Site icon IMLebanon

صفحة أحمد الأسير طويَت… من داعية إلى إرهابي ومنظِّم إغتيالات؟

 

 

 

كتبت نسرين يوسف في صحيفة “الجمهورية”:

طويَت صفحة أحدِ إرهابيي لبنان بعد عامين من توقيفه استطاع خلالهما محاميه النجاحَ في المماطلة وتأخير إصدار الحكم عليه، لكنّه لم يُنجِّه من قرار عادل، إذ إنّ اعترافاته كانت كفيلة باتّخاذ رئيس المحكمة العسكرية حسين عبدالله ما يَلزم في حقّه.أحمد محمد هلال الأسير الحسيني شكّلَ ظاهرةً في منطقة صيدا، انعكسَت مفاعيلها على لبنان، وهي بدأت من مسجد بلال بن رباح في عملٍ كانت بدايته دعَوية إلى حين نصَرته لـ»الثورة السورية» أواخر العام 2011. يقول الأسير في اعترافاته إنّه أقدمَ على الإفتاء بضرورة الجهاد في سوريا بعد محاصرة بلدة القصَير، وسَبقها إرساله مجموعةً تابعة له إلى هناك حيث التحقَت بـ«كتائب الفاروق» بعد تنسيقٍ مع الشيخ محسن شعبان في منطقة سعدنايل البقاعية.

وزار الأسير منطقة جوسية بعد عدمِ تمكّنِ عناصره من الوصول إلى القصَير وأطلقَ، كما قال، النارَ من رشاش نوع «ب. ك. ث» في اتّجاه أحدِ مراكز الجيش السوري وحملَ معه مبلغ عشرة آلاف دولار لمجموعته هناك، دعماً جهادياً. وقرّر الأسير إنشاءَ مجموعات مسلحة، وأعلن عن هذه الخطوة من على منبر مسجد بلال بن رباح تحت مسمّى «كتائب المقاومة الحرّة»، وقد ضمّت نحو 300 منتسب، وكان شراء الأسلحة والذخائر الحربية يحصل من وجهتين: الأولى من منطقة عرسال وجرودها، والثانية من الشمال…

وحصَّن أحمد الأسير مشروعه الإرهابي عبر تعاونِه مع محسن شعبان الذي كان يتواصل مع «السلس» وهو السوري أحمد زكريا سيف الدين في عرسال من حيث مساعدته على إيصال السلاح الى المسجد وتدريب المنتسبين إليه.

وأقام التحصينات المناسبة من دشَمٍ وغيرها، فيما وضَع فادي السوسي خطّة دفاعية عن المربّع الأمني وقضَت بسكبِ الزيت المحروق على الطرق التي يمكن أن تسلكها أيُّ مجموعات أو عناصر معادية، وكذلك أقام نقطة مراقبة مسلّحة لجهةِ جادةِ الرئيس نبيه بري بغية ضربِ «حزب الله» و»سرايا المقاومة» وإعاقتهما من التقدّم وتوزيع أشخاص على أسطح الأبنية المجاورة.

ويروي الأسير أنّه تدارَك أحداثاً كثيرة إلّا أنّ الأمور بدأت تتطوّر بدءاً من مقتل «لبنان العزّي» وعلي سمهون حتى 18-9-2013 ما يُعرف بـ»معركة الشقق». شَعر الأسير بالخطر فاستعجَل عناصرَه لتأمين النواقص من الأسلحة وتعَمَّد فتح معركةٍ ضد الجيش اللبناني الذي كان قد نشَر نقاط مراقبة وحواجز له في المنطقة بعد «معركة الشقق».

ماذا قال الأسير عن معركة عبرا؟

في 23-6-2013 أقام الجيش حاجزاً ظرفياً في إحدى الطرق الفرعية المؤدّية إلى مسجد بلال بن رباح، فأرسَل الأسير الشيخ أحمد الحريري وعنصرين بغية الطلب من آمِر الحاجز إزالتَه كونه يُزعج المتوجّهين إلى المسجد، فأزيلَ الحاجز بعد فترة، ولكن تمّ التعرّض بعدها بالضرب على طارق سرحال ومحمد البيروتي على حاجز آخر للجيش في عبرا، فاستشاط غضباً وأرسَل على الفور الشيخ الحريري ومسلّحين معه للضغط على الحاجز، إلّا أنه سمعَ بعد خمس دقائق أصواتَ إطلاق نار عند هذا الحاجز وشاهدَ بعضَ الدخان من خلال الكاميرات.

