IMLebanon

هل تستحقّ الحمية “الكيتونية” أيّ أهمّية؟

 

كتبت سينتيا عوّاد في “الجمهورية”:

لا شكّ في أنّ الغذاء الصحّي هو ذلك الذي يَجمع بين كافة العناصر الغذائية الأساسية، كالبروتينات والكربوهيدرات والدهون، بشكلٍ متوازن ومعتدل. لكن هناك حميات عديدة تشجّع على تفضيل مغذّيات معيّنة على حساب الأنواع الأخرى، كما هو حال الرجيم الكيتوني. على ماذا يرتكز تحديداً وهل هو فعلاً مفيد لصحّتكم ورشاقتكم؟من المحتمل أنّكم سمعتم أخيراً بالحمية الكيتونية (Ketogenic Diet) وانعكاساتها الإيجابية الواعدة على الجسم. لكن قبل بدء إدخال هذا النوع من الأنظمة الغذائية أو غيره إلى حياتكم، من الضروري أوّلاً الاطّلاع على مختلف جوانبه الجيّدة والسيّئة لمعرفة إذا كان فعلاً يستحقّ العناءَ ولن يسبّبَ لكم خيبات أمل وأضراراً تكونون في غِنى عنها.

ولمزيدٍ من التوضيح عن هذا الموضوع، أجرَت “الجمهورية” حديثاً خاصّاً مع اختصاصية التغذية، راشيل قسطنطين، التي شرَحت أنّ “الغذاء الكيتوني يدعو إلى التركيز على الدهون والبروتينات في مقابل الابتعاد عن النشويات لتصلَ إلى 5 في المئة فقط من مجموع السعرات الحرارية اليومية، في مقابل ارتفاع نسبة الدهون إلى 75 في المئة والبروتينات إلى 20 في المئة. وبذلك تبلغ كمّية الدهون في الوجبة الغذائية الواحدة نحو 3 إلى 4 أضعاف كمّية النشويات والبروتينات مجموعةً”.

طريقة تكوّن الكيتونات

ولفتَت قسطنطين إلى أنّ “هذا النظام الغذائي يؤدّي إلى تحوّلِ الدهون إلى أحماضٍ دهنيّة ومِن ثمّ إلى كيتونات أو ما يُعرف بالأجسام الكيتونية التي تلعب دوراً فعّالاً في تغيير النشاط العصبي والكيماوي في الجسم”.

وأوضَحت أنه “عندما يتمّ استهلاك الكربوهيدرات، فإنّها تتحوّل إلى سكّر الدم المعروف بالغلوكوز، الذي عندما ترتفع نسبته، يقوم هرمون الإنسولين بدفعِه إلى داخل خلايا الجسم ليكون بمثابة مصدر للطاقة.

أمّا في حال النظام الكيتوني الذي لا يحتوي سوى جرعة ضئيلة جداً من الكربوهيدرات، يضطرّ الجسم إلى استخدام الدهون لإنتاج الطاقة بدلاً من الغلوكوز، ما يؤدّي إلى إنتاج أجسام كيتونية تكون مصدراً آخر للطاقة”.

المأكولات المسموحة والممنوعة

وسلّطت قسطنطين الضوءَ على الأطعمة التي يَرتكز عليها الغذاء الكيتوني، فقالت إنه “يُسمح بتناولِ كلّ أنواع اللحوم، والسمك، والدواجن، ومعظم الأجبان باستثناء تلك الغنيّة بالكربوهيدرات كجبنة القريشة (Cottage Cheese)، والشاي والقهوة من دون سكر، والبيض، وزيوت الزيتون والكانولا وجوز الهند التي تُعتبَر من أفضل أنواع الزيوت الموصى بها في هذا النظام.

كذلك يمكن استهلاك غالبية أنواع الخضار، باستثناء تلك الغنيّة بالسكّريات، جنباً إلى الأفوكا والقشدة الكاملة الدسَم والخالية من المواد السكّرية المُضافة، وسَلطات الخضار باستثناء الأنواع التي تحتوي الخبز المحمّص أو البرغل، كالتبّولة والفتّوش”.

