كتب عيسى بو عيسى في صحيفة “الديار”:
ثمة اسئلة جوهرية مطروحة بقوة حول ما يجري داخل الساحة اللبنانية لناحية التعامل مع التيار الوطني الحر قبل وبعد وصول الرئيس ميشال عون الى سدة الرئاسة ذلك ان هذه التحولات المبنية على بروباغندا دعائية سبيلاً لتحقيق الهدف المتمثل بضرب التيار الوطني دون معرفة اي سبب جوهري، اما لماذا هذا الامعان في محاربة التيار؟
يكشف مصدر في التيار الوطني الحر الى عدم تأثر الحزب بالحملة التي اطلقت ضده منذ عشرات السنوات على خلفية «عنزة ولو طارت»، ويلفت الى ان لبنان ومنذ ما قبل الطائف حكمته الميليشيات المتحاربة ودخلت بعد الحرب وفق قوانين المصالحة والعفو وادخلت معها هذه المفاهيم الى ادارات الدولة التي تغلغلت في معظمها دون وجه حق وتعاملت داخل الادارة مع المواطنين كتعاملها على الحواجز العسكرية التي كانت قائمة والتي افسدت وقتلت وسرقت، وبالتالي كيف يمكن لدولة او ادارة ان تقوم من بين السرقات والخوات خلال فترة اشهر، ومن قال ان هؤلاء الدخلاء على ادارات الدولة يمكن ردعهم او توقيفهم عند حدودهم خصوصاً وان لكل رعية راع، وبالتالي فان محاولات الاصلاح من الطبيعي ان تصطدم بجماعة مستفيدة من خيرات الدولة وجيوب المواطنين خصوصاً ان التوظيفات والمحسوبيات لا يمكن ابداً ردعها دون رفع الغطاء عنها فالسارق الصغير له معلم كبير والاخير لديه ما هو اكبر منه، ومحاولة فك هذه السلسلة من الفساد يستلزم ارادة صلبة لا تتراجع عند اول منعطف كما تتطلب مثابرة يومية وملاحقة مستمرة. لا يعطي هذا المصدر اهتماماً للخلافات السياسية التي يمكن تخطيها وفق المصالح السياسية انما السبب الاساسي للطعن الدائم بالتيار الوطني الحر يتمثل بكارتيل الفساد وهذا وحده كفيل بمحاولة رش الاضاليل بصورة دائمة لربما يصدق احد هذه الكذبة ويقول: ان معظم الاحزاب والشخصيات السياسية المناوئة للتيار الوطني لم تجتمع يوماً على أسس ومبادئ سياسية او اصلاحية انما هذا هو المفترض الواقعي لتجمعهم للحفاظ على مكتسباتهم وحقيقة الامر انه العامل الوحيد الذي يجمع بين اخصام التيار كما حصل في العديد من المحطات السياسية في البلاد.
وبعيداً عن الفساد وحسب الصورة القائمة اليوم، يرسم هذا المصدر جغرافية علاقة التيار بمجمل الاحزاب وهذا لا يعني وفق ما يقول ان البلد كله فاسد او ان ما سيذكره بالعلاقة مع بقية الاحزاب، انما مبنية على فساد فيها بل المرتجى من هذه الجغرافية تبيان موقع التيار الوطني الحر قبل وبعد وصول الرئيس عون الى بعبدا وفق التالي:
اولاً: علاقة التيار بحزب الله لا تشوبها شائبة وفق النظرة الاستراتيجية للامور ولموقع لبنان من الصراع مع اسرائيل والتكفيريين على حد سواء، ولكن وفق هذا المصدر ان الحزب لا يعطي كامل نشاطه للمساعدة على الصعيد الداخلي المعيشي والاقتصادي لانشغاله بمسائل اكبر واهم لكن تبدو الدعوة الى الحزب لانخراطه في رفع الظلم عن الناس مشروعة خصوصاً لناحية تأمين ابسط قواعد العيش للطبقات الفقيرة ومد يد العون للحفاظ على المالية العامة للدولة بالرغم من كون التيار الوطني قفز فوق الاتفاق الرباعي في الانتخابات في العام 2005 والذي كان موجهاً ضده وحزب الله كان طرفاً فيه دون وجود اسباب مشروعة سوى اطلاق النائب وليد جنبلاط مقولته الشهيرة : «تسونامي عون» وبالرغم من ذلك وبعد مرور زمن قصير ابرم التيار والحزب تفاهمهما في مار مخايل على خلفية رؤية العماد عون القديمة والتي ذكرها في رسائله من المنفى ان المنطقة مقبلة على صراعات طائفية فلم يسمع ويهتم احد لهذا الكلام الا بعد حصوله في لبنان والمنطقة بكاملها.
