كتب ناجي سمير البستاني في صحيفة “الديار”:
مطلع الأسبوع الحالي، إستقبل رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» النائب وليد جنبلاط رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» وزير شؤون المُهجّرين طلال أرسلان في كليمنصو، وتركّز جانب كبير من البحث على مسألة المُشاركة الدرزيّة في الإنتخابات النيابيّة المُقبلة، وإمكان التحالف خلال دورة الإقتراع المُقبلة في ظلّ تغيّر طبيعة قانون الإنتخابات من أكثري إلى نسبي. فما هي المعلومات التي تسرّبت عن نتائج الإجتماع؟
في إنتخابات العام 2009 جرى التوافق على أن يترك رئيس «الإشتراكي» المقعد الدرزي الثاني في لائحته شاغرًا وذلك لمصلحة رئيس «الديمقراطي»، وفي الوقت الذي نال فيه النائب أكرم شهيب 36,138 صوتًا ليفوز مع ثلاثة مُرشّحين آخرين على لائحة جنبلاط، فاز الأمير أرسلان بمقعد نيابي وحيد جامعًا 23,501 صوتًا. لكن وبحسب المعلومات المُتوفّرة، فإنّ جنبلاط لا يعتزم هذه المرّة ترك أي مقعد شاغر بل سيعمد إلى تشكيل لائحة مُكتملة، لأنّ كل صوت إضافي يلعب دورًا مُهمًّا في تعزيز فرص الفوز بأكبر عدد مُمكن من المقاعد، علمًا أنّه في دورة الإنتخابات النيابيّة المُقبلة، إنّ النسبيّة كفيلة بإيصال المُرشّح الذي ينال «الحاصل الإنتخابي» (أي عدد الناخبين مقسومًا على عدد المقاعد) إلى الندوة البرلمانية.
وبالتالي أصبح أرسلان في وضع لا يُحسد عليه، بحسب مصدر سياسيّ مُطلع، وذلك لأنّ جنبلاط سيُشكّل لائحة مُكتملة، ولأنّ أرسلان يرفض أن يكون على لائحة واحدة مع مُرشّحي «القوّات»، علمًا أنّ التحالف بين «القوات» و«الإشتراكي» إنتخابيا في الجبل صار بحُكم المُنجز، مع الإشارة إلى أنّه بحسب القانون الإنتخابي الجديد لا يُمكن لأي ناخب شطب أي إسم من اللائحة التي سيقترع لصالحها، كما كان يحصل في السابق، وجلّ ما يُمكنه القيام به هو وضع إشارة على إسم المُرشّح الذي يُفضّله على سواه، ليمنحه بذلك «صوته التفضيلي». وأضاف المصدر أنّه مع الإستبعاد الكُلّي لوُجود أرسلان على نفس اللائحة الائتلافيّة التي ستضمّ «الإشتراكي» و«القوات» إلى جانب آخرين، تُصبح خيارات «المير» محصورة بالتحالف إنتخابيًا مع رئيس «حزب التوحيد العربي» وئام وهّاب، أو تشكيل لائحة مُستقلّة.
وكشف المصدر السياسيّ المُطلع أنّ علاقة الوزير أرسلان والوزير السابق وئام وهاب لا تزال سيئة، على الرغم من الجُهود الكبيرة التي بذلها مبعوثون من «حزب الله» لتقريب وجهات النظر بين الطرفين وحتى لإجراء مُصالحة علنيّة بينهما، وذلك بهدف تعزيز موقعهما الإنتخابي خاصة وأنّ من شأن إنقسام الأصوات الدرزيّة المُعارضة لجنبلاط على لائحتين متنافستين بدلاً من حصرها في لائحة مُنافسة واحدة، أن يُضعف الفرص الهادفة إلى تحقيق الخرق الكبير المنشود من قبل قوى «8 آذار».
