كتب فادي عبود في صحيفة “الجمهورية”:
ان كانت الأزمة الراهنة لتقنعنا بشيء ، فيجب ان تقنعنا اننا بحاجة الى تغيير جذري في عقلية ادارتنا للسياسة الاقتصادية في البلاد. لقد قالها المجلس الدستوري بشكل واضح ، الموازنة اولا وشمولية الموازنة مقدسة.يجب ان يكون الغاء قانون الضرائب صرخة الاستيقاظ للحكومة لتعاود لعب دورها الاساسي كمحرك للاقتصاد والانتاج في الدرجة الاولى. الموازنة اولا يعني ان نرسم سياسة اقتصادية شاملة لتكبير الثروة وتحريك الاقتصاد والانتاج ليتمتع الجميع بالبحبوحة .
الموازنة اولا تعني ان نخلق ضرائب تهدف الى التطوير الاقتصادي والاجتماعي، وان نوسع مجالات الاستثمار ونزيل كل العوائق التي تحول دون تحويل لبنان الى ساحة استثمارية تُطور الانتاجية في كافة القطاعات وفي القطاعات التي نملك فيها مزايا تفاضلية وتنافسية من الصناعة والسياحة والخدمات والتعليم الخ…. والتي تخلق فرص عمل (منتجة) لآلاف المتخرجين الذين نرتضي ان يهاجروا.
لنعيد تأسيس كل شيء على اساس الانتاجية والعقلية الاقتصادية المتطورة، لم تعد الدولة تتحمل حقوق مكتسبة وكأنها مقدسة وغير قابلة للمراجعة، فموظف القطاع العام مطالب بالانتاجية والالتزام والتطوير مثله مثل موظف القطاع الخاص، في بلد أصبح دينه العام أكثر من 150% من دخله القومي ، يجب ان يكون الاصلاح في القطاع العام اساسياً ويتساوى في اهميته مع موضوع السلسلة، ويبقى الاهم تطبيق الشفافية المطلقة.
بدل ان نقوم بكل ذلك، نقوم باقرار بعض الضرائب العمياء، وبما انني لست ممن ينتقدون من دون تقديم بدائل، لنراجع سريعا بعض الضرائب المقرة:
– اولا: في رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 11%، الافضل كان اعتماد شركة من شركات التدقيق العالمية للتدقيق بقيمة الفاتورة والنوعية والكمية للبضائع المستوردة في بلاد المنشأ.
اما بالنسبة للشركات غير المسجلة في الTVA فيجب تخفيض رقم حجم الأعمال للشركات غير المسجّلة من 150 مليون ليرة لبنانية الى 30 مليون ليرة لبنانية ومنع استيراد كميات تجارية اذا كانت الشركة المستوردة غير مسجّلة في TVA. او من قبل اشخاص. هذا الاجراء يمنع التهرب الضريبي ويزيد ايرادات الTVA بحوالي 400 مليون دولار سنوياً.
– ثانيا: بالنسبة لزيادة رسم مقطوع على كل مستوعب يدخل المرفأ، فهذا ازدواج ضريبي والمفروض تطبيق شمولية الموازنة بكل ما للكلمة من معنى خاصة بعد تشديد المجلس الدستوري على الموضوع وتحويل كافة الرسوم التي تجبيها اللجنة المؤقتة لمرفأ بيروت و هي بالواقع ضرائب وليست رسوم لانها على حسب نوع البضائع الى خزينة الدولة مباشرة.
– ثالثا: بالنسبة لفرض غرامات نسبية على الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية، كما الضرائب الاخرى المتعلقة بالارباح العقارية ورخص البناء، فالطريقة الانسب هي تطبيق التخمين المركزي لان التخمين المعتمد لاحتساب الغرامات على الاملاك البحرية غير واقعي نهائياً كما هو الحال في بعض التخمينات والقيم التأجيرية الخ.
-رابعاً: بالنسبة لإخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي قدره 20% من قيمة الجوائز، البديل هو العمل على تنشيط اليانصيب الوطني وخاصة أنّ هذه اللعبة الوحيدة في الشرق الأوسط وتملك إمكانية استقطاب ملايين المشاركين من لبنان والدول العربية والعالم من خلال الانترنت وبالتالي زيادة الأرباح سيما ان الدولة تملك اليانصيب الوطني.
