كتب اسكندر شاهين في صحيفة “الديار”:
باغت رئيس مجلس النواب نبيه بري الاطراف كافة في مؤتمره الصحافي الذي كشف خلاله عن قيام كتلته النيابية بتقديم «اقتراح قانون معجّل استنادا الى المادة 18 من الدستور ويقضي بتقصير ولاية المجلس الحالي استثنائىا في 31/12/2017 على ان تجرى الانتخابات قبل نهاية السنة على ان يعاد النظر بالمهل والاجراءات وقد برّر بري موقف كتلته بأنه يأتي «انسجاما مع المصلحة الوطنية والتزاما بروح القانون الذي يفرض اجراء الانتخابات في اقرب فرصة عند انتفاء الاسباب الاستثنائىة التي دعت الى تمديد هذه الفترة وفق الاوساط المواكبة لايقاع عين التينة، فهل ما ساقه بري في تعليله هو الحقيقة، وهل انتفت الظروف الاستثنائىة التي كانت تملي عليه التمديد للمجلس منذ العام 2009 والمرتبطة بالحرائق في المحيط؟ علما ان الحروب السورية لم تضع اوزارها بعد وسط ضبابية قاتلة تحيط بأجواء لعبة الامم، وما خطط للمنطقة من ادناها الى اقصاها الا دليل على ذلك. وهل يعتبر «ابو مصطفى» في موقفه من تقصير ولاية المجلس انه يعرّي كل الذين اتهموه بتعمده التمديد للمجلس النيابي 3 مرات بحجة الظروف الاستثنائىة وحملوه المسؤولية على قاعدة انه «ابو التمديد»؟
وتعتقد الاوساط نفسها ان الاسباب المعلنة لبري والتي حصرها باستحالة انتاج البطاقة البيومترية وبخوفه من تمديد طارئ للمجلس للمرة الرابعة، ان وراء خطوة رئىس مجلس النواب دوافع غير معلنة، في طليعتها ضمان ولاية رئاسية جديدة للمجلس الجديد وفقا لموازين القوى السياسية في المرحلة الراهنة، كون بري لا يضمن في حال حصلت الانتخابات النيابية في ايار من العام المقبل ثبات موازين القوى المالية وبروز اتجاهات لا تحبذ بقاء رئاسة المجلس في عهدته، ولا سيما ان النظام النسبي الذي سيعتمد في الانتخابات سيؤدي الى بروز تمثيل نيابي لقوى سياسية خارج الاصطفافات الراهنة واغلبها من الوجوه الجديدة الطامحة الى تغيير قواعد اللعبة على رقعة الشطرنج النيابية وفي طليعتها رئاسة المجلس النيابي.
وتشير الاوساط الى ان ثمة دافعاً اخر يقف وراء خطوة بري وهو فرط التحالف الانتخابي المرتقب بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» قبل ان يتحول «الغزل» بينهما الى «زواج ماروني»، ولا سيما انه خلال الفترة التي تفصل الجميع عن موعد الانتخابات في ايار المقبل قد ينجح العهد العوني والحكومة في تحقيق انجازات اجتماعية واقتصادية سيتم «تفريشها» في الانتخابات المقبلة تضمن للطرفين مكاسب انتخابية بخلاف الوضع المالي بين الازرق والبرتقالي، حيث تفصلهما بعض التباينات ي المواقف سواء بالنسبة لعودة النازحين السوريين او بالنسبة للتحقيقات في حوادث عرسال عام 2014. وكانت خطوتها الاولى القاء القبض على عبادة الحجيري نجل «ابو طاقية» وتوقيف رئيس بلدية عرسال علي الحجيري «ابو عجينة» المحسوب بطريقة او بأخرى على «تيار المستقبل».
وتقول الاوساط ان بري جاد في موقفه من تقصير ولاية المجلس الحالي وما يؤكد ذلك نعيه للانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، وان رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع سارع الى الاعلان عن استعداد «القوات» لخوض الانتخابات ايا كان موعدها بخلاف «تيار المستقبل». المطالب بإجرائها في توقيتها المحدد في ايار، في وقت رأى فيه وزير الخارجية جبران باسيل من اميركا «ان هناك من يريد الاطاحة بالاصلاحات التي حققها التيار البرتقالي على صعيد انتاج قانون جديد لانتخابات، علماً ان القانون المذكور العصي على الفهم وفق النائب وليد جنبلاط اثار حالة من التململ على صعيد «التيار الحر» تمثل باستقالة هيئة «التيار» في جزين، وكذلك في عكار على خلفية الاحقية في الترشح، ويبقى السؤال الاساسي يتعلق بموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول خطوة بري، فهل يلاقيه الى منتصف الطريق كون عون لم يعترف بشرعية المجلس الذي انتخبه ولو وافق على التمديد الاخير له في مطلع عهده.