كتب محمد بلوط في صحيفة “الديار”: تدخل البلاد بعد شهرين في اجواء التحضير للمعركة الانتخابية المرتقبة في أيار المقبل وفق قانون النسبية لأول مرة، وعلى وقع تحالفات لم تتضح معالمها ونسيجها حتى الآن.
ورغم الاجماع العلني من القوى والاطراف السياسية على اجراء هذا الاستحقاق في موعده الا ان هناك نقطتي خلل يثيران القلق، بحسب مصدر نيابي بارز.
1- تطيير الانتخابات الفرعية لملء ثلاثة شواغر في طرابلس وكسروان.
2- النقاش الدائر حول البطاقة الممغنطة التي كانت ابرز اسباب التمديد للمجلس النيابي الى أيار، اضافة الى الخلافات حول التسجيل المسبق للناخب حول مكان الاقتراع.
وفي شأن النقطة الاولى فان الانتخابات الفرعية صارت بحكم المصروف النظر عنها لأسباب سياسية وانتخابية تتعلق ببعض الاطراف المعنية في المنطقتين (طرابلس وكسروان)، رغم ان مثل هذا المنحى يشكل تجاوزاً صريحاً للمادة 41 من الدستور التي تنص على اجراء الانتخابات اذا خلا مقعد في المجلس خلال شهرين بعد الشغور وقبل ستة أشهر من انتهاء ولاية المجلس.
اما بالنسبة للنقطة الثانية فان المعطيات والاجواء المتوافرة تؤشر بصورة شبه مؤكدة الى عدم القدرة او الرغبة في انجاز البطاقة الممغنطة، وبالتالي سلوك مسار آخر بديل يرجح ان يكون باعتماد الهوية، ويخضع النقاش حول التسجيل المسبق لتجاذبات سياسية غير محسومة ايضا.
ووفقا لما رصدته «الديار لمواقف واجواء الاطراف السياسية فان الجميع يدرك تداعيات وخطورة تكرار اي تمديد للمجلس النيابي. ولعل ابرز تعبير على توصيف سلوك هذه المغامرة الخطيرة ما كرره الرئيس نبيه بري مؤخراً بأن هذا الخيار يعني احداث انقلاب في البلد، ثم الحاق هذا الموقف بموقف اخر تمثل بالدعوة الى تقريب موعد الانتخابات في حال لم تتأمن البطاقة الممغنطة.
وبحسب اكثر من مصدر فان تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات وصدور مرسوم التشكيل قبل ثلاثة ايام شكل اشارة ايجابية تجاه اجراء الانتخابات في موعدها، وتخفيف الشكوك التي أثيرت وتثار حول مصيرها.
وفي المعطى السياسي، يبدو المشهد الانتخابي لدى الاطراف والقوى قبل 8 أشهر من الاستحقاق الانتخابي على الشكل الاتي:
أمل و”حزب الله“
على صعيد الثنائي الشيعي «أمل» وحزب الله، بدأت اللجان المشتركة التي تشكلت مؤخراً عملها في التحضيرات اللوجستية وغيرها. وينصرف المعنيون في هذه اللجان الى تنفيذ برنامج عمل يتعلق بالتنسيق في مسائل مرتبطة بلوائح الشطب والترتيبات في البلدات والقرى على مساحة انتشار الطرفين المتحالفين لا سيما في الجنوب والبقاع.
وتقول مصادر الحزب والحركة ان التحالف بينهما هو صورة طبق الاصل للتحالف المكرس بينهما في السابق، وان موضوع الترشيحات امر سابق لأوانه، لكن لا يتوقع ان يواجه اية صعوبات في كل المناطق والدوائر.
وتبدي هذه المصادر ارتياحها لوضع الثنائي الشيعي في الانتخابات المقبلة على اساس قانون النسبية الجديد، مشيرة الى ان معركتهما الانتخابية تبدو أسهل وافضل بكثير من الاطراف والمكونات الاخرى، مع احترام كل الجهات والمرشحين المحتملين في مناطق نفوذ «أمل» وحزب الله.
