أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان بيروت وباريس تخوضان اليوم معركة واحدة، معركة حماية قيم السلام والحرية والديمقراطية التي نؤمن بها.
عون، وفي مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو ، قال: “باريس وبيروت مدينتان قادرتان على الصمود ومنفتحتان على العالم، فقد تمكنتا من استيعاب مزيج من الحضارات، وتحولتا نسيج ثروات تشع لأبعد حدود”.
واضاف: “ربحنا معركة حاسمة ضد داعش في لبنان، وبإسم جنودنا الشهداء نهدي هذا الانتصار إلى جميع ضحايا الهجمات الإرهابية، إلى كل قطرة دم أريقت في العالم”.
وبشأن قضية النازحين، لفت عون الى “اننا تشاركنا مع النازحين ولمدة ٦ سنوات مدارسنا ومستشفياتنا وأعمالنا وأرضنا واليوم أصبح من الضروري تنظيم عودتهم إلى المناطق المستقرة في سوريا”، لافتا الى انه من واجب الأمم مساعدة النازحين للعودة إلى بلادهم بدلا من مساعدتهم على العيش بمخيمات غير إنسانية فيتركونها ليذهبوا إلى أوروبا بطرق غير قانونية.
ورأى ان زعزعة استقرار لبنان – هذا البلد الذي يواجه حاليا أزمة اقتصادية كبرى – هي بمثابة عملية انتحارية لكل المجتمعات التي تؤمن بالتعددية وبالديمقراطية، مضيفا: “المحافظة على استقرار لبنان ضرورة للتصدي للتحدي الذي يطرحه القرن الواحد والعشرين، تحدي “العيش المشترك””.
واشار الرئيس الى ان لبنان تمكّن من المحافظة على “العيش المشترك” رغم الاضطرابات في المنطقة وذلك ليناهض الفكر الأصولي وديكتاتورية الإرهاب.
عون اكد ان دعم لبنان في المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية هو أساس لتحقيق السلام المستدام في الشرق الأوسط وفي العالم.
ولفت الى ان مشاريع كبيرة تنتظر لبنان وتمكنّا من إقرار قانون انتخاب جديد يصحح التمثيل وواجهنا الإرهاب بطريقة دفاعيّة.
من جهتها توجهت رئيسة بلدية باريس للرئيس عون بالقول: “زيارتكم تمثّل رسالة أمل لكل محبي لبنان وتعكس وجه بلدكم”. واضافت: “من دون لبنان لما كانت باريس على ما هي عليه اليوم”.
وحيّت شجاعة لبنان الذي دفع ثمناً كبيراً نتيجة الأزمات التي تواجه الشرق الأوسط من خلال إستقبال مليون ونصف مليون لاجئ سوري.
الى ذلك زار الرئيس عون عند الثانية عشرة والنصف من ظهر اليوم (الاولى والنصف بتوقيت بيروت)، مقر مجلس الشيوخ في قصر لوكسمبورغ، وكان في استقباله رئيس المجلس جيرار لارشيه، الذي صافحه عند المدخل الرئيسي، يحيط به القائد العسكري لقصر لوكسبمورغ الجنرال جان بيار مولينييه.
وعرض الرئيسان عون ولارشيه ثلة من الخيالة وحرس الشرف على وقع موسيقى الحرس الجمهوري الفرنسي، ثم بعدها تقديم اعضاء الوفدين اللبناني والفرنسي، وبعد التقاط الصور التذكارية، اصطحب لارشيه ضيفه الى مكتبه، حيث عقدا اجتماعا في حضور اعضاء الوفد اللبناني الرسمي الذي انضم اليه النواب، جيلبيرت زوين ونبيل نقولا والان عون وسيمون ابي رميا وعدد من اعضاء مجلس الشيوخ.
لارشيه
في مستهل اللقاء، اعرب لارشيه عن سعادته “للترحيب بالرئيس عون والوفد المرافق”، مستذكرا “علاقة جمعته معه منذ العام 1986″، مشيرا الى انه زار بيروت “35 مرة، الا انني شعرت اليوم بسعادة حقيقية لاستقبال الرئيس اللبناني الذي اعاد الحياة الى المؤسسات الدستورية اللبنانية بعد غياب، شعرنا جميعا بمرارته، لا سيما لدى زيارتي بيروت لافتتاح معرض الكتاب الفرنسي، حيث لم يكن هناك رئيس للجمهورية ازوره واعبر له عن تقديري”.
وشدد على “اهمية العلاقات اللبنانية – الفرنسية، ودور مجلس الشيوخ في تعزيزها وتطويرها، خصوصا بعد انتظام الحياة الدستورية في البلاد”.
ورد الرئيس عون شاكرا للرئيس لارشيه “العاطفة التي ابداها تجاهه”، مستعرضا مراحل عمله السياسي وصولا الى انتخابه رئيسا للجمهورية، قائلا انه “خاض الكثير من المعارك من اجل سيادة لبنان واستقلاله، وهو اليوم في باريس يواصل باسم الشعب اللبناني كله الدفاع عن الحقوق الوطنية اللبنانية وعن السيادة والاستقلال”.
وتم خلال اللقاء التطرق الى الكثير من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، لا سيما “موقف لبنان من الارهاب بعد الانتصار الذي حققه الجيش اللبناني على تنظيم “داعش” الارهابي، والاوضاع في سوريا ومسألة النازحين السوريين، اضافة الى الاوضاع الاقتصادية العامة والتطورات الاقليمية”.
كما تناول الحديث “الجهود التي تقوم بها فرنسا من اجل مساعدة لبنان من خلال المؤتمرات التي يتم التحضير لها لمساعدة الجيش والقوى المسلحة، وموضوع الاستثمار في لبنان اضافة الى وضع النازحين”.
كذلك تم خلال اللقاء “تقييم التطورات الدولية المرتبطة بعدد من الاحداث، فضلا عن اوضاع مسيحيي الشرق”، الذي نوه الرئيس لارشيه ب”ما يقوم به الرئيس عون لجهة الاهتمام بمعالجتها لتأمين استمرار الوجود المسيحي في الشرق”.
وبعد انتهاء المحادثات، دون الرئيس عون في سجل مجلس الشيوخ العبارة الاتية: “ان القوة المعنوية اقوى من القانون، ولو ان الاثنين يسيران معا. باسم لبنان احيي هذا المقام النبيل الذي تسن فيه التشريفات ويقضي باحترام قوة الالتزام المعنوي، هذا المقام المرتفع على اسم حرية التعبير والنقاش الديموقراطي”.