خروج «الدخان الأبيض» من بعبدا بشأن «مأزق» تمويل سلسلة الرتب والرواتب، وإعطاء رئيس الحكومة سعد الحريري جائزة «ترضية» لاعلان «الولادة» من السراي الحكومي اليوم، وتبريد الأجواء «المحتقنة» بين الرئاستين الأولى والثانية، من خلال اتصال «اشادة» وتنويه من رئيس مجلس النواب نبيه بري بمواقف الرئيس ميشال عون الخارجية، أعطت مؤشرا واضحا على ان «سلة» التسوية الرئاسية لا تزال على «قيد الحياة»، وكل ما يثار من جدال حاد مجرد «زوبعة في فنجان» الاستثمار الانتخابي المحكوم بسقف الحفاظ على الاستقرار الداخلي، ما يؤكد ايضا ان مرسوم «الاستدعاء» السعودي للحلفاء من بيروت الى الرياض لن تصرف نتائجه بشكل سلبي على الساحة اللبنانية، وذلك لا يرتبط «بسوء» او «حسن» نية أهداف المملكة، وانما بواقع موازين القوى الذي لا يسمح باستخدام لبنان منصة لمواجهة حزب الله الذي أقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي عقوبات جديدة تطال مروحة واسعة من مؤسساته…
وستسمح التسوية القانونية في مجلس الوزراء بصرف الرواتب هذا الشهر وفق ارقام السلسلة الجديدة، على ان تقوم الحكومة اليوم بانهاء كتابة النصوص القانونية التي تسمح بإصدار قانون ضرائبي جديد بعد تعديل المادتين 11 و17، لكن في السياسة تم تثبيت قواعد «اللعبة» الداخلية بإعطاء رئيس الجمهورية ميشال عون فوزا «بالنقاط» بعدما نجح في تظهير «هيبة» الرئاسة التي بدت بالامس في موقع «مهيمن» على قرارات السلطة التنفيذية…
وفي هذا الاطار، ثمة “عاصفة” تعتمل في تيار المستقبل، ووفقا لاوساط نيابية في «التيار الازرق» لصحيفة “الديار” فإن الأزمة بين الرئيس الحريري ورئيس الكتلة فؤاد السنيورة ازدادت حدة بالامس، بعد ان اعترض الاخير في اتصال مع رئيس الحكومة على ادارته للعلاقة مع رئيس الجمهورية.
وبحسب تلك الاوساط، يعتقد السنيورة ومن معه أن خروج الحل من قصر بعبدا لم يأت بالصدفة، وظهر رئيس الحكومة أنه عاجز عن اجتراح الحلول في غياب رئيس الجمهورية، وبرأيهم فان تعطيل الحلول في الجلستين السابقتين اللتين عقدتا في السراي الحكومي، كان مقصودا، لاظهار انه في غياب الرئيس لا يمكن ان يمر اي شيء، وهو ما جرى تأكيده أمس، حيث تكرست «هيمنة» الرئاسة الاولى على السلطة التنفيذية، وتركت الامور الاجرائية لرئيس الحكومة الذي سيقوم في جلسة اليوم بتظهير التسوية، وهو بذلك يثبت عجزه عن مجاراة بعبدا التي ظهرت بالأمس وكأنها منّت عليه بجلسة رابعة كي تحفظ له «ماء الوجه»… «والأنكى» من كل ذلك كان التعميم الذي أبلغه الحريري لوزرائه عبر مدير مكتبه نادر الحريري، بعدم اثارة موضوع اللقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السوري وليد المعلم في الجلسة، وهو ما التزم به باسيل ايضا، بعد طلب من الرئيس عون، مع العلم ان وزير الخارجية كان قد اتفق مع رئيس الجمهورية في باريس على عدم السماح بمرور «عاصفة» الانتقادات مرور الكرام…
وفي هذا السياق، تقول اوساط «المستقبل» ان ما حصل بالامس اظهر مجددا كتلة المستقبل كأنها في واد ورئيس الحكومة في واد آخر، وهذا يفقد «الكتلة» مصداقيتها على «ابواب» الانتخابات النيابية، وهذا الأمر يحتاج الى معالجة سريعة لان الاستمرار على هذا المنوال سيعني المزيد من التشرذم في الشارع في ظل توسع حالة الاحباط من مواقف رئيس الحكومة الذي سبق وأمن التغطية السياسية اللازمة لمعركة الجرود التي شارك فيها حزب الله، وتماهى مع رئيس الجمهورية في تغطية التفاوض مع «داعش»، وهو يبدو اليوم في اكثر مراحل ضعفه السياسي، فتارة «يبتزه» رئيس المجلس النيابي في موعد الانتخابات التشريعية، وطورا يواصل التيار الوطني الحر ابراز قوة الامر الواقع الرئاسية، ويذهب بعيداً في تجاوز بنود التسوية الرئاسية، اما ردود الفعل فتبقى دون المستوى…