب غالية».

هذه «التغريدة الموقف» استأثرت باهتمام شديد لدى الأوساط المعنية بها مباشرة أو غير مباشرة، وهذا الاهتمام حصل للأسباب التالية:

1- المضمون الهجومي العنيف والنبرة العالية ضد “حزب الله” والصادرة عن مسؤول سعودي رفيع المستوى مكلف بالملف اللبناني الى جانب «مسؤوليته الخليجية»، ومع صلاحيات استثنائية.

2- هذا الموقف يأتي بعد أيام على زيارة للوزير السبهان الى بيروت كانت غير عادية في لقاءاتها السياسية المتعددة وظل أكثرها بعيدا عن الإعلام، وفي اللقاءات الرسمية التي لم تحصل، وتحديدا مع الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري. ولعل هذه التغريدة تعكس أجواء الزيارة والرسائل التي حملها معه السبهان وأبلغها الى الحلفاء والأصدقاء، وحيث تفيد المعلومات بأن السبهان عبر عن عدم ارتياح بلاده الى منحى الأوضاع في لبنان الذي ينزلق أكثر في اتجاه تعزيز سيطرة حزب الله والوصاية الإيرانية، وعبر عن عدم رضاه عن سياسة ومواقف رئيس الجمهورية غير المنسجم مع الموقف الخليجي والعربي العام والمنحاز الى سورية وإيران. وتضيف هذه المعلومات أن كلام السبهان عكس عدم رضا أيضا عن أداء الحريري وسياسته لأنه يذهب بعيدا في مهادنة ومراضاة حزب الله وتغطيته (كما حصل أخيرا في معركة جرود عرسال وفي اتفاق ترحيل «داعش») وكأن السعودية باتت على قناعة بأن الحريري لم يعد يصلح لأن يكون رجل المرحلة والمواجهة، وهو إذا امتلك إرادة المواجهة لا يمتلك القدرة على ذلك.

ولذلك فإن الرياض لم تعد تحصر علاقاتها السنية واللبنانية عبر الحريري كممر إلزامي أو كزعيم مطلق أو كحليف أوحد وإنما شرعت في البحث عن قيادات سنية رديفة في إطار عملية إعادة ترتيب البيت السني وأوضاع الطائفة، إضافة الى البحث عن إطار سياسي جديد لحلفائها أو عن جبهة سياسية تكون بديلا عن 14 آذار أو نسخة منقحة عنها، وحيث ان الرياض تدعم اللبنانيين لتحقيق التوازن الذي يحول دون تغليب أي فريق إقليمي على آخر، في إشارة الى الحد من المد الإيراني. وكان لافتا حديثه عن الانتخابات النيابية المقبلة ومفاعيلها السياسية والشعبية في آن، وما يمكن أن تشكله من تطور في التوجهات السياسية اللبنانية.

3- «تغريدة السبهان» معطوفة على نتائج زيارته الى بيروت تحمل في طياتها رسالة سياسية ثلاثية الأبعاد:

٭ رسالة مباشرة الى حزب الله بعدم القبول بمزيد من سيطرته في لبنان ومزيد من الاختراق لمؤسسات الدولة، خصوصا الأمنية والعسكرية.

٭ رسالة مباشرة الى الحكومة اللبنانية بعدم قبول السياسة المتهاونة مع حزب الله والمواقف الرمادية، فإما أن تكونوا معنا أو ضدنا.

٭ رسالة غير مباشرة الى الحلفاء لتعديل أسلوبهم مع حزب الله ليصبح أقل مسايرة وأكثر تشددا تماشيا مع المناخ السعودي والأميركي المتجه الى تضييق الخناق أكثر عليه.

الذين التقوا الموفد السعودي أكدوا أنه وضعهم في أجواء التطورات في المنطقة وموقف المملكة منها لاسيما ما يتصل بالتسوية السورية التي قال المسؤول السعودي إنها قطعت شوطا متقدما، لكنها من منظار الوزير السبهان فهي لا تصب في مصلحة النفوذ الايراني في المنطقة، وأن التوازنات الإقليمية لا تعني السماح لإيران بوضع يدها على أي دولة عربية، وبالتالي فإنه لا صحة لأي معلومات عن تنازلات قدمت لمصلحة إيران، لا في اليمن ولا في العراق أو سورية أو لبنان.

4- الموقف الذي عبر عنه الوزير السعودي لا ينسجم مع مناخات وتقديرات تفيد بأن هناك انفراجات محتملة في العلاقة بين السعودية وإيران، استنادا الى مؤشرات ظهرت وكان آخرها توجه وفد سعودي الى طهران لتفقد مقرات ديبلوماسية، وقبل ذلك مبادرة السعودية الى رفع عدد الحجاج الإيرانيين في موسم الحج لهذا العام (من خمسين ألفا الى نحو 85 ألفا).