كتب جوزف فرح في صحيفة “الديار”:
في ظل الانتظار الذي يعيشه المسؤولون والمواطنون معاً لمعرفة القرار الذي سيصدره المجلس الدستوري بالنسبة لقانون الضرائب رقم 45 وامكانية رده بناء على الطعن الذي تقدم به عشرة نواب، وفي ظل تجميد او تعليق استيفاء اية رسوم او ضرائب نص عليها القانون المعلّق تنفيذه، يعيش قانون سلسلة الرتب والرواتب بالنسبة لمعلمي القطاع الخاص «مرحلة عسيرة» من الاخذ والرد، والحوار ورفع الاقساط المدرسية، رغم ان وزير التربية مروان حمادة انشأ لجنة طوارئ رسمت خارطة طريق لتأمين مقاربة موحدة للقانون 515 الذي ينظم الموازنة المدرسية بما فيها من مصاريف ورواتب للمعلمين واقساط مدرسية. والاجتماعات حتى الآن لم تتوصل الى اية حلول.
وقد عقدت اللجنة اجتماعها الاول يوم الاثنين رغم عطلة عيد الاضحى، على ان تعقد اجتماعها المقبل يوم الخميس المقبل على ضوء تسارع الاحداث التربوية خصوصاً في ما يتعلق بالمؤتمر الذي عقدته المدارس الكاثوليكية برئاسة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي و«اللغة التصعيدية» التي اعتمدتها بحضور وزير التربية نفسه، واقدام عدد كبير من المدارس على رفع اقساطها المدرسية رغم طلب وزارة التربية الالتزام بتعميمها المبني على المادة 5 من القانون 515 والداعي الى استيفاء القسط الاول على ان لا تتجاوز نسبة 30 في المئة من القسط السنوي للسنة الدراسية السابقة كدفعة على الحساب بانتظار ما تقرره لجنة الطوارئ الحوارية برئاسة الوزير حماده.
ولعل ما قاله البطريرك الماروني في المؤتمر السنوي الرابع والعشرين للمدارس الكاثوليكية يعطي صورة ضبابية حول الموقف من قضية الاقساط المدرسية حيث طالب الدولة بدعم التعليم الخاص مالياً ودفع فرق الزيادات على الرواتب، لان المدارس الكاثوليكية ليست ضد زيادة رواتب المعلمين ولا هي تريد ارهاق الاهل بزيادة الاقساط.
وفي هذا الاطار يقول امين عام المدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار لـ «الديار» ان على الدولة ان تتحمل مسؤولياتها حيث من واجبها المساهمة في تعليم التلاميذ في المدارس الخاصة، خصوصاً ان الدولة لم تقم بتحريك السلاسل منذ العام 2008 ولم تتطرق الى غلاء المعيشة بل عمدت الى فرض السلسلة بحيث لا تستطيع المدارس تأمين هذه الاموال ولا الاهل قادرون على دفع الزيادات المرهقة.
واضاف الاب عازار: نحن لا نغطي اي مدرسة خالفت القانون 515 الذي ينظم الموازنة المدرسية وفيها المصاريف والرواتب والاقساط وقامت بزيادة غير مبررة، لكن لا يمكن ان تفرض على المدارس الخاصة احجام الدولة عن القيام بواجباتها تجاه التعليم الخاص، وبالتالي لا بد من العودة الى القانون 515، ودراسة التقلبات السنوية في هذه الموازنة من تطور سلم الرتب والرواتب والدرجات للاساتذة وانعكاساتها، وتطور غلاء المعيشة الذي يجب ان يعطي سنوياً وهذا ما يرتب اعباء اضافية على الموازنة بنسبة 65 في المئة من الرواتب والاجور.
ورداً على سؤال حول قرار وزارة التربية التريث بقبض الاقساط المدرسية والالتزام بتعميم وزارة التربية المبني على المادة 5 من القانون 515 والداعي الى استيفاء القسط الاول على الا تتجاوز النسبة الـ30 في المئة من القسط السنوي للسنة الدراسية السابقة وكدفعة على الحساب قال الاب عازار: لقد تم ارسال الموازنة المدرسية بعد نيل موافقة لجان الاهل في المدارس بطريقة رسمية وبحضور مندوب عن وزارة التربية ولم تعط وزارة التربية اي جواب عليها، معلناً التعاون مع لجنة الطوارئ التي شكلها الوزير حمادة الى آخر الحدود ولكننا لن نسكت عن الحق الذي ينص على ان تقوم الدولة بتعليم اولاد القطاع الخاص لان التعليم منفعة عامة.
لكن الوزير حمادة كان صريحاً خلال اجتماع لجنة الطوارئ يوم الاثنين الماضي عندما اعتبر ان هذا الطرح غير قابل للتطبيق لاسباب عدة:
1- اطلاق الحوار وتطويره واعطاؤه الفترة الزمنية الكافية لتثميره نتائج مرضية للجميع.
