كتب بسام أبو زيد
من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
هذه هي الحال التي تنطبق على من استعجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب، من دون الالتفات إلى واقع المواطنين الفعلي والواقع المالي والاقتصادي في البلد، والاكتفاء بالسعي لتحقيق ما يعرف بالإنجاز من أجل استخدامه في الانتخابات النيابية المقبلة، تحت شعار أن هذه الحكومة وهؤلاء النواب هم من أقروا سلسلة الرتب والرواتب.
وفي خضم الاشادة بالإنجاز الذي تحقق والقول للمواطنين إنه لولا هذا الحكم لما أقرت السلسلة، أتى الطعن أمام المجلس الدستوري بقانون الضرائب وإبطاله من قبل المجلس بمثابة عقاب للذين استعجلوا إقرار السلسلة ومواردها، عقاب لم ولن يعرفوا كيف يخرجون منه لأن المأزق الذي أوقعوا فيه البلد وأوقعوا أنفسهم فيه لا يمكن الخروج منه جديا إلا بالتنحي وفسح المجال أمام طبقة سياسية جديدة لتولي المسؤولية.
إزاء هذا الواقع لم يجد المستعجلون أمامهم سوى الهروب إلى الأمام، فحاولوا في البداية أن يخلقوا لدى الرأي العام مخاوف تتعلق بالوضع المالي والاقتصادي وأن سبب هذا المخاوف هو الطعن ونتيجة الطعن، وهذا أقل ما يقال فيه إنه استخفاف بعقول المواطنين ومحاولة لذر الرماد في العيون هدفها في النهاية التهرب من المسؤولية.
طبعا هذه المحاولة لم تنجح وشعر المستعجلون بالسياسة بأن بساط الشعبية يسحب من تحتهم وبأن من تقدموا بالطعن، وفي مقدمهم النائب سامي الجميل، حملوا بالفعل هموم المواطن، ولاقاهم المجلس الدستوري في خطوة لا تحمل صفة الشعبوية والغوغائية بل صفة القانون والدستور.
لم يتبق أمام المستعجلين سوى التراجع عن الخطأ، خطأ السلسلة ومواردها، ولكن حتى هذه الخطوة لم تعد تنفع بل زادت المشكلة مشكلة بحيث أن المواطنين الذين وعدوا بالسلسلة سيحرمون منها إلى حين، وستزداد نقمتهم على العشوائية في القرارات وعلى المتاجرة بهم في سبيل أصوات صندوق الاقتراع.
إن المطلوب هو رؤية اقتصادية ومالية واضحة، ووقف الهدر والمخصصات، وموازنة في إطار خطة وليس حسابات “دكنجية”، كما أن قطع الحساب يشكل الوسيلة الوحيدة لحساب من ارتكب وخالف.
إن من عجز عن إقرار موازنة منذ العام ٢٠٠٥ حتى اليوم سيكون بالتأكيد عاجزا عن إنقاذ وضع إقتصادي لا أفق له سوى تأمين مصالح الجهات السياسية الفاعلة كي تمول أحزابها ومشاريعها الشخصية وصفقاتها.