IMLebanon

الوضع اللبناني بات يُدار على طريقة “كل يوم بيومه”!

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: رغم النجاح الصعب للحُكم في لبنان بـ «إطفاء» المأزق المالي – السياسي الذي اهتزّتْ على إيقاعه التسوية السياسية على مدى أيام، فإن حبْل النجاة الذي تمثّل في إجراءاتٍ استثنائية وُلدت بـ «شقّ النفس» عبر أربع جلسات لمجلس الوزراء مكّن البلاد من تَجاوُز أزمة سلسلة الرتب والرواتب وتمويلها، ليبقى «لغم» التطبيع مع النظام السوري من بوابة ملف النازحين كامناً في قلب الحكومة رغم قرار القوى اللبنانية الوازِنة برفْض الإطاحة بالضوابط التي توفّرها التسوية السياسية لاستقرارٍ لا يبدو حتى الساعة أن ثمة مَن «يجرؤ» على «التضحية» به بملاقاة مرحلة التحوّلات الفاصلة في أزماتِ المنطقة ولا سيما السورية كما «بذور» تعقيداتٍ جديدة تطلّ من «الحلم الكردي».

وكان بارزاً ان مسار الحلّ لمأزق سلسلة الرتب والرواتب ظهّر مساريْن متوازييْن ساهما برسْم خريطة طريق الخروج من «الورطة» في هذا الملف. الأوّل يتّصل بتولّي «حزب الله» سكْب مياهٍ باردة على علاقة حليفيْه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، وهو ما تجلى في الخطوة التراجعية للأول عن تَمسُّكه بأيّ إقرار للموازنة العامة من دون تعليق العام بالمادة 87 من الدستور (توجب إنجاز قطع حساب قبل إقرار الموازنة) والسير بخيار إدراج «فتوى» قانونية في الموازنة تسمح بإنجازها بلا قطع الحساب على أن تُنهي وزارة المال قطع الحسابات عن الأعوام السابقة في مهلة تراوح بين ستة أشهر وسنة، وأيضاً قبول عون بالفصل بين قانون الضرائب لتمويل السلسلة وبين الموازنة وهو مطلب أراده بري لعدم تكريس ما اعتبره «اعتداء على صلاحيات البرلمان وبداية قتْل اتفاق الطائف»، تضمّنه قرار المجلس الدستوري حين أبطل قانون الضرائب، وأشار الى عدم جواز التشريع الضريبي من خارج عن الموازنة العامة.

وبدا ضبْط العلاقة المتوترة بين عون وبري، المحمَّلة بموروثاتِ خلافاتٍ تتصل بمرحلة الانتخابات الرئاسية وما قبلها، بمثابة رغبة «فوق داخلية» في حساباتها بالنسبة الى «حزب الله» الذي لا مصلحة له بملاقاة موجة تَشدُّد اقليمي ودولي في اتجاهه هو كما إيران بتبايناتٍ داخل صفوف حلفائه، ولا سيما ان عون «سلّف» الحزب الكثير بدفاعه عن سلاحه إبان زيارته لفرنسا كما أعطى إشارات الى انه بات «الرافعة» الرئيسيّة لـ «هدف» التطبيع مع النظام السوري تحت عنوان إعادة النازحين الذي شكّل الخلفية للقاء المثير الجدل الذي عُقد في نيويورك بين وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السوري وليد المعلّم، وسط حملة سياسية – إعلامية مواكِبة للدفع قدماً بهذا الملف تستخدم الحيثيات الاقتصادية والأمنية (أرقام عن الجرائم التي يرتكبها سوريون على أنواعها) لتبرير الطابع «العاجل» لعودتهم «الآن وليس غداً».

والمسار الثاني عبّر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري الذي «جيّر» الحلّ في موضوع سلسلة الرتب وتمويلها الى «التوافق السياسي»، ما اعتُبر مؤشراً على أن «مدة صلاحية» التسوية السياسية لم تنته بعد، مع ملاحظة اوساط سياسية ان الحريري حرص على إحياء طابع «ربْط النزاع» الذي ترتكز عليه بتأكيده رفض لقاء باسيل – المعلّم والخروج على البيان الوزاري وتشديده على انه ليس في وارد التعامل مع نظام الأسد لا من قريب ولا بعيد.

ورغم «تعويم» التسوية السياسية بعد ملامح تعرُّضها لـ «صدمة» هي الأقوى بعد كلام عون عن سلاح «حزب الله» ولقاء باسيل – المعلّم، إلا ان علامات استفهام كبرى تُطرح حول مدى قابليتها لتحمُّل «التدافع الخشن» وتَجاوُز «المتاعب» التي سيشكّلها إصرار «حزب الله» وحليفه الرئاسي على «الفوز» بورقة التطبيع مع النظام السوري بتوقيته ومن خارج مظلة توازنات إقليمية ودولية سيتركز عليها أي حل سياسي للأزمة السورية.

وتشبّه مصادر مطلعة الوضع اللبناني بأنه بات يُدار على طريقة «كل يوم بيومه»، وان خصوم «حزب الله» الذين رفعوا «البطاقة الصفراء» بوجه أي محاولة للذهاب أبعد في مسار التطبيع مع الأسد يترقبون «الخطوة التالية» للحزب وحلفائه، وسط رصْد دقيق لما يجري في المنطقة من نسْج تسويات تمهيداً لتكريس تقاسُم النفوذ بين اللاعبين الكبار. وتأتي في هذا السياق الزيارة التاريخية التي سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لموسكو خلال أيام وما قد يترتب عليها من وقائع جديدة.