وبالنسبة للتحالفات مع القوى الاخرى تقول المصادر انه من السابق لأوانه الخوض في هذا الموضوع، فهناك ثوابت ترسم هذه التحالفات الى جانب الظروف والمعطيات المتعلقة ببعض المناطق والدوائر التي يشارك جمهور الثنائي الشيعي التواجد فيها مع مكونات سياسية اخرى مثل بيروت وبعبدا وجبيل والبقاع الغربي.
وبرأي مصادر الثنائي الشيعي ان الدخول في اجواء معركة الانتخابات سيكون ابتداء من تشرين الثاني وكانون الاول، وان بلورة التحالفات واستكمالها يفترض ان تأخذ مداها مع مطلع العام الجديد.
وحول احتمال تكرار خطيئة التمديد تقول المصادر ان الثنائي الشيعي ذاهب الى الانتخابات، لا بل انه حذر ويحذر من أي منحى آخر، وهذا ما عبر عنه الرئيس بري مؤخراً.
التيار الوطني الحرّ
وعلى صعيد الشارع المسيحي يبدو ان فكرة الثنائي التيار والقوات قد تراجعت بنسبة ملحوظة ان لم نقل كبيرة، خصوصاً في ضوء الاعلان عن بعض ترشيحات الطرفين في مناطق مختلفة. غير ان مصادر كل منهما توكد ان مسألة التحالفات الانتخابية لم تحن بعد، وأن هذه التحالفات مرهونة في ظروفها وفي اوضاع بعض المناطق، مع الحرص على الانفتاح الدائم بين الطرفين والبحث في كل اشكال وتفاصيل هذه التحالفات.
ويقول مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ«الديار» انه من السابق لأوانه الحديث عن التحالفات الانتخابية، مشيراً الى حركة هذه التحالفات يفترض ان تبنى على الوضع في المناطق وفي كل منطقة وعلى حسابات المعركة الانتخابية والفوز والخسارة لكن ضمن ثوابتنا السياسية.
ويشير ايضا الى ان هذه التحالفات الانتخابية تشمل ايضاً فعاليات وشخصيات غير حزبية ومستقلة.
وحول تحضيرات التيار للانتخابات يوضح المصدر ان المرحلة الثالثة للترشيحات الحزبية يتوقع ان تحسم في نهاية أيلول الجاري، واننا مصممون على السير في هذه التحضيرات لأننا عازمون على اجراء الانتخابات، وهذا هو موقفنا السابق والحاضر واللاحق. ويؤكد جازما انه لا مجال ابدا لأي تمديد جديد للمجلس، وان مثل هذا الخيار غير وارد في قاموس العهد.
“القوات“
ولا تختلف اجواء «القوات اللبنانية» عن التيار الوطني الحرّ في شأن تحديد روزنامة التحالفات باعتبار ان هذا الموضوع مرهون بظروفه ووقته. لكن اوساطها تؤكد الانفتاح على القوى التي تتوافق مع «القوات» في الرؤى والتوجهات على المستوى السياسي والمناطق ايضاً.
وتأخذ بعين الاعتبار ايضا خصوصية بعض المناطق، مع الاشارة الى انها اقدمت على اعلان ترشيحات توحي بانها ستكون في مواجهة ومنافسة مع التيار العوني مثل جبيل.
وتقول هذه المصادر ان كل شيء وارد، لكن الثابت ان «القوات اللبنانية» في عملها ونشاطها اليومي بدأت الاعداد للاستحقاق الانتخابي الذي لا بدّ منه.
“المستقبل“
وفي الشارع السنّي يواجه تيار المستقبل امتحانا غير سهل بل انه ينصرف الى لملمة وضعه الشعبي الذي اصيب بنكسات لاسباب تتعلق ببروز شركاء سياسيين اخرين في هذا الشارع لا سيما في الشمال.
ويعمل الرئيس الحريري على محورين لاعادة تحسين وضع المستقبل واستكمال استنهاض جمهوره. المحور الاول يتمثل بتحقيق انجازات على صعيد عمل حكومته، والثاني تنشيط العمل الحزبي متكلا على ابن عمته احمد الحريري وفريق عمل في المناطق السنّية.
وتحرص اوساط المستقبل على عدم استباق الوقت، لكنها تؤكد في الوقت نفسه ان وضع التيار جيد في كل المناطق، وهو يستلم زمام الامور رغم كل المشاغبات من هنا وهناك.