2- الالتزام بتعميم وزارة التربية المبني على المادة 5 من القانون 515 .
3- اعتبار السنوات الخمس الماضية مادة استقصائية لتحديد تطور الاقساط واسبابها.
4- تفعيل عمل المجالس التحكمية.
5- انتظار القرار الذي سيصدر عن لجنة الطوارئ.
مصادر تربوية مطلعة ذكرت ان البطريرك الراعي رمى من وراء كلمته التي وجهها الى رئيس المجلس النيابي طالبه فيها باعتبار المدرسة الخاصة ذات منفعة عامة ودفع رواتب المعلمين لقاء حق المراقبة، وبالتالي ان يتم دفع فرق الرواتب لقاء حق المراقبة، وقد يكون ذلك من خلال اقتراحات القوانين التصويبية لقانون الضرائب وقانون سلسلة الرتب والرواتب.
ويبقى السؤال هل يمكن للدولة ان تقوم بهذا العمل في ظل العجز الذي تعانيه موازنة الدولة.
في هذا الوقت اعلن رئيس اتحاد لجان الاهل في المدارس الكاثوليكية كامل ريشاني ان الاهالي يرفضون اي زيادة على الاقساط المدرسية تحت طائلة عدم ارسال الاولاد الى المدارس، داعياً الدولة الى تحمل مسؤولياتها في تداعيات السلسلة للمعلمين.
على اية حال يبدو ان موضوع ارتفاع الاقساط المدرسية سيؤثر على انتساب الطلاب بين القطاعين العام والخاص حيث ذكر المدير العام للتربية فادي يرق ان اقبالاً كبيراً من الطلاب وخصوصاً في الصفوف الثانوية للانتساب الى التعليم الرسمي، ومن اجل تشجيع الاهالي على انتساب اولادهم الى التعليم الرسمي فقد اضافت ورممت اكثر من 200 روضة للاطفال المبتدئين.
واضاف يرق: كما ان هناك اقبالاً من الطلاب السوريين على الانتساب الى المدارس الرسمية.
ووصف النقيب السابق للمعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ ما يحصل بانه «همروجة» اعلامية ليس اكثر من تبرير لزيادة الاقساط المدرسية، وبالتالي على لجنة الحوار التربوية ان تعي هذا الامر وتمنع ذلك بالاتفاق مع لجان الاهل، الا بالحد الادنى المقبول به.
ووصف محفوظ ما تطالب به المدارس الكاثوليكية بدعم القطاع الخاص مالياً بغير الممكن لان الدولة لا يمكنها ان تدعم مدارس لا تشرف عليها.
واعتبر مستشار وزير التربية انور ضو ان الوزارة قامت بعمل مميز من خلال مشاركة نقابة خبراء المحاسبة في اجتماع الحوار الذي ترأسه الوزير مروان حمادة للاطلاع بدور التدقيق في موازنات المدارس الخاصة ضمن اطار من الشفافية والموضوعية.
واكد ضو ان طرح البطريرك الماروني قد طرحه ممثلون في لجنة الحوار حيث اكدوا ان ارتفاع الاسعار وغلاء المعيشة متواصلين وطالبوا بدعم القطاع الخاص واعطوا امثلة في اوروبا حيث تقوم الدولة بتقديم هذا الدعم، لكن الوزير حمادة اكد ان هذا الملف سيتم طرحه في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، مع العلم ان الدولة تقدم مساعدات للموظفين والسلك العسكري.
وحول الاقبال الذي يشهده التعليم الرسمي قال ضو ان يوم امس كان اليوم الاول للتسجيل في المدارس الرسمية ويفترض ان يشهد اقبالاً.
الجدير ذكره ان عدد الطلاب في التعليم الخاص يربو على الـ750 الف طالب، وفي التعليم الرسمي 250 الف.
وتبقى المشكلة الكبرى الطلاب السوريين واعدادهم المتزايدة وقرار وزارة التربية بان الاولوية للطلاب اللبنانيين، مع اعتماد خيار العام الماضي بفتح مدارس للاجئين السوريين بعد الظهر، لكن المشكلة تبقى في عدم وجود المباني المدرسية لاستيعاب اعداد هؤلاء الطلاب بالاضافة الى تقليص الامم المتحدة لموازنتها في ظل استياء من القيمين في الامم المتحدة على ملف المدارس والهدر الكبير في تسجيل المدرسين والقرطاسية والكتب وغيره، وقد اثارت الامم المتحدة هذا الموضوع مع المسؤولين اللبنانيين.
لكن اللافت ايضا رفع الجامعات والمدارس الخاصة لاقساطها بنسبة تفوق الـ25% وبدون اي ردود فعل او اي تدخل من قبل الدولة.