قلّلتْ مصادر مهتمّة من احتمال وجود أخطار أمنية بالمستوى الذي أوحت به تحضيرات السفارات الغربية، ورأتْ أن الأمر يحتاج الى «تدقيق» في ملابسات المعلومة التي رُميتْ في طريق أجهزة الاستخبارات، وفي إطار أي أجندة جاءت محاولة إظهار لبنان وكأنه في دائرة خطر محتوم.
وفي هذا السياق، سألتْ هذه المصادر هل التحذيرات الغربية من عمليات تستهدف أماكن عامة (مرافق حيوية مثل كازينو لبنان ومجمعات تجارية) هي مسألة أمنية بحت أم أنها تعبّر عن خشية من وجود محاولة لهزّ مظلّة الاستقرار التي يوفّرها للبنان قرار إقليمي دولي كبير نأى به الى حد كبير عن التشظيات الأمنية للحرب السورية؟
وكان لافتاً أن «سُبحة التحذيرات» التي صدرتْ عن أربع سفارات في غضون 24 ساعة أربكتْ لبنان الذي سادتْه فوضى تسريبات حول مرتكزات هذه التحذيرات وسط تقارير نقلتْ عن مصادر أمنية أن ما عبّرت عنه السفارات لا يستند إلى معطيات مؤكدة رغم التعاطي الجدي معه للتثبت من صحته، مقابل تقارير تحدثتْ عن معلومات محدّدة تلقتها الأجهزة اللبنانية عن «الخطر المحتمل» وأهدافه، وهو الأمر الذي تحرّكتْ بناء عليه هذه الأجهزة ونفّذت عملية استباقية ناجحة قطعت الطريق على مخطط لتنفيذ تفجيرات إرهابية واستهداف مراكز تجارية ومرافق سياحيّة.
وكشفت صحيفة «الراي» في هذا السياق ان المخابرات الأميركية كانت اعترضتْ بواسطة التنصت الالكتروني «طرف خيْط» عن عمل إرهابي يتم التحضير له في لبنان، الأمر الذي دفعها الى «إفشاء السرّ» عبر تحذيرٍ علني بغية اصطياد عصفورين بحجر واحد: القول للإرهابيين انكم تحت المراقبة ودفْع الرعايا الأجانب واللبنانيين الى التحوط.
وهذا العمل أعطى إشارات عنه بيان أصدرتْه قيادة الجيش- مديرية التوجيه ليل الجمعة الماضي- أعلنت فيه انه «على أثر توافر معلومات لمديرية المخابرات عن قيام خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، يرأسها المصري فادي إبرهيم أحمد علي أحمد الملقب «أبو خطاب»، المتواري داخل مخيم عين الحلوة، بالتخطيط والتحضير للقيام بعمل إرهابي، قامت مديرية المخابرات بتنفيذ عمليات دهم عدة، أدت إلى توقيف 19 شخصاً لارتباطهم بشكل أو بآخر بالخلية المذكورة، ولا تزال التحقيقات مستمرة مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص».
وأكدت مصادر معنية لـ «الراي» وجود أبو خطاب المصري في عين الحلوة، كاشفة عن انه في الدائرة المحيطة بالمجموعة اللبنانية المتوارية داخل المخيم والمتحصّنة في أنحاء محدّدة منه، مشيرة الى ان كشْف المخطط الذي كان يديره أبو خطاب من شأنه زيادة الواقع تعقيداً داخل المخيم.
واشارت «الراي» الى ان الجيش اللبناني كان رفع من مستوى التشدّد في الإجراءات الأمنية التي تحوط عين الحلوة ومَداخله قبل ثلاثة أيام من إطلاق السفارة الأميركية تحذيرها، من دون أن تُعرف في حينه أسباب الفائض من الإجراءات المشدَّدة التي باشرها الجيش الذي عزّز حواجزه بوجودٍ استخباراتي لافت.