كتب علي ضاوي في صحيفة “الديار”:
لم يسبق ان عرف لبنان «ازمة نفايات» كالتي عرفها في العام 2014 رغم انه بلد الازمات والصعوبات المالية والاقتصادية والبلد المديون بـ100 مليار دولار (عما قريب) وكلفة خدمة دينه العام تفوق الناتج القومي بعشرة اضعاف على اقل تقدير وفق ما تضج به «مطابخ» الاحزاب والقوى السياسية الفاعلة في لبنان. واللافت وفق مصادر سياسية بارزة ان كل فريق في هذا البلد يعرف المشكلة مهما كان نوعها ويشخصها بدقة ويضع لها الحلول وهو يوظف (حسب امكانياته المادية) فرق عمل متخصصة في الاقتصاد والسياسة والامن والاعلام، وتؤكد هذه المصادر ان هذه القوى ورغم معرفتها المشكلة وكيفية حلها الا انها تترك الامور مفتوحة على «الازمة» حتى يستعان بها هي لتقول الحل او ان تسهل اي حل يكون لمصلحتها الشخصية والسياسية اكثر منها المصلحة العامة او الوطنية.
من هذه الملفات الشائكة والتي اقلقت حكومة الرئيس تمام سلام السابقة كان ملف النفايات الذي حوّل لبنان الى «مضرب مثل» في تراكمها وغرق شوارعه بها ووصلت اصداء هذه الازمة الى الاعلام الاميركي. واصبح لبنان ونفاياته «شغلة وعملة» الاعلام المحلي والعربي والدولي. ووفق هذه المصادر فإن لا يمكن فصل السياسة والمزايدات والتجاذبات عن ملف النفايات او اي ملف آخر فدائماً تدخل الكيدية وتصفية الحساب السياسي في القضية. ورغم ذلك تؤكد المصادر ان المشكلة في لبنان هي مشكلة بنيوية ومشكلة تفكير وتخطيط وعقم في المعالجات السريعة والفعالة وقصور في الرؤى المستقبلية.
منذ ايام والثلاثاء الماضي تحديداً، وفي خبر يعكس اهتمام الحكومة الحالية بملف النفايات، نشر مكتب رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الاعلامي انه رأس مساء الثلاثاء الماضي في السراي الحكومي اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة معالجة موضوع النفايات، حضره نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني والوزراء: ميشال فرعون، عناية عز الدين، سيزار أبي خليل وحسين الحاج حسن، رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، تم خلاله مناقشة السبل الآيلة لمعالجة ملف النفايات وغاب عن هذا الاجتماع وزير البيئة طارق الخطيب العضو في هذه اللجنة لاسباب موجبة كما يقول الوزير الخطيب لـ«الديار».
ويؤكد الخطيب ان كل ما يُحكى عن عودة النفايات الى الشارع والى تجدد ازمة العام 2014 امر غير وارد ومجرد تهويل على الناس والرأي العام وخبريات واوهام ومزايدات في السياسة والانتخابات. وينفي اي اغلاق لمطمري كوستا برافا وبرج حمود بقرارات قضائية نهاية العام الجاري بعدما تم ايقاف قرارات قضاء العجلة بقرارات قضائية اخرى. ويشير الى ان اغلاق المطمرين مرهون بقدراتهما الاستيعابية المتبقية للنفايات لاربع سنوات مضى منها وقت ليس بقليل.
ويطمئن الخطيب ان لا ازمة نفايات ولا عودة للنفايات الى الشارع والامور في نصابها الصحيح. ويكشف انه تقدم منذ فترة بخطتين لحل ازمة النفايات: الاولى وهي خطة كناية عن سياسة عامة للنفايات المنزلية، والثانية: كناية عن خطة طوارىء استباقية، اودعهما الامانة العامة لمجلس الوزراء وينتظر ان تحيلهما الى جدول اعمال مجلس الوزراء. ويتوقع الخطيب ان يعرض الاقتراحان او الخطتان في وقت قريب للنقاش على طاولة الحكومة. ويرفض الخطيب الافصاح عن مضمون الخطتين بانتظار نقاشهما واقرارهما للسير بهما ومنعا لاي تأويل او «اجتهادات» سياسية ومزايدات وسجالات.
في المقابل تؤكد المصادر السياسية البارزة ان ملف النفايات امر هام وحيوي وقد تم التعهد بحله في البيان الوزاري للحكومة الحالية وقد اتُخذ قرار حاسم من قبل رئيس الجمهورية ومجلس النواب والحكومة بالتصدي لاي محاولة لعودة الامور الى الوراء في اي ملف من الملفات وتقول المصادر ان المشكلة تكمن في عقلية المزايدات السياسية والطائفية التي تحكم عمل بعض القوى السياسية على طاولة مجلس الوزراء.