أزمة التفاح في لبنان تتوالى فصولا، فمن العام الفائت والمزارعين يناشدون الدولة للتدخل من أجل إنقاذ لقمة عيشهم خصوصا أنهم يعتمدون فقط على هذا المحصول من أجل العيش.
العام الفائت أقرت الحكومة اللبنانية مبلغ 40 مليار ليرة لدفعها كتعويض على المزارعين ليستمروا في إنتاج التفاح، هذا المبلغ ليس سوى مساعدة لهؤلاء ولا يؤمن لهم أي أرباح، وبعد مرور 12 شهرا على الأزمة ها هم اليوم يقعون في المشكلة نفسها، حيث ان الحكومة لم تصرف سوى نصف المبلغ ولا يزال هناك مبلغ 20 مليار ليرة لم يتم دفعه.
والمشكلة لا تنتهي عند تأمين مبلغ الـ20 مليار، لأن التفاح اللبناني يواجه أزمة أصعب بكثير من العام الفائت، فيما المزارع يقع وحده ضحية إهمال الدولة وإقفال المعابر والأسواق الأجنبية.
فإذا مزارع التفاح لم يتقاض بعد التعويضات عن موسم العام الفائت كيف سيستمر هذا العام؟ وكيف سيصرّف موسمه إذا كل المعابر مقفلة بوجهه؟
المزارع ينتظر الـ20 مليار… ومناشدة لوزير المال
رئيس بلدية بشرّي فريدي كيروز يسأل في حديث لـIMlebanon “لماذا الدولة لم تدفع بعد كامل التعويضات لمزارعي التفاح؟ مع العلم ان قيمة التعويضات كانت 5 آلاف ليرة للصندوق تم تخفيضها الى 3 آلاف ليرة واليوم دُفع نصف المبلغ فيما النصف الآخر لم يتم دفعه، خصوصا أننا سألنا هذا السؤال أكثر مرة لكل المراجع ولن نلق أي جواب”.
ويضيف: “منذ حوالي الأسبوعين أقر مجلس الوزراء دفع مبلغ الـ20 مليار المتبقي ولكن حتى الساعة وزير المال علي حسن خليل لم يصرف هذا المبلغ، وقطف الموسم الجديد للتفاح سيبدأ هذا الشهر وحتى اليوم لم يتلق المزارع المبلغ القديم، مع العلم أن هذا المبلغ لن يذهب الى جيب المزارع بل من أجل دفع الديون المتوجبة عليه لمحال بيع الأسمدة والأدوية، لذلك نناشد وزير المال عبر IMlebanon ان يصرف المبلغ المتبقي بأسرع وقت ممكن”.
من جهته، يؤكد رئيس بلدية تنورين بهاء حرب لـImlebanon أن “التعويضات لم تدفع بالكمال والأزمة هذا العام أسوأ بكثير من العام الفائت، والسبب لانه لم يتم التواصل بعد مع التجار من اجل تصريف سوق التفاح، فيما الموسم بدأ وكلما تأخرنا في القطف كلما تعرض المحصول للخطر بسبب العوامل الطبيعية ولا يمكن للمزارع ان يقطف التفاح ويخزنه في البرادات من دون تأمين سوق لتصريفه خصوصا وأن الأسعار لم تحدد بعد لهذا الموسم”.
ويضيف: “الحد الأدنى لكلفة صندوق التفاح هو 8 آلاف ليرة والعام الفائت بعنا الصندق بـ5 آلاف ليرة فيما الدولة أعطتنا 5 آلاف ليرة كتعويض ما يعني أننا تكبدا خسائر كثيرة ولم نعوض شيئا”.
