أشارت الوكالة “المركزية” الى أنّ لا شعار يعلو فوق التوافق السياسي لتظليل مخارج وحلول الازمات اللبنانية. من الامنية الى العسكرية ومن الاقتصادية – الاجتماعية الى الحياتية، حتى التربوية تنال حصتها. فسلسلة الرتب والرواتب التي علقت في عنق الزجاجة منذ خمس سنوات لم يخرجها الا التقاء المسؤولين السياسيين على هدف يجمع مصالحهم، ثم كفِل توافقهم مجددا بعد قرار المجلس الدستوري الذي ابطل قانون الضرائب لتمويل السلسلة توفير المخرج لأزمة كبرى كادت تهدد بمواجهة بين الشارع والحكومة.
في اللحظة الاخيرة، وحينما استشعر حزب الله ان الامور بلغت حدها وباتت تتهدد مصير التسوية التي تسير البلاد بهديها منذ نحو عام، اضطر الى الدخول على خط رأب الصدع بين حليفيه رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري ليبدد الخلاف المحتدم والكباش الحاد حول الموازنة والقوانين الضرائبية فولد المخرج خلال ساعات وانتهت الازمة.
وتقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان اتفاقا رباعيا استبق اعلان الحل الذي تولاه شخصيا رئيس الحكومة سعد الحريري، اطرافه التيار الوطني الحر، حركة امل، تيار المستقبل وحزب الله، افضى بسحر ساحر الى ازالة التباينات وتفكيك الغام عقبات السلسلة والموازنة وقطع حسابها، العصي على الحل منذ سنوات، ليس لاستعصاء فك “الشيفرة” المالية، بل كونه ورقة مساومة دسمة تستغلها الاطراف السياسية في حرب المناورات اليومية. وتعتبر ان المكونات الحكومية باركت المخرج التسووي التوافقي الذي فكك الاشتباك، باستثناء القوات اللبنانية التي لم تمهر الاتفاق بتوقيعها حتى ان اوساطها توضح انها لا توافق عليه خصوصا في الشق المتصل بالاقتراح الخاص بقطع الحساب، باعتباره من وجهة نظرها غير مطابق للدستور، وقد سجلت في محضر الجلسة تحفظا جديدا حول المادة 87 .
وفيما اعلن رئيس الحكومة، اثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء، “ان الحكومة مؤتمنة على الدستور ومصالح جميع اللبنانيين، وهي تحترم قرار المجلس الدستوري، موضحا انها وضعت 3 معايير اساسية لمعالجة مسألة الرتب والرواتب”، التوصل إلى “مشروع قانون معجل مكرر يتضمن التعديلات الضريبية سترسله إلى مجلس النواب في أسرع وقت، واتفقت على صيغة لقطع الحساب وإقرار الموازنة سريعا، ارتسمت تساؤلات عن خلفيات اطلالة الحريري بعد الجلسة وما اذا كانت مقتصرة على زف النبأ للبنانيين وقطف ثمار الحل بعد معاناة ام تهدف الى أبعد من ذلك.
وفي السياق اعتبرت المصادر السياسية ان رئيس الحكومة الذي نأى بنفسه عن الاشتباك السياسي بين الرئيسين عون وبري، لعب دور همزة الوصل بينهما وتمكن الى جانب الدور الذي اضطلع به شخصيا امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من تجنب ازمة سياسية كادت تدفع بالبلاد الى الهاوية. وهو أقّر اثر الجلسة بالفم الملآن ان “لو لم يكن هناك توافق سياسي لما توصلنا الى حل”. وتلفت الى انه حرص على اطلالته هذه ليعيد توجيه ابرة البوصلة في الاتجاه الحكومي بعدما نحت نحو القادة السياسيين ويقول “الامر لي” وانا من يدير اللعبة. وليست عبارته ان “الإيرادات ستؤمن ويكفي تشكيكا بالحكومة، نحن جديون في المحافظة أيضا على مالية الدولة والإستقرار المالي”، الا الدليل في هذا الاتجاه.وتختم المصادر بالاشارة الى ان التوافق السياسي اذا ما استمر ولم يكن “على القطعة”، فإنه يشي بمرحلة تفاؤلية مقبلة عليها البلاد قد تعيد اليها بعضا من الانفراج المفقود، خصوصا اذا ما اقرت الموازنة كما تعهد الرئيس عون امس.