لا يتمتع كل الآباء والأمهات بثقافة تخولهم معرفة مختلف مراحل تطور الجنين في بطن الأم والتغيرات الخلقية التي يشهدها جسمه خلال الأشهر التسعة، بما في ذلك مرحلة نمو الشعر في الشهر السادس والسابع من الحمل. فما يجهله الكثيرون، أن الجنين خلال الشهرين السادس والسابع، يكسو كامل جسمه شعر خفيف يسمى “الوبر”، سرعان ما يميل إلى الانخفاض مع نهاية الشهر الثامن من الحمل.
في تفسيرها لهذه المرحلة، أفادت الدكتورة لينا بولاني، مؤسسة فرع معهد الاستشفاء والعلاج ذي الطابع العلمي سان ماتيو في بافيا، وأخصائية التوليد لدى الجمعية الإيطالية لحديثي الولادة، لصحيفة La stampa الإيطالية، أن “ظهور هذا “الوبر” يحدث بالتأكيد نتيجة كمية الأستروجين المرتفعة التي تنتجها المشيمة، ذلك الغشاء الرقيق الذي يحيط الجنين في رحم أمه.. وبعد الولادة يبدأ ذلك الشعر بالتساقط نتيجة تراجع نسبة ستيرويد المشيمة”.
وأضافت لينا، في تفسيرها لحالات الصلع لدى بعض حديثي الولادة، أن “العديد من الأطفال يواجهون ما يسمى “بثعلبة الجبهة الجدارية”. وعلى الرغم من أن هذا الصنف من الثعلبة يتسبب في فقدان الشعر، إلا أنها لا تؤدي إلى تلاشي بصيلات الشعر والصلع الكلي. وبمرور الوقت، يظهر الشعر بكمية وفيرة ونوعية لينة جداً، لكن بكميات قليلة في المنطقة الأمامية من الرأس”.
علاقة شعر الجنين بحموضة المعدة
عادة ما تشتكي الأمهات الحوامل، تقريباً كل الأمهات، من حموضة المعدة الزائدة، خلال الشهرين السادس والسابع، أي في فترة نمو الشعر لدى الجنين. ودائماً ما يربطن هذا التعكر في حالتهن الصحية بهذا السبب.
لمعرفة حقيقة العلاقة القائمة بين ارتفاع نسبة حموضة المعدة ونمو شعر الجنين، سعى مجموعة من الباحثين إلى مقارنة شدة حرقة المعدة لدى الأم وكمية شعر الجنين لدى الولادة. وقد شارك في هذه الدراسة المثيرة للاهتمام 65 امرأة حاملاً. وقد كشفت نتائج البحث عن وجود صلة ذات دلالة إحصائية بين شدة حرقة المعدة لدى النساء الحوامل وكثافة الشعر لدى الأطفال حديثي الولادة.
“روتيليسمو” (الشعر الأحمر)
يصف هذا المصطلح الأشخاص ذوي الشعر الأحمر والبشرة الفاتحة جداً. وتنتج هذه الحالة لدى الجنين نتيجة وجود مستويات عالية جداً من الفيوميلانين، الذي يمنح اللون الأحمر، ومستويات منخفضة جداً من الأوميلانين، الذي يمنح الصبغة الداكنة. لذلك، عندما يولد الجنين بشعر أحمر، فهو يكون بذلك قد حصل على نسختين متحولتين من الجينات المتنحية “MC1R”.
بالإضافة إلى ذلك، حتى لو لم يكن الوالدان من أصحاب الشعر الأحمر، فإن حملهما لهذا النوع من الجينات يمنحهما فرصة من أصل أربع فرص لإنجاب طفل بشعر أحمر. في المقابل، إذا كان أحد الوالدين يملك شعراً أحمر، فإن الفرصة ترتفع إلى 50%.
عموماً، يتميز الناس الذين يملكون شعراً أحمر أيضاً ببشرة فاتحة جداً، وذلك يعود إلى انخفاض مستوى الأوميلانين في أجسامهم. علاوة على ذلك، فإن وجود الجينات المتنحية “MC1R” في جسم الإنسان يتسبب في ظهور النمش. والجدير بالذكر أن الشعر الأحمر يعتبر أندر لون شعر طبيعي في العالم، حيث يملكه أقل من 2% من سكان العالم، أكثرهم في شمال أوروبا، وتحديداً في أيرلندا والمملكة المتحدة، والأرجنتين.
ويعتقد البعض أن حلاقة شعر المولود في هذه المرحلة العمرية المبكرة تساعد في نمو الشعر وكثافته ونعومته، وبحسب Baby Center، فإن حلاقة الشعر في السن المبكرة لا تؤدي بصورة أساسية إلى كثافته، ولكن لأن شعر الطفل ينمو طبيعياً بصورة غير منتظمة في الشهور الأربعة الأولى، وحلاقته تعني نمو الشعر من جديد بصورة متساوية، وهو ما يعطي الانطباع بزيادة الكثافة.
لكن هذه العادة غير مرتبطة فقط بالثقافة العربية أو الإسلامية، بل إن من العادات المشهورة في الثقافة الهندية أن تتم حلاقة شعر الطفل بعد السنة الأولى من عمره، وذلك يعد سراً من الأسرار الـ16 للثقافة الهندوسية، حيث يعتبرون أن حلاقة الشعر تحفز نمو المخ والأعصاب، ومن ناحية أخرى تمحو الصفات غير المرغوب فيها من حياته الماضية ليستقبل مستقبلاً أفضل.