وتابعت حديثها: “أمّا المواد الغذائية الممنوعة فتشمل الأرزّ، والمعكرونة، والحبوب التي تحتوي النشويات، والقمح، والشعير، والذرة، ورقائق الذرة، والسكّر الأبيض، والسكّر نبات، والحلويات الجاهزة، والفاكهة، والعصير، والبقوليات (كالفول والحمّص والفاصولياء)، والمشروبات الغازية، والبطاطا، والشمندر، والجزر. وفي ما يخصّ المكسّرات، فتكون ممنوعة خلال الأسبوعين الأوّلين من بدء النظام الكيتوني، ثمّ يُسمح بإعادة إدخالها كسناك مرّةً يومياً نظراً إلى انخفاض نسبة السكّر فيها”.

فوائد ملحوظة

وتطرّقَت إلى أهمّ آثار الغذاء الكيتوني الإيجابية، فكشفَت أنّه “يجعل الشخصَ أكثرَ نشاطاً لأنه يَستخدم الدهون كطاقةٍ، بعكس الغذاء الغنيّ بالنشويات، الذي يكون فيه الإنسان أكثر مَيلاً إلى الخمول بسبب السكّر.

فضلاً عن أنّ هذا النوع من الحميات يحسّن جودةَ النوم، كما أنّ تكوُّن الكيتونات في الجسم له فوائد عديدة كخفضِ الإشارة العصبية المسؤولة عن نوبات الصرع والتشنّجات العصبية. لذلك يُعتبَر الغذاء الكيتوني فعّالاً في حالات الصداع النصفي (Migraine)، والألزهايمر، والباركنسون، وبعض أنواع التوحّد.

كذلك أثبتَ فاعليّتَه في حالات السكّري من النوع الثاني، وتكيُّس المُبيض، والسرطان وأيضاً علاجه. عموماً تستخدم خلايا الجسم سكّر الغلوكوز للحصول على الطاقة. لكن بفضل هذا النظام، فإنّ الخلايا السرطانية لن تجد كمّية كافية من الغلوكوز للحصول على الطاقة، فينخفض حجمها وينحصر عددها ثمّ تموت”.

نقاط سلبيّة

لكنْ من جهةٍ أخرى، فإنّ الحمية الكيتونية لا تخلو من الآثار السلبية تماماً كسائر أنواع الحميات. وفي هذا السِياق، أفادت خبيرة التغذية أنّها “تؤدي إلى خفضِ مستوى السكّر في الدم نتيجة تقليص كمّية النشويات إلى 5 في المئة، لذلك يجب الامتناع عنها في حال معاناة السكّري.

وبما أنّها تعتمد على الدهون، فلا عجبَ أيضاً من ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم. كذلك فإنّ الاستهلاك المفرط للدهون والبروتينات يؤدّي إلى الشعور بالإرهاق، والغثيان، والتقيؤ، فيفقد الشخص شهيّته.

إضافةً إلى زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام، والإمساك، وانخفاض نسبة الفيتامينات والمعادن خصوصاً الفيتامينات B المتوافرة في الخبز والمعكرونة والحبوب. وفق هذه الإنعكاسات الجانبية، يُمنَع على الأشخاص الذين يشكون من السكّري، وارتفاع الدهون في الدم، والضغط العالي، وقصور الغدة الدرقية، التقيّدُ بالنظام الكيتوني”.

ماذا عن خسارة الوزن؟

أمّا على صعيد الرشاقة، فيُشاع اللجوء إلى الحمية الكيتونية بهدفِ التخلّصِ من بعض الكيلوغرامات الإضافية، فهل هي فعلاً مُجدية في هذا المجال؟ أجابت قسطنطين أنّ “خفضَ الكربوهيدرات يُقابله أيضاً تفادي نسبةٍ عالية من الوحدات الحرارية. كذلك فإنّ لجوء الجسم إلى الدهون المُخزّنة فيه لتوليد الطاقة يؤدّي حتماً إلى خسارة الوزن سريعاً خلال الأسبوعين الأوّلين من بدء الحمية.

لذلك يمكن لأيّ شخص يتمتّع بصحّة جيّدة أن يستعين بالنظام الكيتوني للتخلّص من وزنه الزائد، شرط ألّا تتخطّى مدّته الأسبوعين أو 3 أسابيع كحدّ أقصى لتفادي قدر الإمكان آثارِه الجانبية، وبعد ذلك يمكنه الاعتماد على غذاءٍ متوازن تتمّ خلاله إضافة الكربوهيدرات تدريجياً”.