وبحسب المعلومات المُتوفّرة فإنّ أرسلان فاتح جنبلاط خلال إجتماعه الأخير به بمسألة التحالفات الإنتخابيّة، من زاوية الواقع الدُرزي ككل، لجهة ضرورة تجنّب الوُقوع في فخّ الإنقسامات بشكل يُضعف كلمة الدروز الحاسمة، وينقلها إلى يد جهات ناخبة أخرى. إشارة إلى أنّ عدد الناخبين الدُروز على مُستوى دائرة الشوف وعاليه يبلغ 130,506 ناخبًا فقط لا غير، في مُقابل 123,586 ناخبًا مسيحيًا، و59,565 ناخبًا سنيًا، و8,302 ناخبا شيعيا، وعدد نوّاب الدروز في هذه الدائرة يبلغ أربعة من أصل 13 نائبًا موزّعين على 8 لقضاء الشوف و5 لقضاء عاليه. وبحسب المعلومات التي رشحت من إجتماع كليمنصو الأخير، فإنّ «المير» و«البيك» توافقا على أنه لن يكون مُهمًّا من يفوز بمقعد أكثر أو أقلّ، في حال فقدت الكتلة الدرزيّة قُدرتها على التأثير في مُجريات العمليّة الإنتخابية في معقلها، أي في دائرة «الشوف وعاليه».
ولفت المصدر السياسيّ المُطلع إلى أنّ أرسلان لا يزال يرفض الإجتماع بوهّاب، على الرغم من كل محاولات جمعهما ويطلب تأجيل الأمر إلى مرحلة لاحقة، ويُتابع تحضيراته لتشكيل لائحة نيابيّة خاصة. وأضافت أنّ المعركة بين كل من «المير» من جهة، ووهّاب من جهة أخرى ستكون على «الصوت التفضيلي» على مُستوى الناخبين الدروز المؤيّدين لقوى «8 آذار» في الشوف وعاليه، وعلى إستمالة دعم أحزاب هذه القوى، علما أنّ «حزب الله» قادر على تجيير نحو 8000 صوت في الجبل، والحزب القومي السوري يلعب دورا مؤثّرا أيضًا، إضافة إلى حصّة لا بأس بها للحزب الشيوعي، من دون أن ننسى الحيثيّة الشعبيّة لبعض الشخصيّات الدرزيّة ومنها على سبيل المثال لا الحصر النائب السابق فيصل الصايغ الذي يقوم بحركة سياسية ناشطة على الفاعليات والشخصيّات والمرجعيّات في الجبل.
وتابع المصدر السياسي نفسه أنّه حتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من عدم إتخاذ أي قرار رسمي في إنتظار صُدور اللوائح وبلورة التحالفات النهائية، فإنّ رئيس «حزب التوحيد العربي» يتصرّف وكأنّه حصل على دعم «حزب الله» و«القومي» من اليوم. وأضاف أنّ وهّاب يسعى لجمع العديد من القوى السياسيّة المُعارضة للنهج الجُنبلاطي، وحتى للإقطاع الدُرزي عُمومًا، ضمن لائحة واحدة. لكنّ المصدر نفسه لفت إلى أنّ بيضة القبّان الإنتخابيّة بين وهاب وأرسلان تتمثّل في موقف «التيّار الوطني الحُرّ» من لائحة «الشوف وعاليه»، بحيث أنّ وقوف «التيار» إلى جانب أرسلان في لائحة واحدة يُقوّي موقع هذا الأخير، وتركه وحيدًا يُهدّد مقعده، خاصة في حال تبنّت أحزاب وقوى «8 آذار» دعم لائحة الوزير السابق وهاب.
وختم المصدر السياسي كلامه بالقول إنّ وضع «المير» حسّاس إنتخابيا باعتباره يقع بين مطرقة «المختارة» وسندان «الجاهليّة»، من دون أن ننسى أهمّية أدوار أحزاب «8 آذار» و«التيار الوطني الحُرّ» في حسم النتيجة الإنتخابيّة.