اشارت صحيفة “الجمهورية” الى ان الملف الاكثر سخونةً، هو ملفّ بواخر الكهرباء الذي ينذِر باشتباك حكومي سياسي حوله، ربطاً بالتقرير الذي اعدّته ادارة المناقصات حول دفتر الشروط الجديد، وأحالته الى وزير الطاقة سيزار ابي خليل بعد ظهر الخميس، متضمّناً سلسلة من الثغرات القانونية التي تَحول دون وضعِه موضع التنفيذ.
وجاء في تقرير إدارة المناقصات: «من التدقيق في دفتر الشروط الخاص بالصفقة، ومن خلال تجربة استدراج العروض الملغى، يتبيّن وجود مؤشرات جدّية توصل إلى عارض وحيد، منها على سبيل المثال: مهل التنفيذ 3 أشهر و6 أشهر، ومهلة تقديم العروض 21 يومًا، وخيار التشغيل HFO/Diesel… وإنّ دفتر الشروط المعروض لا يستجيب لمبادئ العلنية والمنافسة والمساواة وتكافؤ الفرص على نحوِ ما سبق تبيانُه، ويخالف أحكام قانون المحاسبة العمومية، سيّما لناحية مهلة الإعلان وشروط الاشتراك في المناقصة».
وفي إشارة إلى ملاحظات غير مرضية لفريق المناقصة، حدَّد وزير الطاقة سيزار أبي خليل لصحيفة “الجمهورية” النقاط التالية:
أوّلاً، الملاحظات التي وضَعتها هيئة إدارة المناقصات على دفتر الشروط لا تُلزم وزير الطاقة وفق قانون المحاسبة العمومية.
ثانياً، نموذج دفتر الشروط الذي أرسلته إلى الهيئة، هو نفس نموذج دفتر الشروط الذي استعملناه في مناقصة معامل الزوق والجيّة ودير عمار ووافقت عليه إدارة المناقصات، وبالتالي، كلّ ملاحظة توضَع اليوم تدلّ على وجود تدخّلات سياسية في ملفّ الكهرباء، لأنّ إدارة المناقصات سبق أن وافقت على الشروط نفسِها.
ثالثاً، من خلال قراءة هذه الملاحظات يتبيّن أنّها قالت الشيءَ ونقيضَه.
رابعاً، ملاحظات هيئة إدارة المناقصات تبلّغتها بعد ظهر الخميس فوزّعتها على فريق العمل لكي يطّلع عليها في نهاية الاسبوع، وسنجتمع الثلثاء (اليوم) لتقييمها، فإذا وجدنا ما يمكن أخذه في الاعتبار سنفعل، لكن من الواضح وجود ملاحظات خاطئة، وهي ناجمة إمّا من عدم إحاطة تقنية بالموضوع، أو من سوء نيّة وتدخّلات. وبناءً عليه، أرسل جوابي إلى رئيس هيئة ادارة المناقصات لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي وافقَ على دفتر الشروط.
ودعا أبي خليل اخيراً، من يعترض على خطة الكهرباء «إلى الاعتراض علناً، لا الاختباء وراء موظف”.
فيما جدّد حزب الكتائب مطالبتَه المجلس النيابي بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لكشفِ كلّ ملابسات صفقة البواخر، قالت مصادر وزارية لصحيفة «الجمهورية»: «ما نخشاه في مناقصة البواخر، ان تكون خلف الأكمة محاولة واضحة لنصبِ كمينٍ، يوصل في نهاية الامر الى تحقيق ما رمى اليه اهل المناقصة من البداية، اي الوصول الى صفقة بالتراضي لصالح عارضٍ وحيد هو الشركة التركية، التي تبيّنَ انّ دفتر الشروط الثاني «مدوزَن»على مقاسها».
وأضافت المصادر: «ما وفّرته حلقات مسلسل «مناقصة البواخر» من معلومات وتفاصيل ومناورات وأساليب، يكشف عن عيوب في الممارسة تخفي نيّات غير بريئة، وإصراراً على إجراء صفقة باتت مقاصدُها وغاياتها معروفة.
وما عزّز الريبة اكثر هو أنّ صياغة قرار مجلس الوزراء تاريخ ٢٤ آب ٢٠١٧، المتعلّق بإحالة دفتر شروط مناقصة البواخر، قد جاءت مخالفةً لِما تمَّ الاتفاق عليه في جلسة الحكومة، وبعيدةً من تصريحات الوزراء المعترضين. وباستباق مجلس الوزراء دورَ إدارة المناقصات من خلال تحديد التعديلات المطلوبة سلفاً، وبمحاصرتها بمهلةٍ ضيّقة حدّدها بـ ٤٨ ساعة مخالفةٌ واضحة لقانون المحاسبة العمومية ولنظام المناقصات”.
وتساءلت المصادر الوزارية : “كيف يمكن ان يُعدّ في هذه المناقصة دفتر شروط منسوخ عن دفتر شروط معمل دير عمار القديم، بكلّ ما انطوى عليه من التباسات أدّت إلى ما أدّت إليه من نتائج سلبية لم يظهر منها الى العلن سوى قضية الضريبة على القيمة المضافة، حيث يبدو أنّنا مع المناقصة الجديدة، أمام احتمال تكرارها والوقوع في نفس الفخّ، لا سيّما وأنّ العقد المرفق بدفتر الشروط يحدّد سلفاً نوع التكليف الضريبي واحتساب التوقيفات والمقتطعات الضريبية، التي تدخل ضمن اختصاص القانون الضريبي، حصراً دون سواه؟”
وقالت المصادر: «إنّ هذا الأمر لا بدّ أن يشكّل في مجلس الوزراء نقطة اشتباك جديدة، وسنسعى جهدنا لإيقاف هذا المسلسل الذي حدّد سلفاً طريقه إلى إفقار خزينة الدولة على حساب مصالح خاصة بعقدِ صفقاتٍ مشبوهة مع شركة تُثار حولها علامات استفهام. وما نحن امامه اليوم هو استدراج عروض جديد يجري في هذا الاتجاه وعلى أساس دفتر شروط «مدوزَن» على قياس «كاردينيز». والخشية من عملية احتيالية تجري بسيناريو
مفترَض يُبقي على الصفقة حيّة، بحيث يَعمد مجلس الوزراء الى ان يجيزَ لنفسه التعاقد بالتراضي مع العارض الوحيد الموجود، اي الشركة التركية، بحجّة الفشل في الوصول الى نتيجة إيجابية من إجراء استدراج العروض مرّتين متتاليتين»؟
ولفتَت المصادر الوزارية الى «أنّ مسؤولية وقفِ هذه المسرحية الملهاة تقع على الوزراء المعارضين لهذه الصفقة، وخصوصاً وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» و«القوات اللبنانية» و«المردة» و«اللقاء الديموقراطي»، قبل أن تؤدّي الى مأساة لا تُحمد عقباها، في ظروف لم تعد فيها الماليّة العامة قادرةً على دفع أيّ أثمان قد تترتّب عن الدلعِ السياسي الذي آنَ الأوان لوقفِه، وكذلك وقف الاستخفافِ بعقول الناس وحقوق المواطنين، والاستهتارِ بالقوانين الذي يفترض محاسبة المسؤولين عنه”.