رات مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” أن تاكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري ان علاقته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون “أكثر من جيدة”، قد يصحّ على الصعيد “الشخصي” بين الرجلين، لا أكثر. ذلك ان في السياسة، يتصادم فريقاهما عند كل استحقاق داخلي، سياسيا كان أم اقتصاديا أو إنمائيا. وقد بدا بري نفسُه يسلّم بهذه الحقيقة، في شكل غير مباشر، بقوله (في سلسلسة المواقف الصحافية ذاتها) إن “في “الاستراتيجيا” هناك تطابق مع فخامة الرئيس ولا وجود لأي تباينات”. اذ أنه، على الصعيد التكتي اليومي المحلي، لا تماهي بين الطرفين بل على العكس تماما. وآخر المواجهات بينهما، تدور فصوله اليوم على “ملعب” سلسلة الرتب والرواتب والموازنة وقطع حساباتها، بعد إبطال المجلس الدستوري قانون الضرائب برمّته.
واشارت المصادر الى ان معالجة قضية علاقة عون- بري باتت ملحّة، لأنها تؤثر مباشرة على مسار العهد. فإن بقيت متوترة، عرقلت تقدّمه، وإن تم ترطيبها، ساهمت في إقلاعه.
وفي السياق، قالت أوساط فريق 8 آذار لـ”المركزية” إن الطريق الى التخفيف من حدة التشنج بين الطرفين السياسيين، له باب واحد، تسويةُ العلاقة بين الرئيس بري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل. فالتوتر بين الرئاستين الأولى والثانية، بحسب الأوساط نفسها، لا دخل لرئيس الجمهورية فيه، بل إن ممارسات ومواقف باسيل هي من تزكّيه، والكيمياء المفقودة بين بري وباسيل تبدو هي أساس الخلاف الدائم بين “التيار” و”أمل”. وتأكيدا على ذلك، تستشهد الاوساط، بإعلان الرئيس بري اليوم أنه أجرى اتصالا برئيس الجمهورية هنأه فيه بسلامة عودته من فرنسا مشيداً بمواقفه خلال الزيارة، وقد فعل الشيء نفسه إبان عودة عون من نيويورك، بحسب الاوساط، ما يدل الى ان لا فتور أو تشنجا بينهما.
وفي وقت رات المصادر المراقبة ان ترتيب العلاقات بين الرجلين، في شكل نهائي، يحتاج الى أكثر من اتصالات هاتفية، وربما قد تساعد معاودةُ رئيس المجلس زياراته الدورية الى قصر بعبدا (في مواعيد يراها هو مناسبة وملائمة لا سيما أمنيا)، في تحقيق هذا الهدف، تقول إن حزب الله يكتفي حتى الساعة بلعب دور الاطفائي بين حليفيه. الا ان “الضاحية” إن كانت ترغب فعلا بخدمة العهد ومساعدته على “الانجاز”، عليها ان تتحرك على خط بري – باسيل، لترطيب الاجواء ورسم أطر واضحة تنظم العلاقة بينهما.
في الموازاة، تقول المصادر إن المناخات بين بعبدا والسراي لا تمرّ في أفضل أيامها أيضا، على خلفية اللقاء الذي جمع وزيري خارجية لبنان وسوريا باسيل ووليد المعلم في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة الاسبوع الماضي والذي اعتبره فريق رئيس الحكومة سعد الحريري، السياسي، ضربا للتسوية التي قام على اساسها العهد الجديد. غير ان المصادر تتوقع ان يصار الى لملمة آثار الانتكاسة، وهي الاخطر التي تتعرّض لها منذ انتخاب العماد عون رئيسا، في قابل الايام باتصالات حثيثة، بين الجانبين، الا اذا كان التيار الوطني مصمما على المضي قدما في مسار التطبيع مع النظام السوري، الامر الذي سيعكس قرارا لديه بإطاحة التسوية ومقتضياتها وسيعيد حكما خلط الاوراق والاصطفافات على الساحة المحلية.
وعشية اطفاء العهد شمعته الاولى، تشير المصادر الى ان لا بد من تسوية العلاقة بين “ترويكا” الحكم ولا بد من الاتفاق على الخيارات السياسية المحلية والاستراتيجية بينهم بوضوح، والا استمرّ في التخبط فيما وعد أركانه بالاصلاحات والانجازات والنمو.