كتبت سينتيا عوّاد في “الجمهورية”:
لعلّ أكثر الأمور إزعاجاً وإحراجاً التي قد تُصيب الإنسان، تعرّضه للإسهال أثناء تواجده في مكان عام أو برفقة الأصدقاء. لكن إلى جانب العقاقير التي يحدّدها الطبيب، هل تدركون أصول تعديل نظامكم الغذائي عند التعرّض لهذه الحالة؟يُصاب الصغار والكبار على حدّ سواء بالإسهال بسبب بكتيريا من المياه أو الطعام الملوّث، أو فيروس، أو العجز عن هضم الطعام كاللاكتوز، أو تناول بعض العقاقير كالمضادات الحيوية، أو الإصابة بأمراض معيّنة كالسيلياك، وهو عموماً يدوم من 2 إلى 3 أيام.
ومن أبرز أعراض الإسهال نذكر البراز المائي، والنفخة، والتشنّجات، والشعور المُلِحّ برغبة في دخول الحمّام لقضاء الحاجة، والغثيان. أمّا أعراضه الأكثر جدّية فقد تشمل دماً أو مِخاطاً في البراز، وارتفاع حرارة الجسم، وخسارة الوزن.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت إختصاصية التغذية، ناتالي جابرايان، لـ”الجمهورية” إنه “مع شيوع التسمّم الغذائي والعجز عن تحمّل بعض الأطعمة الذي يؤدّي إلى مشكلات في المعدة، لا يكفي فقط حماية أنفسكم من الإسهال إنما أيضاً معرفة ماذا تأكلون وأيّ مواد تتفادون عند معاناته”.
ولفتت إلى أنّ “الإسهال قد لا يكون مُزعجاً فحسب، إنما من المحتمل أن يتحوّل إلى جدّي بالنسبة إلى بعض الفئات العمرية، وتحديداً الرضّع والمسنّين بما أنهم قد يُصابون بالجفاف سريعاً الذي بدوره يشكّل خطراً عليهم في حال عدم علاجه”.
الأطعمة الممنوعة
وشدّدت على أنه “رغم اللجوء فوراً إلى الأدوية التي لا تستدعي وصفة طبّية، إلّا أنه يُفضّل استشارة الطبيب أولاً. أمّا على الصعيد الغذائي، فيمكن للمأكولات أن تلعب دوراً كبيراً خلال فترة الانتعاش.
لذلك لا بدّ أولاً من معرفة المواد التي تضرّكم للحذر منها، وتحديداً الخضار والفاكهة النيّئة التي تتطلّب تنظيفاً جيداً خصوصاً في حال الأكل في المطاعم وعدم معرفة أصول تحضير الطعام وما إذا كان الطبّاخ يشكو من أيِّ عدوى. ناهيك عن أنّ هذه المنتجات الطبيعية غنيّة بالألياف التي تُفاقم مشكلة الإسهال”.
وتابعت: “يجب الابتعاد أيضاً عن التفاح خصوصاً قشرته، والخوخ، والمانغو، والبازلاء، والبطيخ، والفاكهة المعلّبة، والعصائر، ومختلف أنواع الحليب حتى لو كانت قليلة الدسم لاحتوائها اللاكتوز الذي قد يسبّب الإسهال، باستثناء اللبن الذي يكون أكثر حموضة ويحتوي بكتيريا البروبيوتك التي تساعد على تقوية جهاز الهضم وبالتالي محاربة البكتيريا السيّئة المسؤولة عن الإسهال”.
لائحة الممنوعات لم تنتهِ بعد! إذ أوصت جابرايان كذلك بتفادي “الكحول، والكافيين، والعلكة، ومختلف أنواع الحبوب، والخبز الأسمر، والقمح الكامل، والأرزّ الأسمر، والمعكرونة السمراء، والكينوا، والبذور، والفشار، والذرة، والقرنبيط، والبروكلي، والملفوف، والبطاطا الحلوة، والبصل، والثوم، والمكسرات، والقشدة، ومنتجات الدايت التي تحتوي سكر الكحول والسكر الصناعي، والفلفل، والشوفان، والبهارات، والأطعمة الحارة، وزبدة الفول السوداني”.
وأشارت إلى أنّ “هذه اللائحة لا تشمل مرضى ضغط الدم المرتفع، أو الكِلى، أو الحوامل، بما أنه لا يمكنهم الامتناع كلياً عن مختلف هذه الأطعمة. لذلك لا بدّ من استشارة الطبيب الذي سيحدّد ما هو ملائم لكل حالة”.
…وتلك المسموحة
ماذا عن المواد الغذائية المسموحة لتهدئة الإسهال؟ أجابت جابرايان أنه “إلى جانب مكمّلات البروبيوتك التي يحدّدها الطبيب، يمكن تناول الموز، والجزر، والبطاطا المسلوقة بلا قشرة، والشمندر، واللبن أو اللبنة أو الجبنة ولكن من دون خضار أو نعناع، والخبز الأبيض المحمّص، والدجاج، والسمك، والأرزّ مع لبن، وكل الأطعمة الجافة كالعكك الأبيض من دون سمسم، والتوست الأبيض…”.
وفي ما يخصّ السوائل، أوصت بـ”شرب ما لا يقلّ عن لتر واحد كل ساعة أو ساعتين إذا كان الإسهال معتدل الحدّية، وكل 3 ساعات إذا كان شديداً.
وهنا يجب على الأشخاص الذين يعانون مشكلات في الكِلى أو الكبد أو القلب الحذر من كمية المياه والإلتزام فقط بالجرعة التي يراها الطبيب الأنسب لهم. كذلك يمكن احتساء المشروبات البروتينية لتزويد الجسم بهذه العناصر الغذائية في حال عجز عن استمدادها من المأكولات، شرط عدم إضافة إليها الفاكهة والمكسرات”.
النظافة أولاً!
وأخيراً، دعت جابرايان إلى “التمسّك بالنظافة خصوصاً خلال هذه الفترة، أي غسل اليدين جيداً تفادياً لإعادة انتقال العدوى عن طريق الفم، واستخدام المناديل المبلّلة والمعقّمة، وتفادي الاحتكاك بالمحيطين، والأفضل عدم تحضير الأكل وإلّا يجب ارتداء ماسك وتعقيم اليدين جيداً والإنتباه إلى كل ما له علاقة بالنظافة كالثياب”.
وأكّدت “ضرورة أن يتقيّد كل شخص بتوصيات الطبيب في ما يخصّ الأدوية التي تُحدَّد وفق حالته لأنّ الأجسام ليست متشابهة، والأعراض تختلف من إنسان إلى آخر، وسرعة التعافي ليست ذاتها عند الجميع، والتقنيات التي تُلائم أحدهم قد لا تُناسب الآخر. لذلك يجب على كل مريض التقيّد فقط بالإرشادات التي يحدّدها له الطبيب بعد تشخيص حالته واطّلاعه على وضعه الصحّي العام”.