كتب كمال فغالي في صحيفة “الأخبار”:
اعتماد الصيغة النسبية يستدعي استشراف مدى تأثيرها بنسبة المشاركة في الانتخابية النيابية الآتية، التي ستشهد من دون أدنى شك نمواً بارزاً يجدر تقديره. ستحيي الصيغة النسبية لدى الناخب، مهما كان توجّهه السياسي ومنطقته وطائفته، وعياً لفعالية صوته، ما سيدفع الكثير من الناخبين الممتنعين سابقاً إلى المشاركة.
ففي وضع مماثل، إثر تعديل قانون الانتخاب في الدوحة عام 2008، ارتفعت مشاركة مسيحيي دائرة بيروت الأولى من 13 ألفاً إلى أكثر من 37 ألف مقترع، فيما تدنّت المشاركة في دائرة عكّار عام 2009، حيث امتنع الناخبون عن التصويت لأسباب متضاربة، فبدا لمسيحيي قوى 8 آذار أن مشاركتهم لا وزن لها، فيما رأى سنّة قوى 14 آذار أنّ مشاركتهم غير ضرورية للفوز. عوامل عدّة ستؤثّر في تقدير نسبة المشاركة هذه.
تفاوت بالغ بين نسب الاقتراع المعلنة والنسب الواقعية
لا تعكس نسب الاقتراع المعلنة في الانتخابات النيابية السابقة النسب الفعلية لمشاركة الناخبين، لأنّ القوائم الانتخابية تعتمد سجل الأحوال الشخصية، الذي يتضمّن شوائب متعدّدة. أبرز هذه الشوائب ورود أسماء أموات، وورود أسماء مكرّرة، وورود أسماء عددٍ كبيرٍ من غير المجاز لهم بالاقتراع، كالعسكريين، وورود أسماء عددٍ كبير أيضاً من غير المعنيين بالانتخابات، كالمغتربين الذين فقدوا الصلة بلبنان منذ ما يزيد على نصف قرن.
لذا سيكون من الإعجاز تحديد نسب اقتراع مطابقة للواقع ما لم تعتمد وزارة الداخليّة قوائم انتخابية تقتصر على أسماء الناخبين الفعليّين.
إضافة إلى ما تقدّم من شوائب، تتضمّن القوائم الانتخابية أسماء الناخبين الموقوفين احتياطياً أو على سبيل التحقيق، غير المحكومين بأي جرم، ممّن تعذّر عليهم التصويت لإغفال استحداث مراكز اقتراع خاصة بهم في أماكن توقيفهم، ما حرمهم حق الاقتراع دون مسوّغ شرعي.
أبرز العوامل المؤثّرة في ارتفاع نسب المشاركة في الاقتراع
عوامل عامّة متعدّدة تؤثر في ارتفاع نسب الاقتراع أو انخفاضها، يضاف إليها عوامل خاصة بهذه الدائرة أو تلك.
1 ــ تدنّي عتبة التمثيل في الدوائر الكبرى سيشجّع القوى العلمانية وقوى المجتمع المدني ترشيحاً واقتراعاً. تراوح العتبة وفق القانون بين 7.7% في دائرة جبل لبنان الرابعة (الشوف ــ عاليه)، و20% في دائرة الجنوب الأولى (صيدا ــ جزين).
2 ــ حدّة التنافس الانتخابي في الدوائر توطّد شعوراً من التحدّي لدى الناخب يعزّزه ما قد يوفّره صوته من تأثير حاسم.
3 ــ تعدّد اللوائح المتنافسة يحفّز على مشاركةٍ أوسع بفضل العلاقات السياسيّة والشخصيّة بين الناخب والمرشّح الحزبي.
4 ــ شخصيّة المرشّح من كبار الزعماء في عددٍ من الدوائر تعزّز دوافع المشاركة لإنجاح هذا الزعيم أو إسقاطه.
5 ــ الحملات التثقيفية الانتخابية.
6 ــ تسهيل انتقال الناخبين المقيمين بعيداً عن مراكز الاقتراع.
7 ــ تسهيل انتقال الناخبين المقيمين خارج لبنان للمشاركة في الاقتراع.
8 ــ سقف الإنفاق الانتخابي المرتفع يراوح بين حد أقصى 17.8 مليون دولار للائحة في دائرة الجنوب 3 (محافظة النبطية: 11 مقعداً و450 ألف ناخب) و 2.6 مليون دولار للائحة في دائرة الجنوب الأولى، (صيدا وجزين: 5 مقاعد و120 ألف ناخب).
نسب الاقتراع وفق الطوائف في انتخابات 2009
المسلمون والموارنة تخطّوا نسبة 50%
حلّ في المرتبة الأولى لجهة كثافة الاقتراع الناخبون العلويّون بنسبة 57.5%، تلاهم الشيعة بنسبة 55.3%، السنّة بنسبة 54.9%، الموارنة بنسبة 52.6%، الدروز بنسبة 51.8%، الأرثوذكس بنسبة 42.8%، الكاثوليك بنسبة 41.7%، الأقليات المسيحية بنسبة 31.1%، الأرمن بنسبة 24.0% ثم الإنجيليّون بنسبة 9.9%.
توقعات لنسب الاقتراع 2018 في الدوائر الانتخابية
يتوقع للنسبية أن ترفع نسبة الاقتراع من 51% في انتخابات 2009 إلى 65% في الانتخابات المقبلة، أي بمشاركة نحو 540 ألف ناخب امتنعوا عن التصويت سابقاً. تستند هذه الأرقام إلى نسب المشاركة بحدّها الأقصى في انتخابات 2009. يمكن النسبية أن ترفع نسب الاقتراع إلى حدّها الأقصى.