كتب احمد عبدالفتاح في صحيفة “القبس” الكويتية:
صعد الفلسطينيون من أبناء الطائفة المسيحية الأرثوذوكسية والطوائف المسيحية الأخرى من اعتراضهم على بطريرك القدس ثيوفولس، والمجمع الكنسي الذي يترأسه، حيث نظم المئات منهم أمس تظاهرة احتجاجية، هي الأولى من نوعها، طالبته بالرحيل فوراً، ووقف جميع الصفقات المشبوهة، التي تنسب له ببيع وتسريب أراض وعقارات مملوكة للكنيسة في القدس المحتلة لجمعيات استيطانية ومستوطنين.
وقد شارك في التظاهرة المئات من سائر الطوائف المسيحية، وعدد من الفعاليات الإسلامية، انطلاقا من منطقة «باب الخليل» في البلدة القديمة من القدس، وهي المنطقة ذاتها التي يتهم البطريرك ببيع فندقي «بترا» و«امبريال» التاريخيين فيها، وحتى مقر البطريركية.
وكان لافتاً أن المشاركين في التظاهرة قدموا من مختلف مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية والقدس وإسرائيل، استجابة لممثلي المجالس المحلية في عكا وحيفا ويافا وعبلين وغالبية المؤسسات الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة، التي قررت تصعيد حملة الاحتجاج ضد بطريرك القدس، بسبب تسريب وبيع أراضي الكنيسة وعقاراتها للاحتلال الإسرائيلي وجمعياته الاستيطانية».
ورفع المتظاهرون لافتات بلغات عدة، تؤكد التمسك بعقارات وأراضي الوقف المسيحي في القدس وسائر الوطن الفلسطيني، وأخرى تدعو بطريرك القدس ومجمعه الكنسي إلى «الرحيل».
وتوجه عدد من المتظاهرين من الشخصيات الاعتبارية وزعماء الطوائف إلى مقر البطريركية الأرثوذكسية في القدس القديمة، ووضعت في عهدتها رسالة واضحة تطالب باستقالة البطريرك ومجمعه الكنسي، فضلاً عن مطالب عدة حول الأملاك والعقارات التي تم تسريبها وبيعها، والمطالبة بمحاكمة الشخصيات المتورطة في هذه الصفقات.
ووزعت أمس رسالة مفتوحة باسم المجالس المحلية الأرثوذكسية وحراك «الحقيقة»، وشخصيات وطنية فلسطينية، قالوا فيها: «منذ الآن، لا نعترف بأنك بطريرك المدينة المقدسة؛ فإن من يخون الأمانة بحفنات من الدولارات، مثل يهوذا الإسخريوطي، لا يمكنه ولا يحق له أن يسمّى بطريركاً. كلمة بطريرك تعني الأب، وبفشلك أفقدتَ نفسك هذه القيمة وهذا المعنى».
وأضافوا في رسالتهم مخاطبين البطريرك: «جريمتك تجاه كنيستنا كبيرة، كبيرة جداً، والحقائق التي نعرفها هائلة وصادمة، وفسادك الذي تخفيه أعظم وأفدح مما نعرفه. هذه معركتنا نحن، رهباناً وكهنةً ومؤمنين، هذه معركة كل حر وكل شريف، هي معركة إلهية ووطنية ضد يهوذا المتجسّد في أفعالك».
وتعتبر طائفة الروم الأرثوذوكس هي الأكبر من بين الطوائف المسيحية الأخرى في فلسطين، ويتبع لبطريرك القدس الكنيسة الأرثوذوكسية في كل من الأراضي الفلسطينية وإسرائيل والأردن.
وقد جرت العادة تعيين بطريرك القدس من اليونان، إذ لم يتول هذا المنصب أي عربي أو فلسطيني منذ أن أصدرت الدولة العثمانية قانون الوضع الراهن «الستاتيكو» عام 1852، الذي يقوم على تثبيت حقوق كل طائفة وجماعة دينية كانت موجودة في القدس، من دون السماح بإحداث تغيير فيها منذ ذلك التاريخ، وبالتالي تم حفظ حقوق الطوائف والجماعات الدينية من مختلف الأديان، وعلى رأس ذلك الحقوق الطائفية في كنيسة القيامة، وما زال هذا القانون معمولاً به إلى حد كبير حتى اليوم.
ويحظر هذا القانون على السلطة المدنية التدخل في عمل الكنائس، وإدارتها لرعاياها وأملاكها، رغم أن تعيين البطاركة لسائر الطوائف يتطلب اعتراف السلطة الفلسطينية وإسرائيل والأردن.