الدولة تضع رأسها بالتراب ومخطط لضرب مزارع التفاح
وعما إذا كنا سنواجه أزمة العام الفائت بتصريف الموسم عبر المعابر، يرى كيروز أن “المشكلة هذا العام أسوأ بكثير من العام الفائت خصوصا أن السوق الإماراتي أقفل الباب بوجهنا، وننشاد وزير الزراعة والحكومة اللبنانية ان تجد لنا حلا سريعا وتجد لنا أسواقا جديدة لتصريف التفاح، واليوم التفاح الأوروبي مضروب بشكل تام وأوروبا بحاجة الى تفاح والمفروض من الدولة ان تتحرك وتتواصل مع السفارات والدول بهذا الموضوع، والبوادر التي تظهر حتى الساعة تكشف ان سعر الصندوق سيكون موازيا لسعر العام الفائت والمشكلة تكبر لاننا دخلنا في العام الثالث على التوالي والمزارع يواجه هذه المشكلة”.
أما بالنسبة للحلول المحلية، يوضح كيروز أنه “لو قامت الدولة اللبنانية بصرف مبلغ الـ40 مليار ليرة لبناء معامل لفرز التفاح وتصريف الموسم لكنا حلّينا المشكلة وكان سيكون أفضل بكثير من إعطاء المال للمزارعين بهذه الطريقة، فالدولة تضع رأسها بالتراب ولا تسعى الى إيجاد الحلول، وكأن الأمر مقوصدا لضرب المزارع وتحديدا مزارع التفاح، ومنذ عام حتى اليوم إجتمعنا مع كل الوزارات ولم نصل الى أي حلّ”.
هل تنقذنا مصر وروسيا؟
من ناحيته، يكشف حرب أن “هناك إتصالات مع مصر وروسيا من قبل الحكومة من أجل تصريف الموسم، ولكن حتى الساعة لا شيء نهائيا”.
ويشدد على أن “أبناء تنورين امام ازمة كبيرة هذا العام، ونحن بإنتظار انتهاء شهر أيلول حتى نرى الحلول لكي نبدأ ببيع التفاح، ونسعى للحصول على ربح أكثر من الكلفة من اجل تأمين الموارد لشراء الأدوية والأسمدة وغيرها من الأمور لمواصلة الزراعة”.
للمعاملة بالمثل وعدم فتح أبواب الإستيراد
وفي ما يخص التعويضات، يطالب كيروز “الدولة اللبنانية بدفع مبلغ 10 آلاف ليرة للصندوق كتعويض للمزارع لكي يستمر، من دون أن ننسى مبلغ الـ20 مليار وإلا سنشهد ثورة من قبل المزارعين بوجه الطبقة الحاكمة والحكومة، فإما على وزارة الزراعة ان تهتم بشؤون المزارعين وإلا فنحن لسنا بحاجة إليها”.
ويسأل: “ما هي الإجراءات التي إتخذتها الدولة اللبنانية لكي لا نستورد التفاح؟ فنحن لا نزال نستورد التفاح من الخارج من دون النظر الى المحصول المحلي. وطالما الدولة على علم بالأزمة التي يواجهها سوق التفاح في لبنان ما هي الإجراءات التي قامت بها منذ عام حتى اليوم؟ ولما لا تعامل الدول العربية والأجنبية لبنان بالمثل، وعلى سبيل المثال يجب عدم إستيراد أي شيء من مصر من دون أن نصدر لها التفاح، وكذلك الأمر للدول الأخرى، لذلك لا يجوز ان نترك أبواب السوق اللبناني مفتوحة لكل أنواع الخضار والفواكه فيما المزارع اللبناني غير قادر على تصريف محصوله”.
ويأمل كيروز أن “تقف الشركات الخاصة الى جانب المزارع وتوزع التفاح، ويمكن لشركات الطيران وتحديدا شركة طيران الشرق الأوسط أن تقدم التفاح على متن رحلاتها وهكذا نحل المشكلة، واليوم نسعى الى إيجاد الحلول لأن الدولة عاجزة”.
ويكشف أن “البلدية قدمت إخبارا للنيابة العامة بحق بعض الصيدليات الزراعية التي تبيع أدوية زراعية غير مرخصة في قضاء بشري، ولكننا لم نر أي تحركا فعليا وجديا من قبل الوزارات المعنية لمتابعة الموضوع، ونحن لا صلاحية لنا لمداهمة تلك الصيدليات فيما الوزارات لم تتحرك”.