كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية: الانتخابات في دائرة الشمال الثالثة (البترون ـ الكورة ـ بشري ـ زغرتا) يراها المراقبون أكبر من معركة نيابية، وربما تكون أهم معارك مايو ٢٠١٨، إذ ينظر إليها على أنها تمهيدية للانتخابات الرئاسية في ٢٠٢٢، كونها تجمع أقطاب الموارنة المرشحين والطامحين إلى رئاسة الجمهورية (جعجع ـ فرنجية ـ باسيل) وتعتبر أنها معركة تصفية حسابات وإحدى جولات التصفية قبل الوصول الى معركة الرئاسة، إضافة الى أن لها دورا أساسيا في تحديد حجم القوى على الساحة المسيحية على مساحة لبنان ككل.
لم يتضح المشهد الانتخابي في هذه الدائرة حتى الآن، حيث الضبابية سيدة الموقف والقوى متشابكة والتحالفات يلفها الغموض، فالتيار الوطني الحر يخوض المعركة ليحصد لأول مرة مقعدا (على الأقل) في هذه الأقضية الأربعة، والقوات اللبنانية تريد تأكيد «هوية» الدائرة، فيما تيار «المردة» وبطرس حرب والكتائب والقومي يخوضون معركة وجودية.
رمزية هذه الدائرة أنها ستشهد معركة «تحديد الزعامة المارونية». ليس السبب فقط أن الشمال الثالثة أكبر دائرة مسيحية في لبنان (تضم ١٠ مقاعد، يليها المتن وبيروت الأولى بـ ٨ مقاعد لكل منهما)، بل أيضا لأنها الأكبر من حيث عدد الناخبين الموارنة (١٦٢ ألف ناخب مسجل، وتليها دائرة كسروان جبيل بـ ١٣٢ ألف ناخب)، وأيضا هناك وجود لثلاث كتل مسيحية أساسية انكسار أي منها في الدائرة الشمالية يعني انتكاسة على مستوى لبنان.
في دائرة الشمال الثالثة تتقاسم المقاعد حاليا القوات (مقعدان في بشري، مقعد في الكورة، مقعد في البترون) مع تيار «المردة» (٣ مقاعد في زغرتا)، وتيار المستقبل (مقعدان في الكورة) ومقعد لبطرس حرب في البترون. أما بشأن الانتخابات المقبلة، فتتوقف المصادر عند الأجواء والمعطيات التالية:
٭ العلاقة بين تيار «المردة» والقوات اللبنانية تشهد انفتاحا وتطورا وتقاربا. وفي حين تقول مصادر إنه قد يترجم تحالفا انتخابيا، تعتبر مصادر «المردة» (التي حسمت القرار بأن طوني فرنجية هو مرشحها) أن الحزب القومي حليفها ومن المفترض أن تتطور العلاقة الشخصية مع بطرس حرب الى تحالف انتخابي.
والأرجح أن يكون هذا الحلف القائم يضاف إليه النائب السابق جبران طوق في بشري (عبر نجله ويليام طوق).
وفي حين ترى المصادر أن تحالف «المردة ـ حرب ـ القومي ـ طوق» فرصة لكسب الكتائبيين في هذه الدائرة، تؤكد مصادر كتائبية عدم الانضمام في لائحة تضم القومي، وأن البحث يجري في أن تشكل لائحة مع المستقلين والمجتمع المدني.
٭ التحالف بين التيار الوطني الحر والقوات غير محسوم. وفي حين تقول أوساط في التيار ان الوزير جبران باسيل (رئيس أكبر حزب مسيحي) لن يكون في لائحة يرأسها غيره (في إشارة إلى لائحة ترأسها ستريدا جعجع)، تشترط القوات على التيار ألا يكون له مرشحون في بشري وزغرتا إن كان متحالفا معها، الأمر الذي ترفضه مصادر التيار وتقول إنه سيكون لها مرشح حزبي أو صديق في كل دائرة فيها هيئة حزبية، وان القانون النسبي يدفعها إلى دراسة إن كان من مصلحتها التحالف مع القوات.
والخيار أمام التيار حينها يكون تشكيل لائحة منفردا، فيما الأرجح أن تكون القوات متحالفة مع ميشال معوض الذي لم يحسم موقفه حتى الآن.
فهناك مؤشرات تدل على أنه يفضل التحالف مع التيار الوطني الحر، وأن علاقته جيدة بالوزير باسيل، فيما يضعه موقفه السياسي في نقطة أقرب إلى القوات، ولكن العقبة تكمن في أن معوض لا يقبل أن يكون في عداد كتلة القوات مستقبلا ويريد أن يظل مستقلا و«حليفا».
٭ ثمة أهمية قصوى للصوت السني، وعدد السنة في أقضية الدائرة الأربعة أكثر من ٢٢ ألف صوت (من دون أن يكون هناك مقعدان). وبحسب أحد الخبراء أنه إذا بلغت نسبة الاقتراع لدى السنة 60% وحصل المستقبل على 50% فقط من أصواتهم، فلن يكون بحاجة إلى أكثر من 6000 صوت مسيحي لضمان مقعد.
(أحد الخيارات أمام المستقبل لتفادي الإحراج بين القوات والتيار و«المردة» تشكيل لائحة، ليس بالضرورة أن تكون مكتملة يرأسها فريد مكاري أو من يرشحه إذا بقي مصرا على عدم الترشح).
.. وثمة أهمية للصوت الشيعي في هذه الدائرة، ويبلغ حاليا عدد الناخبين الشيعة في الكورة ١٢٠٢ وفي البترون 1034. وإذا كانوا بلوكا واحدا يساهمون في تأمين مقعد لإحدى اللوائح.
(حزب الله سيكون محرجا، بوجود حليفين رئيسيين التيار الوطني الحر و«المردة»، وقد يكون توزيع الأصوات بينهما واحدا من الخيارات أمامه).