أشارت اوساط سياسية متابعة لصحيفة “الديار” إلى ان العلاقة غير المسبوقة بين البرتقاليين والتيار الأزرق شهدت تبدلاً في معالمها وملامحها. وقالت: “فيما كان اللوم يرافق مسيرة الرئيس سعد الحريري من اليوم الاول الذي شبك فيه يده مع بعبدا الى درجة “تخوين” الحريري من فريقه السياسي، فان الواضح ان هذا الفريق استجمع شتاته والتقط انفاسه أخيرا ليلتم البعيدين والقريبين حول رئاسة الحكومة ليعود ايضاً وزير الداخلية نهاد المشنوق لممارسة دوره كأحد صقور 14 آذار الاساسيين ملوحاً بسيف رفض التطبيع مع النظام السوري.
اللافت ايضاً هو التفاف معراب حول رئيس الحكومة برأي الاوساط، وتغريد الحريري وجعجع على الموجة ذاتها منذ فترة وتحديداً من احداث عرسال الى اليوم بشكل متناقض ومختلف عن تغريدات بعبدا.
خلاصة هذا الموقف ان الحريري «فرمل» الى حد ما، وفق تعبير الاوساط، اندفاعته العمياء نحو الرئاسة بحجة التنسيق مع نظام الأسد، فيما الواضح انه يعزف مع معراب على موجة المواقف السياسية نفسها، وكأنه لا يزال الحاضن لـ14 آذار عندما يتعلق الأمر بالنظام السوري محاولاً الى حد ما حماية “حرسه” القديم وفريقه السياسي، ومن هنا كان دعمه قبل فترة لرئيس الحكومة السابق تمام سلام ولقائد الجيش جان قهوجي الذي ارسل اشارات من السراي حول ملف عرسال بان للدولة اسرارها.
وكان لافتاً وفق الاوساط اللقاء الذي جمع سمير جعجع برئيس الحكومة قبل فترة واستباقاً لجولة رئيس الجمهورية ووزير الخارجية الاميركية والتي كان فيها ملف العلاقة اللبنانية السورية الطبق الرئيسي كما تخللها مصارحة ومكاشفة في موضوع احداث عرسال وتحرير الجرود وتبعاتها، وزيارات وزراء 8 آذار الى سوريا وما سببته وما وصل الى مسامع معراب وبيت الوسط بان ثمة توجها جديا لفتح حوار مع دمشق، مما استتبع دق ناقوس الخطر وتسبب بكل هذه التداعيات.
واذا كان ثمة تناغم ليس جديداً لكن تم تفعيله وضخه بالاوكسيجين الحيوي بين معراب وبيت الوسط، لكن سقوط التسوية الرئاسية ليس مطروحاً، والحريري وفق الاوساط مدرك ان زعزعة العلاقة مع العهد لا تخدمه بعدما انجز ما انجزه من تموضعات، لكن الحريري المثقل بملف التطبيع مع النظام السوري وتحت وطأة جمهوره السني والآذاري السابق يجد نفسه ملزماً بأخذ قسط من المواقف قبل اتخاذ اي مبادرات.
وتحذر اوساط 14 آذار من تكرار نغمة التنسيق، فالتسوية الرئاسية أنجزت لضمان الاستقرار الداخلي وحماية لبنان من عواصف المنطقة، وحينها تم تحييد الملفات الحساسة على غرار التنسيق مع سوريا على حدة وتأجيلها الى اوقاتها، لكن الاصرار على النغمة «التنسيق لاجل العودة» يضع التسوية على المحك.
وتقول الأوساط: “المفارقة في كل ذلك ان الحريري وجعجع ظهرا أخيرا بصورة الحليفين السابقين في 14 آذار اللذين لا يفترقان، تتوتر علاقتهما بموقف عرضي وسريع ومن ثم يلتقيان كما تقول اوساطهما وكأن ما حصل لم يحصل، فالحريري وجعجع تجمعهما روابط كثيرة قبل التسوية الرئاسية وبعدها، وهما نفذا انقلاب 14 آذار عندما قررا تسمية ميشال عون رئيساً، وهما اليوم الحليفان القويان للعهد، والمعارضان المشاكسان له حين يتعلق الموضوع بالنظام السوري او سلاح حزب الله.
فاللقاء بين الحريري وسمير جعجع كل فترة يدل على متانة تحالفهما وتشاورهما الدائم في كل الملفات، هذا ما يبدو واضحاً منذ اتفاقهما حول الانتخابات الرئاسية وفي العلاقة مع رئيس الجمهورية اليوم وفي قانون الانتخاب والتعاون في مجلس الوزراء. فحتى الساعة فان المسار السياسي بينهما خالي من الشوائب والعثرات، وثمة عناوين كثيرة تجمعهما من الأمس حتى اليوم، حصرية السلاح بيد الدولة وسياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الخلافات السياسية والمقاربة المشتركة لقضايا المنطقة ورفض التطبيع مع النظام السوري.