– خامساً: زيادة الرسم على إنتاج الإسمنت، لا يعقل ان يستمر لبنان بممارسة الحصرية في هذا المجال ومنع استيراد الاسمنت تحت حجج واهية يجب فتح باب الاستيراد وفرض هذا الرسم على الانتاج المحلي والمستورد، معدل سعر الاسمنت في لبنان دون ضرائب أكثر بحوالي 30% من الاسعار العالمية وهذا دعم لصناعة الاسمنت غير مبرر.
– سادساً: زيادة رسم الطابع المالي، في اقتصاد القرن الواحد والعشرين المفروض الغاء كل الطوابع على اشكالها وانواعها والتي تعتبر ضرائب غير فعالة وكلفة جبايتها مرتفعة ومعقدة ويمكن الاستعاضة عن كل الطوابع بـ1% على الـtva لتحل محل الطوابع.
– سابعاً: ضريبة على كل بطاقة مسبقة الدفع تصدرها شركات الخليوي للهاتف او الانترنت، كل دول العالم تعتبر ان الخليوي والانترنت هي عدة عمل لزيادة فعالية الاقتصاد لذلك يجب العمل على تخفيض الاسعار وخلق جو استثماري مناسب لتشجيع السياحة والاعمال.
– ثامناً: بالنسبة الى زيادة رسم السجل العدلي، ان هذا نوع من البيروقراطية الادارية فيجب ان يكون السجل العدلي متوفرا عند كل اجهزة الدولة الكترونيا والتوقف عن هذه العادة غير الفعالة والتي تكلف وقتا وازدحاما وانتظارا وتضييعا للوقت.
يجب على الموازنة الموعودة ان تلحظ العديد من الضرائب التي كنا اشرنا اليها مرارا بالتفصيل وهذه ضرورة لانتظام المجتمع وسلامته مثل تطبيق قانوني التدخين والسير واعادة النظر بتوزيع عائدات محاضر السير وهذه مردودها غير المباشر على المجتمع هو اهم بكثير من مردودها المباشر.
كما تطبيق الضريبة الموحّدة على الدخل وتوحيد الصناديق الصحية (الضمان الاجتماعي- التعاونيات – الجيش وقوى الان، القضاء ووزارة الصحة الخ) ، وتنظيم العديد من النشاطات التي تحقق ارباح على حساب الدولة من دون حسيب او رقيب مثل تنظيم العاب الميسر الالكترونية وفرض ضرائب مرتفعة على الكسارات والمقالع.، كما ضرائب على الأسلحة الفردية، الإعلانات الطرقية،.. valet parking.، الإستيراد غير الشرعي للهواتف الخلوية، الخ…. وفرض ما يُعرف
بالـ WINDFALL TAX وهي ضريبة مباشرة لمرة واحدة فقط تفرضها الدولة على عقود الشركات التي حققت أرباحاً غير مبرّرة نتيجة عقود غير عادلة، المساحات المردومة، ارباح الهندسة المالية، عقود النفايات، الخ
ولتكبير حجم الاقتصاد يجب العمل على تطبيق مبدأ التنافس وفك الحصريّات، والأمثلة على ذلك كثيرة من شركة طيران الشرق الأوسط، الكازينو، إدارة التبغ والتنباك، المرافئ، المطارات، وحصريات الدولة مثل الهاتف، الخلوي، البريد السريع والكهرباء وغيرها وتأمين جوّ تنافسي حقيقي ووفر كبير على المواطن.
كما العمل على تطوير مرافق الدولة مثل تطوير مطار بيروت وإنشاء مطارات أخرى، وخصخصة صالون الشرف وتحويله الى مسرب سريع مدفوع وتأمين خدمات للمسافرين مما يؤمن اكثر من 100 مليون دولار سنوياً.
الالتزام التزاما تاما بمبدأ شمولية الموازنة وعدم جواز فرض ضرائب إلّا من مجلس النواب ولصالح الدولة فقط، كما هو مفروض على لبنان من منظمة التجارة العالمية، شمولية الموازنة تمنع إي جباية لأي ضريبة الا من قبل الدولة ولا يحق لأي نقابة او صندوق تعاضد او اي تنظيم او لجنة مؤقتة او غير مؤقتة من فرض ضريبة على العباد مهما كان السبب.
يجب الخروج سريعاً من الحلقة الضيقة التي سجنا فيها اقتصادنا والسعي الى افق اوسع لخلق اقتصاد منتج ومتحرك وفاعل يعود بالفائدة على جميع شرائح المجتمع.