كتبت هيام عيد في صحيفة “الديار”:
تشهد العلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، فتوراً ظاهراً في ظل غياب اللقاءات التي كانت تجري باستمرار بين الطرفين، إذ ومنذ اللقاء اليتيم بين الرجلين، لم يحصل أي لقاء، أو حتى مكالمة هاتفية، لكن ثمة معلومات حول تواصل قائم بين مقرّبين من الطرفين، لا سيما من قبل النائب وائل أبو فاعور، الذي يتولى سلسلة ملفات جنبلاطية حسّاسة، وخصوصاً أنه الأقرب إلى تيمور جنبلاط، ما يعني أنه ليس هناك من قطيعة بين الحليفين السابقين الجنبلاطي والحريري، ولكن في المجالس الخاصة هناك عتب من قبل سيد المختارة على أداء الحريري في الحكومة، وعلى فريقه السياسي بشكل عام.
ويلاحظ أن التباعد يظهر جلياً، وتحديداً على مستوى إقليم الخروب، يقابله تنسيق بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، حيث تسرّبت معلومات عن إمكانية حصول إئتلاف عوني ـ قواتي ـ إشتراكي في الجبل مع بعض المستقلين، إلا أنه وفي الساعات الماضية ينقل عن الدوائر الضيقة المحيطة ببيت الوسط عن حصول لقاءات مكثّفة حملت تقييماً لما جرى في الأيام الماضية على مستوى التسوية بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» والتي بدأت تخرج عن إطارها المرسوم، في ظل ضمور شعبي في القاعدة المستقبلية، ولهذه الغاية كان هناك توجّه لدى الطرفين لإطلاق الورشة الإنتخابية، ودراسة التحالفات السياسية والإنتخابية في مناطق تواجدهما، ولكن أرجئ البحث في كل هذه الأمور بعد لقاء الوزير جبران باسيل بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، وزيارة الرئيس ميشال عون إلى باريس من خلال العودة إلى أجواء ما قبل التسوية من خلال معلومات تفيد بأن هناك مرحلة سياسية جديدة، وذلك ربطاً بالتطورات في سوريا وأحداث المنطقة التي تبقي «التيار الوطني الحر» في الدائرة القريبة جداً من قوى 8 آذار.
وبناء على هذه الأجواء، تشير المعلومات، إلى أن عودة التقارب والتحالف بين تيار «المستقبل» والحزب الإشتراكي أضحت مؤاتية، خلافاً لما يتم تسريبه بأن الحريري سيسعى إلى ترشيح بعض الشخصيات الدرزية في بيروت والمناوئة للسياسة الجنبلاطية، والتي كانت من أشدّ المناهضين للحريرية السياسية، باعتبار أن أحد المحازبين من التقدمي الإشتراكي بات إسمه في جيب جنبلاط، ليكون مرشّحاً عن الحزب الإشتراكي في العاصمة بيروت، حيث يحظى بإجماع من الإشتراكيين والمناصرين لنشاطه وتفانيه ونظافة كفّه.
لذا يقول أحد المقربين من جنبلاط، بأن التحالف الإنتخابي بين الحزب التقدمي وتيار «المستقبل» أمر شبه محسوم على مستوى إقليم الخروب والبقاع الغربي، حيث الثقل الشعبي للطرفين، وأنه، وخلال الأيام المقبلة، سيكون هناك حراك وعودة إلى التنسيق والتواصل بين الحزبين، وذلك على خلفية نظرتهما التوافقية من مسألة التطبيع مع النظام السوري، كذلك هناك دور إقليمي من بعض الدول الخليجية لعدم «كسر الجرّة» بين جنبلاط والحريري، ولا سيما أن هناك حديث يتمحور وفق المتابعين والمطّلعين على مسار الأوضاع الداخلية والإقليمية، بأن المساعي الجارية من قبل بعض اللاعبين الإقليميين، لا تهدف إلى إعادة إحياء 14 آذار بقدر ما هي اتصالات ومساعي لإبقاء العلاقات التحالفية قائمة بين أقطاب هذا الفريق، وخصوصاً مثلّث الإشتراكي ـ المستقبل ـ القوات.
وأخيراً، فإن المعلومات تتحدّث عن توجّه من قبل الطرفين لمنع أي خروقات وسجالات وانتقادات بين مناصريهما، باعتبار أن التغريدة الأخيرة لجنبلاط عندما التقى إعلامي وصديق مشترك لكليهما، إنما تركت استياء في بيت الوسط، لكن المقرّبين من زعيم المختارة، أكدوا بأنها لا تستهدف الحريري بقدر ما هي تتناول الوضع العام لقوى 14 آذار، وهذا يدل، رغم كل المساعي والتواصل بينهما، وحتى التحالف الإنتخابي، فإن هذه العلاقة التي كانت تحالفية بامتياز، لم تعد كما كانت عليه في السابق، الأمر الذي يقرّ به الطرفان، حتى أن أحد الأصدقاء المشتركين قال في مجلس خاص، أن تغريدة واحدة من جنبلاط، وعلى طريقته المعهودة، وفي حال حملت أي نقد لاذع للحريري، عندها الأمور لا يمكن إصلاحها، وهذا ما أكده الحريري نفسه، في أكثر من مناسبة.