ولا تحبذ الدخول في موضوع التحالفات الانتخابية اليوم، لكنها تبدى رضاها لطريقة التعاطي مع كل الاطراف من منطلق وطني يراعي ثوابت المستقبل ليس على الصعيد السياسي فحسب بل على الصعيد الانمائي ايضاً.
ووفقاً للاجواء المرصودة فان العلاقة الجيدة بين المستقبل والتيار الوطني الحرّ منذ ترشيح وانتخاب الرئيس عون، تعزز الكلام عن تحالفات انتخابية بينهما في بعض المناطق، مع الاخذ بعين الاعتبار العلاقة مع اطراف اخرى لا سيما «القوات».
ويبدو ان هذه المعادلة ستكون صعبة في مناطق محددة، خصوصا اذا ما تنافس التيار الحر مع القوات فيها. ولذلك فان موضوع التحالفات الانتخابية للمستقبل وقوى اخرى سيكون متحركا وليس جامداً.
ميقاتي وريفي
ويواجه المستقبل وضعاً صعباً في الشمال وطرابلس حيث يبرز تنامي قوة الرئيس نجيب ميقاتي الذي عزز رصيده شعبياً، وثبت حجمه الانتخابي كقوة رئيسية في المدينة.
وعلى الرغم من الاشارات والتسريبات حول امكانية تحالفه مع ريفي، فان الرئيس ميقاتي حريص على عدم الخوض في هذا الموضوع، بل انه اصدر بيانا مقتضياً مؤخراً ينفي كل التأويلات والتفسيرات حول تحالفاته او اللائحة التي سيقودها.
اما اللواء ريفي فهو يكرر الحديث عن قوته الشعبية في طرابلس، مذكرا بفوزه في الانتخابات البلدية.
ويعتمد في التعاطي مع الاستحقاق الانتخابي على الخطاب المعارض، وشعارات تدغدغ العواطف.
الاشتراكي وارسلان
وعلى الصعيد الدرزي يبدو واضحاً ان الحزب التقدمي الاشتراكي مرتاح للوضع الدرزي بشكل عام وللعلاقة الجيــدة بين رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان.
ووفقاً لقراءة مصدر مقرب من الطرفين فان التعاون الانتخابي سيتجدد بينهما، وهذا ما يعزز ضمان نتائج المعركة الانتخابية في عاليه والشوف.
غير ان طبيعة الانتخابات على اساس النسبية والصوت التفضيلي تفرض الدقة في الحسابات في الدائرتين، لا سيما بوجود شركاء مسيحيين ومرشحين دروز ابرزهم الوزير السابق وئام وهاب.
ومما لا شك فيه ان المصالحة التي جرت مؤخراً بين جنبلاط والرئيس الحريري اعادت اجواء من الثقة بين الطرفين، يفترض العمل عليها للتحالف في الشوف.
اما بالنسبة للمسيحيين فان الحزب التقدمي الاشتراكي اقرب حتى الآن للتحالف مع «القوات اللبنانية»، لا سيما في ظل العلاقة المهزوزة والصعبة بينه وبين التيار الوطني الحرّ.
المردة والكتائب
وفي الشارع المسيحي ايضاً تبرز معالم مواجهة قوية في دائرة زغرتا وبشري والكورة والبترون، حيث لفت مؤخراً الغزل بين المردة «والقوات» والحديث عن التواصل بينهما.
وتقول مصادر مطلعة ان هذا التطور لا يبنى عليه من الآن، لكن فيه رسائل واضحة لا سيما للتيار الوطني الحر.
وتضيف ان الاتجاه هو ان المردة ذاهبون الى خوض معركة بالتحالف مع الكتائب والحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب بطرس حرب.
وان هذه المعركة القاسية تؤرق بشكل خاص الوزير جبران باسيل رئيس التيار وتضعه امام امتحان صعب.
وينفرد حزب الكتائب بالاعتماد على سياسة المعارضة للعهد في تحسين وضعه الشعبي والانتخابي، مركزاً على معقله في المتن وبيروت.
وترى المصادر ان التحالفات مع القوى الاخرى او بين القوى المنافسة هي التي تتحكم بمصير المعركة.