Site icon IMLebanon

معركة مستمرّة لتفكيك شبكات “الموساد” وبؤر الارهاب

 

كتب علي الحسيني في صحيفة “المستقبل”:

على الرغم من الجدل السياسي النسبي الحاصل في البلد حول بعض الملفات، ونيران الحروب المشتعلة حول لبنان، وما رافقها من محاولات لبعض الجماعات الارهابية، تكريس واقع جديد يقوم بشكل أساسي على تثبيت أفكار هذه الجماعات ومعتقداتها التكفيرية وإرهابها، يخطو الجيش خطوات ثابتة نحو تكريس مفهوم الأمن وتثبيت مبدأ الاستقرار على جميع الأراضي اللبنانية، ضمن عملية انتشار يقوم بها على مراحل متعددة، تأخذ مداها لتصل إلى كل مدينة أو بلدة على مساحة الوطن.

لم يعد لبنان حقلاً للرمايات ولا منصّات صواريخ ولا صندوقاً للرسائل. على تلك الثوابت يُجمع اللبنانيون، وعليها يتفقون، ويزيدون أن المؤسسة العسكرية وبعد كل الجهود المُضنية التي قامت بها خصوصاً في الشق المتعلق بمواجهة الجماعات الارهابية عند الحدود وفي الداخل، لم يعد من

المسموح على الاطلاق التعرض لهيبتها أو تهميشها في عملية تثبيت الاستقرار، ولا تجاوزها في كل القرارات التي تُعنى بها وبعملها. ومما لا شك فيه، أن هذا التعاطف الشعبي غير المسبوق مع الجيش والعلاقة المميزة بينه وبين شعبه، والتي برزت بشكل واضح بعد معركة «فجر الجرود» حيث سطّر الجيش أهم الانجازات والبطولات، قد ظهرت إلى العلن من خلال الاحتفالات التي أُقيمت في اكثر من لبدة لبنانية، ترحيباً واحتفالاً بالوحدات المقاتلة التي كانت تمر في العديد من القرى البلدات، أثناء عودتها من جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة، بعد إنتهاء مهامها العسكرية.

إنجازات لا شك أنها تُزعج إلى حد كبير الجماعات الارهابية والعدو الإسرائيلي الذي ومنذ إعلان قائد الجيش عن بدء معركة الجرود، لم يغب طيرانه عن الأجواء اللبنانية وكذلك الامر بالنسبة إلى الخروق البحرية المتواصلة. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر عسكرية لـ «المستقبل» أن «الجيش يسير ضمن الخطط العسكرية والاستراتيجية التي وضعتها القيادة العسكرية والتي هي معنية بشكل أساسي، بوضع البلد على سكته الأمنية الصحيحة سواء على الحدود أو في الداخل. وما تم من عمليات انتشار لوحدات عسكرية من الجيش في جنوب لبنان مؤخراً، وقبلها في مناطق بقاعية خصوصاً بعد انتهاء معركة فجر الجرود، سوف تستمر حيث يرى الجيش حاجة ومصلحة لوجوده في أي منطقة وعند أي نقطة حدودية». أمّا المجهود الذي يقوم به الجيش، فهو مؤشر واضح على وجود الدولة التي لا شريك لسلطتها السياسية ولا لجيشها ومؤسساتها الأمنية، في حماية لبنان وشعبه من الشمال إلى الجنوب.

وأهم ما تبرزه المصادر في عملية تثبيت الأمن التي يعتمدها الجيش: «إغلاق الحدود البرية بشكل كامل وعدم السماح تحت أي من الظروف، بعودة الجماعات الارهابية إلى الداخل اللبناني أو مجرد التفكير بهذا الموضوع، والكشف عن مخازن الأسلحة والعبوات المُعدة للتفجير التي خلفها الارهابيين ورائهم قبل إندحارهم عن لبنان. ويجب أيضاً، عدم إغفال موضوع ذات أهمية كبرى، أن لبنان ومقارنة مع الدول الأوروبية، هو أقل بلد يتعرض لاعتداءات أو هجمات إرهابية ناجمة عن تحركات لخلايا نائمة. لكن كل هذا لا يعني أن لبنان بمنأى عن الأحداث بشكل كلّي أو أن الأمن مُستتب مئة في المئة. وعلى القاعدة نفسها، تأتي كل العمليات الاستباقية التي يقوم بها الجيش الذي تمكّن بفعل الدعم السياسي المطلق والجهود التي تقوم بها المؤسسة العسكرية من القيادة إلى العناصر، تكريس حالة يُمكن إلى حد كبير، وصفها بالمستقرة واعتبارها مقياساً في العمل العسكري والأمني».

من المؤكد أن لبنان قطع شوطاً كبيراً في عملية تثبيت الاستقرار بعد معركة الجرود وطرد الارهابيين منها، وهذا ما انعكس بشكل ايجابي على الداخل وأرخى حالة من الاستقرار والأمان بين اللبنانيين. لكن الحالة هذه، ليست بالضرورة أنها تعني، بأن البلد أصبح بمنأىً عن الارهاب وأن حالة الاستقرار قد ترسخت مئة في المئة، خصوصاً وأنه توجد اليوم، وبحسب مصادر أمنية، بعض بؤر الارهاب التي يجب التخلص منها، وهذا سيكون قريباً جداً على حد تأكيد المصادر نفسها. أمّا في ما يتعلق بالاجماع حول الدور الذي أداه الجيش، فيمكن القول أن معظم اللبنانيين يؤكدون أن الجيش خلق شبكة أمان أمنية وعسكرية هامة، منع من خلالها دخول الإرهابيين أو تسللهم الى المناطق الحدودية أو حتّى إيجاد أرضية أو موطئ قدم لهم في الداخل.

وتختم المصادر العسكرية بالتأكيد أن «مهمة الجيش لا سقف زمنياً لها وهي لا يُمكن أن تنتهي لا اليوم ولا غداً، خصوصاً في ظل المرحلة الحسّاسة والدقيقة التي تمرّ بها المنطقة بشكل عام. وهنا يبرز دور الجيش، عماد الوطن وأمنه واستقراره وقدرته على وضع حدّ لعمليات الاستهداف ومنعها بشكل شبه كُلّي. ومن أولوياته اليوم، صدّ أي عدوان اسرائيلي وضرب أجهزته المخابراتية في الداخل اللبناني وتحديداً تلك التي يُديرها جهاز الموساد، وصولاً إلى كشف بؤر الارهاب التي تُشكّل التحدي الأبرز ربما في هذا التوقيت بالذات خصوصاً وانه بعد كل انتصار، تنشط مثل هذه الجماعات بهدف تعكير صفو الأمن وتوجيه رسائل تؤكد من خلالها أنها لا تزال موجودة. وهذا ما شهده العديد من الدول القريبة والبعيدة».