ويروي الأسير أيضاً: «توجّهتُ فوراً إلى مدخل المبنى ونشرتُ العناصر على أسطح المباني وفي محيط المسجد، بانتظار وصول اللبناني فادي السوسي (قُتِل لاحقاً في حلب) لإدارة المعركة. لبستُ جعبتي العسكرية واستلمتُ سلاحي الحربي، وبعد دقائق عادت العناصر من الحاجز باستثناء الشيخ الحريري الذي فرّ إلى خارج المربّع».

وبدأ الاشتباك بين مجموعة الأسير والجيش اللبناني، ونشَر السوسي مجموعات عدة خارج المربّع الأمني وتموضعت في طلعة مجدليون- مفترق جادة الرئيس بري، جامعة اليسوعية، محلّة الهلالية، البستان الكبير. ويقول الأسير إنّ فضل شمندر (شاكر) كان مسلّحاً ومعه مجموعة من 13 عنصراً وهو تسَلّم القطاع الشرقي للمربّع الأمني. إنتقلَ الأسير إلى الملجأ وتابَع المعركة منه طوال ليل 23-6-2015 حتى العاشرة من قبل ظهر اليوم التالي، وكان برفقته فضل شاكر الذي انضمَّ إليه ليلاً.

وبسبب تشتّتِ القوى وفرار بعضِهم ونفادِ جزءٍ كبير من الذخائر قرّر شاكر الانسحابَ وأمَّن انسحابَ الأسير عبر هيثم حنقير الذي اصطحَبه من المسجد وتوجّها إلى شقّة أحمد الهاشم حيث حلقَ لحيته وتشاوَر مع شاكر وقرّر الانتقال من عبرا إلى الهلالية فشرق صيدا – طريق لبعا ووصَل إلى طرابلس – البحصاص حيث منزل الشيخ سالم الرافعي. وفي طرابلس لم يشارك الأسير شخصياً في المعارك ضد الجيش، إلّا أنّ مجموعات تابعة له شاركت بتوجيهات منه.

الاغتيالات… الوجهة الثانية للأسير؟

يقول الأسير إنّ هدفه الأوّل بعد خسارته لمعركة عبرا كان تنفيذ اغتيالات في حقّ أشخاص ينتمون إلى «حزب الله» وحركة «أمل» و»سرايا المقاومة» و»عناصر وضبّاط الجيش الصليبي الصفوي»، وكلّف لهذه الغاية كلّاً من شاهين سليمان ومعتصم قدورة لإنشاء مجموعات تتولّى هذه الاغتيالات.

لم ينجح إرهاب الأسير في السطوة على المناطق فقرّر مغادرةَ لبنان، وفي 15-8-2015 تولّى عبد الرحمن الشامي ترتيبَ أمور فرارِه، فوَصل الأسير إلى مطار بيروت متنكّراً وقُبِضَ عليه.

إنطوَت صفحة أحدِ الإرهابيين بعد الحكمِ على أحمد الأسير بالإعدام، ونالَ شهداءُ الجيش اللبناني أوسمة الشرف مرّةً أُخرى واستُعيدت للأهالي حقوقهم المعنوية.

فكلّ الرحمة للشهداء: الملازم أوّل سامر جريس طانيوس، والملازم جورج اليان بو صعب، والرقباء: علي عدنان المصري، طوني يوسف الحزوري، عمر هيثم اليوسف، ابراهيم مضر براج، علي عدنان حمزة، والعريف عبد الكريم قبلان الطعيمي، والجنود: رامي علي الخباز، بلال علي صالح، إيلي نقولا رحمة، جوني أنطوان نقولا، وسيم صالح حمدان، بلال عبدالله إدريس، محمد حبيب الحسيني، وأحمد علي غريب.