رجحت أوساط سياسية عليمة الا تتم زيارة الرئيس ميشال عون الى طهران قبل مطلع العام المقبل او في احسن الاحوال في نهاية الجاري، لسلسلة اعتبارات تأتي في مقدمها حساسية الوضع السياسي على الساحة المحلية وعودة الكباش الحاد بين محوري مؤيدي ومناهضي طهران بما تمثل اقليميا ولبنانيا، بفعل موجة الدفع نحو التطبيع مع سوريا التي قادها حزب الله باعتبارها ضرورة لا بد منها، تارة لإعادة النازحين السوريين الى ديارهم واخرى لتصريف الانتاج الزراعي، وثالثة لنيل لبنان حصة من قالب اعادة اعمار سوريا قبل ان يتوجها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بلقائه الشهير مع نظيره السوري وليد المعلم في نيويورك الذي صب الزيت على النار، فألهب السجالات واستعاد مناخات التشنج والانقسام التي كانت بددتها التسوية الرئاسية الشهيرة.
واضافت بحسب “المركزية” ان رئيس الجمهورية الحريص على الحفاظ على التوازن القائم حالياً في البلد، ولو أن موقعه الشخصي محسوم مسبقاً ومعروف في أي خانة يضع نفسه، لا يمكن ان يقدم على اي “دعسة ناقصة” من شأنها ان تؤجج الصراع وتسهم في اصابة “التسوية” التي نقلته من الرابية الى قصر بعبدا بانتكاسة قد لا تخرج منها معافاة، بل يبذل قصارى جهده لالتزام مضمون خطاب قسمه الرئاسي لجهة الابتعاد عن المحاور وتحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، وهو أمر يحظى بإشادة دولية وثناء من اكثر من جهة، سمعها الرئيسان عون في فرنسا والمملكة العربية السعودية وسعد الحريري في موسكو وباريس، حيث كان تأكيد على وجوب التزام سياسة النأي بالنفس والحياد كضرورة لصون لبنان واستقراره.
اما القول ان الرئيس عون زار السعودية لا بل افتتح بها سجل زيارات عهده الخارجية، فلمَ لا يزور ايران؟ فترد عليه الاوساط بالقول ان زيارة المملكة اختلفت في اعتباراتها وابعادها الاقليمية منها والمحلية عن زيارة ايران، اذ كانت اكثر من ملحة وقت كان العتب السعودي على لبنان في أوجه والاستثمارات الخليجية منكفئة بالكامل عن لبنان بما يعني ذلك على المستوى الاقتصادي، والسياح الخليجيون يغيرون وجهاتهم في اتجاه دول اخرى، فكان لا بد آنذاك من ترطيب العلاقات الرسمية بين بيروت والرياض لاعادتها بالقدر المتيّسر الى السكة، وقد اسهمت الزيارة بالفعل في عودة التواصل مع المملكة التي ابدت تفهما للموقف الرسمي اللبناني وحساسية الاوضاع في الداخل.
وتبعا لهذا المشهد، تلفت الاوساط الى ان الرئيس عون يفضل ارجاء موعد الزيارة الى ايران أقله حتى مطلع العام بحيث تكون النفوس هدأت واجواء التشنج تبددت على المستوى اللبناني الداخلي وبين ايران ودول الخليج فتأتي آنذاك ثمارها المرجوة بعيدا من ادراجها في خانات لا تخدم الرئيس عون ولا عهده.