Site icon IMLebanon

دعم الجيش اللبناني مادة رئيسية في محادثات بوتين والحريري

 

 

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

تحمل زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى موسكو، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين المقبل، عناوين عدّة تبدو في الظاهر أنها ستركّز على دعم الجيش اللبناني للتصدّي للإرهاب، ومواجهة أزمة النزوح السوري إلى لبنان، لكنها في المضمون تنطوي على عناوين سياسية بالغة الحساسية بالنسبة للكرملين، أبرزها بحث مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية للحلّ السياسي، الذي سيكون مادة رئيسية على طاولة المحادثات.

ولا ينفي مقربون من رئيس الوزراء اللبناني أن مهمة الأخير في موسكو ستكون صعبة، وربما لن يكون بمقدور الحريري إقناع بوتين بالتخلّي عن ورقة الأسد، لكن الرئيس الروسي يعرف تماماً أن الحريري يمثّل صوتاً عربياً وإقليمياً قوياً، حيث أوضح عضو كتلة «المستقبل» النيابية، النائب عقاب صقر، أن زيارة الحريري للعاصمة الروسية «ستبحث الوضع اللبناني بشكل أساسي، باعتبار أن روسيا باتت لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط والعالم العربي»، لافتاً إلى أن الحريري «يأمل في أن يصبّ الدور الروسي في صالح دول المنطقة وشعوبها، وأن ينعكس ذلك إيجاباً على روسيا نفسها»، مشيراً إلى أن الحريري «سيدفع بهذا الاتجاه».

وشدد صقر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على «أهمية تحسين العلاقات الروسية مع لبنان، في إطار تحسين علاقاتها مع شعوب المنطقة»، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء اللبناني «سيدلي بدلوه في الملف السوري لأن لبنان يتأثر إلى حدٍ كبير بالأزمة السورية، وقد سبق له أن تعرّض لاحتلال من قبل النظام السوري»، وتابع: «الرئيس الحريري لديه انفتاح كبير على الجانب الروسي لإيمانه بأن الدور الروسي مهم، وأهمية أن يكون دوراً متوازناً في المنطقة، يدرك أنه لا مستقبل لسوريا، ولا مستقبل لعلاقات روسية عربية قوية، بوجود بشار الأسد في السلطة».

كان الحريري قد أعلن، في تصريح له من باريس، غداة لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه سيناقش مع الرئيس الروسي دور الأسد في المرحلة الانتقالية في سوريا، وأكد أن «العالم كلّه سيحاسب بشار الأسد على جرائمه في يوم من الأيام».

ورغم صعوبة تغيير موقف موسكو الداعم لرئيس النظام السوري، كشف عضو كتلة «المستقبل»، عقاب صقر، أن «القيادة الروسية تعترف بالكواليس أنه لا دور للأسد في مستقبل سوريا، لكن المشكلة تكمن في تأمين البديل، ومن سيكون البديل في المرحلة الانتقالية»، لافتاً إلى أن الحريري «سيشدد خلال لقائه بوتين على وحدة سوريا، أرضاً وشعباً».

وعن مدى قدرة الحريري على إقناع بوتين بالتخلي عن الأسد، في وقت عجزت فيه دول القرار عن تغيير موقف الكرملين، أوضح عقاب صقر أن الحريري «ليس لديه وهم بأنه قادر على تغيير موقف روسيا، لكنه سيبيّن لبوتين مخاطر بقاء الأسد على مستقبل سوريا ومستقبل لبنان، ومخاطره على العلاقات العربية الروسية»، مؤكداً أن رئيس الحكومة «لديه مبررات لذلك، وهذه المبررات نابعة من معطيات، وتأكد ذلك من دعم نظام الأسد لتنظيم (داعش)، وتقديم المساعدات لقافلة التنظيم على أطراف دير الزور، وهذا أفضل دليل على أن بشار الأسد خير داعم لـ(داعش)».

أما مدير «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، فرأى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قدرة الحريري على التغيير في الموقف الروسي ليست كبيرة، لكن موسكو تعرف أن الحريري يمثّل صوتاً عربياً وإقليمياً قوياً، يعبّر عن استحالة التوصل إلى تسوية في سوريا، مع بقاء الأسد في السلطة»، لافتاً إلى أن «موقف الحريري، الذي أطلقه من باريس ضدّ الأسد، جاء متناغماً مع موقف وزير الخارجية الفرنسي الهجومي على النظام السوري».

وشدد سامي نادر على أن «الروسي يريد الاستقرار في سوريا، لكنه يدرك أن هذا الاستقرار لن يتأمن مع استمرار الأسد، عدا عن أن الدعم الروسي للأسد مكلف سنيّاً، في وقت لا يستطيع فيه بوتين تجاهل ما تريده إيران»، واستدرك قائلاً: «مرحلة ما بعد (داعش) لن تكون كما قبلها، وهي ستشهد تمايزاً روسياً إيرانياً. وإذا ساءت العلاقة بين طهران وموسكو، فإن الأخيرة لن تتردد في بيع ورقة الأسد، مع الإبقاء على قواعدها ومصالحها في سوريا».

ويبدو أن الاستياء الإقليمي من دور إيران في سوريا بدأ يتعاظم، إذ توقف النائب عقاب صقر عند الموقف العراقي الجديد، واتهام الأسد و«حزب الله» بإرسال الإرهابيين إلى حدود العراق، بواسطة باصات مكيفة، مشيراً إلى أن «نظام الأسد يعيش على المتاجرة بورقة الإرهاب، وهو بحاجة إلى الإرهاب ليمارس إرهابه على الشعب السوري، وعلى دول الجوار»، وأوضح أن الروس «يقولون في الغرف المغلقة إنهم غير متمسكين بالأسد، لكنهم يتجنبون إثارة هذه المسألة عبر الإعلام، لكي لا يؤدي ذلك إلى انهيارات سريعة في صفوف جماعة النظام».