اشارت صحيفة “الشرق الاوسط” الى انه غداة انتهاء معركة “فجر الجرود” التي أفضت إلى تطهير حدود لبنان الشرقية من التنظيمات الإرهابية، ينصرف الجيش اللبناني إلى مهمتين أساسيتين، الأولى ملاحقة الخلايا النائمة من ضمن عمل أمني استخباراتي فاعل، وضربات استباقية رادعة، والثانية تعزيز الألوية والوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب، وعلى طول الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل.
وربط مراقبون بين المناورات الإسرائيلية، في شمال الأراضي الفلسطينية، والخروقات الإسرائيلية المتكررة للأجواء اللبنانية، وبين دفع الجيش اللبناني بتعزيزات إلى الجنوب، بعد سحب وحدات عسكرية كبيرة كانت تقاتل المجموعات المسلّحة، إلا أن مصادر عسكرية اعتبرت التعزيزات مجرّد عمل روتيني، وليست مؤشراً على نشوب مواجهة عسكرية في الجنوب اللبناني.
وكان قائد الجيش العماد جوزيف عون، أعلن في كلمة ألقاها في حفل تكريم العسكريين الشهداء، الذين قتلهم تنظيم داعش بعد أشهر من خطفهم، أنه “بعد الانتهاء من خطر الإرهاب على الحدود الشرقية، بات اهتمام الجيش يتركز على الخطر الذي يشكّله العدو الإسرائيلي، وضرورة اليقظة لأي عدوان قد يتعرّض له لبنان”.
ويتخوّف اللبنانيون من مواجهة عسكرية بين “حزب الله” وإسرائيل، خصوصاً بعد المناورة العسكرية الأضخم التي أجراها الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية، وقال إنها تحاكي حرباً مع الحزب، وهي حصلت في مناطق شبيهة بقرى في جنوب لبنان والتي أعقبها خطاب لأمين عام “حزب الله” حسن نصر الله، دعا فيه الجيش اللبناني إلى تسلّم مهام حماية الحدود، بما فيها الحدود الجنوبية، لكن مصدراً عسكري لبنانياً، أوضح لـ”الشرق الأوسط”، أنه “بعد انتهاء معركة الجرود، بدأت الأولوية العسكرية تعود إلى مواقعها، بما فيها مناطق الجنوب”، مؤكداً في الوقت نفسه أنه سيصار إلى “تدعيم بعض الألوية والوحدات المقاتلة الموجودة في الجنوب، باعتبار أن القيادة الجديدة قررت رسم خريطة انتشار الجيش على كامل الأراضي اللبنانية، انطلاقاً من دراسة أمنية، تلحظ حاجة كل منطقة إلى كثير معين”.
وشدد المصدر العسكري اللبناني على أن الجيش “سيعزز وجوده جنوباً، في إطار العمل الروتيني، لكن هذه التعزيزات لا تعني أن هناك خطر حرب إسرائيلية داهمة، وليست مرتبطة بالمناورات الإسرائيلية القائمة في شمال فلسطين المحتلة”. وقال إن “الجيش في حالة تأهب دائمة لأي تطور مفاجئ في الجنوب”، لكنه لفت إلى أن “الوضع الأمني الداخلي لا يزال أولوية، سواء ما يتعلّق بالمخيمات (العائدة للاجئين الفلسطينيين والسوريين) أو بعض الثغرات الأمنية، ومراقبة الخلايا الإرهابية النائمة”. وتابع المصدر العسكري “حيثما تكون الحاجة لوجد الجيش، سيكون”، مذكراً بأن “دول العالم كلها يضربها الإرهاب، بينما نجح لبنان إلى حد كبير في منع وقوع مثل هذه الأعمال، نتيجة الضربات الاستباقية، والعمل الاستخباراتي الذي يوحي بالطمأنينة”.
من جهته، استعبد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة، أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل في المرحلة الراهنة. وأكد لـ”الشرق الأوسط”، أن “كل الأطراف محكومة باحترام قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وليس مسموحاً لأحد اللعب خارج حدوده”، لافتاً إلى أن “الجانب الإيراني ومعه حزب الله ينام على الوسادة نفسها التي ينام عليها صانعو الـ1701”. وشدد حمادة على أن “دفع الجيش بتعزيزات إلى الجنوب، يأتي في إطار إعادة الانتشار، وعودة أفواج حماية الحدود البرية إلى مواقعها السابقة”، معتبراً أن “بعض العراضات التي يقوم بها حزب الله سواء في الداخل اللبناني، أو في سوريا، ليست أكثر من محاولات تذكير لتحسين شروطهم، وليقولوا عبرها نحن لا نزال موجودين على الأرض”.