كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الاوسط”:
يشكل استحقاق الانتخابات البرلمانية التحدي الأكبر للقوى السياسية اللبنانية، المتوجسة بمعظمها من نتائج هذه الانتخابات، في ظل قانون جديد لا تزال بعض بنوده غامضة وحمّالة أوجه لا تشي تماما بالنتائج المرجوة. وبدأت تطل مخاوف جديدة قديمة في ظل غياب الضمانات الحقيقية لاحترام هذا الاستحقاق، المحدد موعده في السادس أيار المقبل، والذي يسعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتقريب موعده إلى ما قبل نهاية السنة الحالية، في حال تبين أن وزارة الداخلية لن تتمكن من إنجاز البطاقة الممغنطة قبل مايو المقبل.
ومع ارتفاع حدة السجال بين الأطراف كافة، وتقاذف تهمة الدفع باتجاه تأجيل الاستحقاق لمرة رابعة، وقطع الطريق على العملية الإصلاحية، شددت مصادر مقربة من عين التينة (مقر الرئيس نبيه بري)، على أن «اقتراح القانون الذي تقدمت به كتلة (التحرير والتنمية) لتقريب موعد الانتخابات، جدي جداً». ودعت مجلس النواب إلى «مناقشة هذا الاقتراح والتصويت عليه، إما بإقراره وإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي، وإما إسقاطه وعندها يتحمل الجميع مسؤوليتهم».
ولا تبدو خطوة بري وكتلته تقف عند حدود المناورة، حيث أكدت المصادر المقربة من عين التينة، أن رئيس المجلس «سجل باقتراحه إنذاراُ مبكراً، وتحذيراً من أي تفكير بتأجيل الانتخابات مرة جديدة، وأراد كشف الغطاء عن الهدف الأسمى لدى البعض، وهو سعيهم إلى صفقة تلزيم بالتراضي لطباعة البطاقة الممغنطة بكلفة 180 مليون دولار، وبالتالي حشر الدولة بنفاد المهلة الدستورية والدفع نحو تأجيل جديد للانتخابات»، مشيرة إلى أن «التسجيل المسبق، وتمكين كل مواطن أن ينتخب في مكان إقامته، يوفي بالغرض الذي تؤديه البطاقة الممغنطة الباهظة الكلفة».
وتوقفت المصادر عند تصريح وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر»، الذي رأى باقتراح بري تقريب موعد الانتخابات بأنه يقطع الطريق على العملية الإصلاحية، فقالت المصادر المقربة المطلعة على أجواء الرئاسة الثانية: إن «الموال الحقيقي الذي يعزفه البعض، لا إصلاح ولا انتخابات، بل مناقصة بالتراضي تقود إلى تأجيل الانتخابات». وسألت «إذا كانوا يخشون من الانتخابات على كرسي الفرعية (مقعدان في طرابلس ومقعد واحد في كسروان) ونسفوها، فكيف يأمنون نتائج الانتخابات العامة؟».
ولا تخفي جهات سياسية أخرى، إمكان بروز تعقيدات قد تستدعي تمديد مهل دعوة الهيئات الناخبة، حيث أوضح عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عمار حوري، أن «تيار المستقبل متمسك بإجراء الانتخابات في موعدها». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «البطاقة البيومترية (الممغنطة) هي مطلب باتجاه الحداثة، لأنها تحمل كل (داتا) المعلومات العائدة للمواطن، وهي معتمدة في أرقى دول العالم». وقال حوري «نتمنى أن تنجز الانتخابات في موعدها، لكن قانون الانتخابات يتضمن آلية تتحدث عن الخيار الآخر، في حال بلوغ موعد الانتخابات ولم تنجز البطاقة البيومترية أو الممغنطة»، مشيراً إلى أن «وزارة الداخلية ستقدم حينها الاقتراح المناسب، سواء بتمديد المهلة أو إجراء الانتخابات ببطاقة الهوية»، مشدداً على «عدم المس بالعملية الانتخابية».
رغم إعلان التيار الوطني الحر، أنه في طليعة الرافضين لتمديد إضافي للبرلمان، فإنه لا يمانع من التأجيل لأشهر قليلة، تسمح بإجراء إصلاحات جوهرية في العملية الانتخابية، وفق ما أوضح عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الوزير الأسبق ماريو عون لـ«الشرق الأوسط»؛ إذ ذكر بأن التكتل «أول من نادى بتقريب موعد الانتخابات، إذا كانت ثمة استحالة لإنجاز البطاقة الممغنطة». لكنه أشار إلى أن «مجلس الوزراء قرر في جلسته الأخيرة ربط الانتخابات بالبطاقة البيومترية والتصويت الإلكتروني للمغتربين؛ لذلك قررنا السير بهذا القرار»، معتبراً أن «اقتراح الرئيس نبيه بري بتقريب موعد الانتخابات، وتقديمه مشروع قانون بهذا الخصوص فاجأ الجميع، وهذا يعني أن بري يعتبر أن خطوة البطاقة البيومترية غير جدية».
ويرفض «التيار الحر» تحميله مسؤولية أي تمديد جديد للبرلمان، حيث شدد ماريو عون على «ضرورة أن تأخذ العملية الإصلاحية مجالها». وقال: «نحن ننتظر موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي يفترض أن يلتزم بتحقيق ما وعد به، ولا يتخلى عن هذا البند الإصلاحي».