ثانياً: مع المردة الخطوط الان مقطوعة كلياً بعد شهر عسل دامت ايامه سنوات كان فيها العماد عون الاب والمرجع الصالح الا ان الانتخابات الرئاسية وضعت الاسفين بين التيارين على هذه الخلفية بالذات ولم تنجح المبادرات البطريركية ولا غيرها في رأب الصدع بل العكس هو الذي حصل وحدث ما لم يكن في الحسبان على صعيد توطيد العلاقة بين القوات اللبنانية وتيار المردة مع العلم ان المردة كانت اكثر من مغتاظة لترشيح القوات للعماد عون الى الرئاسة، أما هذه المعادلات والخرائط الجديدة استجدت ايضاً لدى تزعم الوزير جبران باسيل التيار الوطني الحر وهذا ما لم يستطع بلعه لا من قبل المردة ولا القوات على حد سواء.
ثالثاً: في العلاقة ما بين التيار والقوات عدا عن علامات الاستفهام الكثيرة المطروحة على نتائج ورقة النوايا بينهما فان بند التحالف الانتخابي وان لم يكن مزروعاً في هذه الورقة الا ان الصورة تبدو وفق طريقة غب الطلب من اللون الرمادي الى الابيض وصولاً الى الاسود، وحاولت القوات عبر دخولها الى الحكومة ان تحتذى بعمل وزراء التيار ونجحت القوات بذلك الى حد معين واعطت صورة بيضاء عن العمل الحكومي للشعب اللبناني، ولكن يسأل هذا المصدر: من قال ان رئيس التيار جبران باسيل لا يحبذ هذا النجاح او لا يشجعه؟ بل العكس هو الصحيح لكن يبدو ان الانتخابات النيابية المقبلة كفيلة وحدها باعطاء صورة خلافية اكبر بين الحزبين ويبدو ان هذا هو الهدف الاساسي.
رابعاً: بين حركة امل والتيار الوطني الحر ثمة اشكالية حاصلة منذ البدء وتطورت لتصبح مشكلة كبيرة بين الطرفين لم يستطع احد ايجاد الحلول لها، ولكن هذا المصدر يسأل: نحن مستعدون للمعالجة انما فقط لتقول الحركة ماذا تريد؟ ولكن هذا الجواب على اصعب الاسئلة المطروحة بين الطرفين لا يمكن الاجابة عليه لا قبل رئاسة العماد عون ولا بعدها، ويقول: ثمة قطبة مخفية لا تتعلق بالاشخاص انما بطريقة الاداء داخل ادارات الدولة بحيث يبدو ان ما يحمله التيار الوطني من طروحات لا تتوافق مع تطلعات الحركة بحيث يمكن الجزم، ان العلاقة لن تتحسن بل ذاهبة نحو التأزم اكثر مع العلم ان الطرفان متفقان على استراتيجية العمل الوطني العام والعلاقة مع سوريا والعداء لاسرائيل ولكن ثمة خشية لدى حركة امل تتعلق ببعض الحيثيات الرئاسية فيما التيار وفق المصدر نفسه لا يبالي بهذا الشأن ولا يفكر به حتى مجرد تفكير.
يبقى حسب هذا المصدر سؤال مركزي يتمحور حول عدم وجود «حب» للوزير جبران باسيل الذي تكال له يومياً شتى الاساءات وصولاً الى اضطراره لرفع السرية عن امواله المنقولة وغير المنقولة سبيلاً لرد الاضاليل والاشاعات، ويكفي، يختم المصدر، بالاشارة الى ان من لديه ورقة صغيرة تدين باسيل بأي اتهام ان يظهرها للعلن مع العلم ان الرجل عمد الى تحويل مجمل الوزارات الى سيادية بعد ان كان يبتعد الجميع عنها!! فهل هذا يسمى اخفاق او نجاح، فساد او شفافية، على جميع من يخاصم جبران باسيل ان يدل عليه بالاصبع والا ما معنى هذه الاتهامات السياسية، اللهم اذا كان باسيل عمد الى توسعة المطار لطائرته الخاصة امام منزله في البترون… ان صليب التيار الوطني كبير جداً ويبدو انهم مستعدون لحمله.