كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الاوسط”:
بعد تضييق الخناق عليهم ورفع «الغطاء» الداخلي والخارجي عنهم، أدرك عدد من عشرات المطلوبين المتطرفين داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، أن هناك قرارا مشتركا لبنانيا – فلسطينيا بإنهاء ملفهم، بعد تطهير الجرود الشرقية من تنظيمي جبهة النصرة وداعش. ومع تقلص هامش الدعم، فضلا عن الحصار المشدد الذي يفرضه الجيش حول المخيم، لجأ عدد لا بأس به منهم إلى وسائل بوليسية تحاكي الأفلام السينمائية، أبرزها وأكثرها رواجاً، بحسب مصدر مطلع، التنكر بزي النساء المنتقبات، أو إجراء عمليات تجميلية جراحية، لتعديل مظهرهم الخارجي أو تغييره، والفرار خارج «عين الحلوة» إلى جهات لا تزال مجهولة، في ظل تضارب المعلومات عن وصولهم إلى سوريا أو تركيا أو اختبائهم في مناطق لبنانية استعدادا لتنفيذ عمليات إرهابية في أوقات محددة.
وكشف قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب، أن المعلومات التي بحوزتهم تفيد بأن «6 مطلوبين فلسطينيين، بينهم نعيم النعيم وأحمد الصالح، خرجوا في الأيام الماضية من المخيم بعد إتمام تغييرات بمظهرهم الخارجي»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود نية لدى العدد الأكبر من المطلوبين للخروج بالطريقة عينها.
وشدد أبو عرب على التنسيق اليومي والكامل مع أجهزة الدولة اللبنانية، للحفاظ على أمن واستقرار المخيم ومحيطه، جازما بعدم إمكانية تكرار تجربة «نهر البارد» في «عين الحلوة» ما دام أن لحركة «فتح» قوة أساسية فيه.
ويشهد المخيم المكتظ سكانيا، منذ أسبوع أي بعيد إعلان الجيش اللبناني عن توقيف خلية إرهابية تضم 19 شخصا تابعة لتنظيم داعش يترأسها المصري «أبو خطاب»، المتواري داخل «عين الحلوة»، حالة من الاستنفار، خصوصا مع تشديد الإجراءات الأمنية على مداخله، في وقت لفت مصدر ميداني داخل المخيم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإجراءات المشددة المتخذة «تخلق مناخا ضاغطا على آلاف اللاجئين الذين يدخلون ويخرجون إلى (عين الحلوة) بشكل يومي».
وبالتزامن مع الاستنفار الأمني الفلسطيني – اللبناني مواكبة لتحركات المطلوبين المتطرفين، يشهد المخيم استنفارا سياسيا، بحيث تعقد القوى الفلسطينية اجتماعات مفتوحة للتوصل لتفاهم وحل أزمة المطلوبين. وفي هذا الإطار، قال مصدر في حركة فتح لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماعات داخلية تعقد بهدف تعزيز الأمن ومنع استخدام المخيم كمنطلق لتفجير الوضع في لبنان، «وهو ما تمكنا من تلافيه طوال السنوات الماضية». وكشف المصدر أن اجتماعا عُقد قبل أيام معدودة في مسجد «النور بدعوة من القوى الإسلامية وعلى رأسها «عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» حضره عدد من «الشباب المسلم» وهو تجمع للمتطرفين في المخيم، أكدت خلاله العصبة والحركة على حد سواء أنهما لم تسمحا بتفجير الوضع في «عين الحلوة»، أو أن يكون المخيم منصة لضرب الاستقرار في لبنان. واعتبر المصدر «الفتحاوي» أن «ما حصل في هذا السياق تطور إيجابي ينسجم مع موقف حركة فتح الحازم لجهة إصرارها على ملاحقة المطلوبين المتوارين في المخيم لتوقيفهم وتسليمهم إلى الدولة اللبنانية».
في هذا السياق، تواصلت المواقف اللبنانية المستنكرة والرافضة لدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إعادة توطين اللاجئين في الدول المجاورة لأوطانهم، فبعد موقف مجلس النواب الحازم في هذا المجال، اعتبر وزير الإعلام ملحم رياش أن فكرة ترمب «غير قابلة للتنفيذ، لأن وضع النازحين السوريين يختلف عن أوضاع الفلسطينيين». وقال في حديث إذاعي: «الفلسطينيون شعب أخذت منه أرضه، أما في سوريا فالشعب يترك أرضه بسبب الحرب من دون أن يحل أحد مكانه»، مؤكدا أنه «عندما تستتب الأمور في سوريا يعود الناس إلى بيوتهم ولا أحد يوطنهم في مكان آخر ولا هم في الأساس يطرحون هذا الموضوع».
أما رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، فدان في رسالة «شهر محرم»: «كل دعوة ومسعى لتوطين الفلسطينيين»، مستنكرا أيضا الدعوة لتوطين النازحين السوريين، داعيا قادة العرب والمسلمين لأن يبذلوا الجهد لـ«عودتهم إلى ديارهم في سوريا التي بدأت تستعيد عافيتها واستقرارها».