IMLebanon

“التسوية غير السهلة” في لبنان تَدْخل “حقل الانتخابات”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

عشية جلسة مجلس الوزراء اليوم وقبل الجلسة التشريعية للبرلمان الاثنين المقبل التي ستشهد ترجمة التوافق السياسي على المَخرج لتنفيذ قانون سلسلة الرتب والرواتب الجديدة وتمويلها، جاء كلام رئيس الحكومة سعد الحريري عن «التسوية غير السهلة» التي أنهتْ الفراغ الرئاسي قبل نحو عام، بمثابة «رسالة» مزدوجة عكستْ من جهة التمسك بهذا المسار وعبّرتْ من جهة أخرى عن استشعار زعيم «تيار المستقبل» بالأكلاف «الشعبية» لهذه التسوية وبضرورة «رفْع منسوب» الدفاع عن حيثياتها مع انطلاق «موسم» الانتخابات الطالبية في الجامعات ودخول البلاد في مدار الانتخابات النيابية المقرَّرة في مايو 2018.

واستوقف دوائر سياسية كلام الحريري الذي أطلقه خلال استقباله وفداً طالبياً (من جامعة LAU) من «المستقبل» وتحدّث خلاله عن وجود «العديد ممّن يزايدون عليّ وعلى (المستقبل) ويسلّطون الضوء على أمور غير صحيحة، ويصوّرون وكأن التسوية أمر سهل بالنسبة إلينا، لكن الحقيقة أننا ننظر إلى مصلحة البلد ككلّ قبل أن ننظر إلى مصالحنا الشخصية، وهذا الفارق بيننا وبين الآخرين الذين ينظرون أولاً إلى مصالحهم الحزبية البحتة حتى وقبل الطائفية»، لافتاً الى «استهداف مبرمج يتعرض له التيار وماكينة تحاول أن تُظهِره وكأنه يتخلى عن حقوق بيروت، وهذا أمر غير صحيح وهذه المحاولة معروف مَن يقودها».

وحسب هذه الدوائر، فإن موقف رئيس الحكومة الذي أتى ليلاقي ما أعلنه قبل أسبوع حين اعتبر إنجاز التفاهم على «خريطة طريق» لمأزق سلسلة الرتب وتمويلها ثمرةً لـ«التوافق السياسي»، يظهّر استمراره وحلفاءه في الرهان على تسوية 2016 باعتبارها «مظلة الأمان» لحفظ استقرار البلاد في غمرة التحولات الهائلة في المنطقة، ويعكس في الوقت نفسه محاذير عدم محاكاة نبض البيئة الحاضنة التي تزداد صعوبةُ إقناعها بمبررات البقاء تحت سقف هذه التسوية كلّما أمعن «حزب الله» وحلفاؤه في تقويض مرتكزاتها التي قامتْ على «ربْط النزاع» حيال الملفات الخلافية وتحييدها ولا سيما المتصلة بالأزمة السورية والعلاقة مع نظام الرئيس بشار الأسد.

وتوقيت كلام الحريري عشية الانتخابات الطالبية في الـ LAU اليوم يؤشّر على أن البُعد الانتخابي المتّصل بالاستحقاق النيابي سيكون حاضراً بقوّة من الآن فصاعداً في سياق مقاربة الملفات على اختلافها. وتشير الدوائر نفسها في هذا السياق الى أن «المستقبل» لا بد انه يستشعر بمخاطر وضْعه بين مطرقة خصومٍ أرادوا «حياكة» قانون الانتخاب بخلفيةِ إنهاء زعامته السنية وبين سندان الخشية من «تَسرُّب» مناصرين له، وهو ما لن يفيد غير «حزب الله»، إلا اذا توافرتْ «رافعة شعبية» لا تُضعِف القوى المناهضة للحزب والمُشارِكة في التسوية وتساهم في «إعادة التوازن» الى اللعبة الداخلية بعدما تزايدت مظاهر اختلاله ربطاً بالتطورات في المنطقة وإعلان «حزب الله» انه «المُنتصر» اقليمياً.

وترى الدوائر نفسها أن صمود التسوية السياسية والتأكيد شبه اليومي على الحاجة إليها يعكس في جانب منه الصعوبات التي تعترضها كلما اقتربت من الاستحقاقات الأساسية المتصلة بالتطبيع مع النظام السوري من بوابة إعادة النازحين، وهو العنوان الذي أخذ زخماً بعد ملاقاة الكنيسة المارونية لرئيس الجمهورية في مسعاه لتوفير عودتهم بأسرع وقت.

وفي حين تتجه الأنظار لمعرفة اذا كانت جلسة مجلس الوزراء اليوم ستشهد طرح وزير الخارجية جبران باسيل ورقته بخصوص النازحين السوريين، برزت تقارير تحدثت عن ان الرئيس عون سيكلف مبعوثا رئاسياً، للتواصل مع الحكومة السورية في شأن تأمين عودتهم، فيما كان رئيس البرلمان نبيه بري يبرق الى الأسد، مهنئا بذكرى حرب تشرين التحريرية، ومتمنياً لسورية «النصر الكامل على الإرهاب الوجه الآخر لارهاب الدولة الذي تمثله اسرائيل واستعادة بلدكم لدوره بالحفاظ على العروبة السمحة وصيغ التعايش في الشرق».

ومن خلف ظهر هذه العناوين برز ما نقلته مجلة «فورين بوليسي» عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس إد رويس في معرض كلامه عن مشروعَي القانون اللذين اقرّتهما اللجنة حول تشديد العقوبات على «حزب الله» ورفعهما الى مجلس النواب للتصويت عليهما، إذ قال إنه تحدّث كثيراً في مشروع العقوبات مع الحكومة اللبنانية والرئيس الحريري، معتبراً «ان المحادثات كانت لتملك تأثيراً أكبر بالنسبة إليّ وإلى زملائي لو لم يكن هناك عميل لحزب الله يجلس في الغرفة ذاتها»، وذلك في إشارة الى الرئيس عون، كما ذكرت «فورين بوليسي».