Site icon IMLebanon

لبنان القلِق يرصد تحوّلات المنطقة و… شظاياها

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

في الإقليم «عصْفُ» تحولاتٍ في التحالفات والميْدان وربما الخرائط، وفي بيروت «قلَق» لدى مختلف الأطراف، وإن من منطلقاتٍ وحسابات مختلفة، سواء من فتْح «علبة مفاجآتٍ» تضرب «ميزان الانتصار» الذي يتحرّك «حزب الله» بموجبه في الملف اللبناني، أو من بقاء الواقع في المنطقة على حاله أي مع «كفّةٍ تميل» لمصلحة المحور الإيراني وما يعنيه ذلك من مخاطر استلحاق لبنان بقوةِ الأمر الواقع اليه، وكذلك من أيّ محاولة «غير محسوبة» لإطلاق مسار المواجهة الداخلية الكبيرة مع «حزب الله» بما يجعل البلاد تستجرّ «النار الاقليمية» التي نجحتْ على مدى الأعوام الستة ونيف الأخيرة في البقاء بمنأى عنها.

هذه الخلاصة تَحضر في بيروت التي ترصد باهتمام «بازل» المتغيرات الكبرى في محيطها و«خلْط أوراق» التحالفات من فوق «خطوط» المصالح المتّصلة بمسار إطفاء حربٍ (السورية) كما بما قبل «اشتعال» أزماتٍ جديدة تلوح في الأفق (حلم الدولة الكردية والتصدي لنفوذ إيران)، وهي المتغيرات التي لا يمكن عزْل لبنان عنها، هو الذي يرتبط وعلى طريقة «الأوعية المتصلة» بـ «قوس النار» في المنطقة، ولا سيما من خلال «حزب الله» الذي يشكّل العنوان الأبرز للتمدُّد الإيراني في أكثر من ساحة و«الهدف الأول» لاستراتيجية «قطع الأذرع» التي تُراكِم واشنطن عناصرها بوجه طهران.

ووفق منطق «عند تغيير الدول احفظ رأسك»، يبرز «تقاطُع مصالح» بين الخصوم في الداخل اللبناني على التعاطي مع الاستقرار باعتباره «الرأس» الذي لا بد من الإبقاء عليه، لأن «قطْعه» لا يعني أقلّ من انقطاع «حبل النجاة» بالنسبة الى قوى رئيسية (في 14 آذار سابقاً) جعلتْها الموازين التي اختلّت لمصلحة إيران ومحورها بالمنطقة وكأنها بلا «أحزمة أمان» ما خلا التسوية السياسية التي يجنّبها صمودُها تظهير «الهزيمة» وتجرُّع إطلاق مواجهة فيها «خسارة للجميع». أما «حزب الله» فيجد في هذا المسار ما يَخدم رغبته بإبقاء «ظهره» المحلّي محمياً بينما هو يتفرّغ لمعاركه الاستراتيجية ولا سيما انه مرتاحٌ الى الأفضلية الكبيرة التي يمنحه إياها هذا «الستاتيكو» لترسيخ «تفوُّقه»، مستفيداً من «النقاط الثمينة» التي يشكّلها التطابق الاستراتيجي بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يوفّر «الرافعة» السياسية لعناوين كبرى ليس أقلها الدفع نحو تطبيعٍ مع النظام السوري من باب إعادة النازحين.

وهذه الاعتبارات المتداخلة، هي التي تفسّر في رأي أوساط مطلعة، مجمل «الحلول السحرية» التي تهبط لتفكيك تعقيدات ملفات داخلية عدة، ومحاولة إدارة قضية التطبيع مع النظام السوري بما يُحرج رئيس الحكومة سعد الحريري على مشارف الانتخابات النيابية ولكن من دون إخراجه بالضرورة، باعتبار أن وجوده بموْقعه في هذه المرحلة التي تقتضي الكثير من تدوير الزوايا «مُكْلِف» عليه شعبياً ويجعله يشكّل ما يشبه «خط الدفاع الأمامي» بوجه أيّ اندفاعة خارجية ضدّ «حزب الله» يمكنها أن تصيب كل لبنان، ولا سيما من بوابة تدحْرج كرة تشديد العقوبات الأميركية المالية على الحزب، وآخرها إقرار مجلس الشيوخ مشروع قانون يحمل الرقم 1595 (يتضمن تعديلات على القانون 2015) يستهدف «تعزيز الجهود الدولية لمواجهة التهديدات الإرهابية والصاروخية التي يُشكلها حزب الله، ومكافحة اتجاره غير المشروع بالمخدرات…».

وترى الأوساط نفسها ان مجمل هذه الحسابات لا تغيب عن الحِراك السعودي المتجدّد في اتجاه لبنان والذي تتقاطع المعطيات المتوافرة عنه عند أنه لا يدعو الى الانسحاب من التسوية السياسية، رغم انكشاف سقوط «بوالص التأمين» التي قيل إنها كانت «تضمن تَوازُنها»، بمقدار ما يفكر في سبل استنهاض حالٍ لبنانية وتشكيل «دفاعات هجومية» تكون كفيلة بوقف التراجعاتِ بما يوفّر إمكانية دخول الانتخابات النيابية بموازين أكثر ملاءمةً لمنْع فوز «حزب الله» وحلفائه بالسلطة.

ومن هنا، تشير هذه الأوساط الى ان الوضعية الانتظارية مرشحة للاستمرار رغم خطورة اي اندفاعات مفاجئة على خط ملفات خلافية ولا سيما التطبيع مع النظام السوري وصعوبة تَوقُّع تداعياتها، وسط ترقُّب لكيفية تعاطي الرئيس عون، الحريص على عدم «تفجير عهده»، مع هذا العنوان في الفترة المقبلة. علماً ان «حزب الله» يَمضي بمحاولة الدفْع بهذا المسار في توقيته وصولاً الى حديثه عن ان «الأكثرية الوزارية والنيابية والشعبية تؤيد حواراً رسمياً لبنانياً – سورياً لمعالجة أزمة النازحين».

في موازاة ذلك، يُنتظر أن تحمل الجلسة التشريعية للبرلمان اليوم ترجمةً للتفاهم السياسي على إقرار قانون الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب مع ضوابط كفيلة بتفادي أي طعن جديد به، ووضع مرتكزات إنجاز الموازنة العامة ابتداء من الاسبوع المقبل من خلال إقرار المادة القانونية التي تجيز ولادة الموازنة بلا قطع الحساب عن الأعوام السابقة على ان يجري «إنتاج جميع الحسابات المدققة منذ عام 1993 الى 2015 ضمناً، خلال فترة لا تتعدى سنة».

وفيما شكّل اقرار مجلس الوزراء اول من امس الاعتمادات المالية المخصصة لهيئة الاشراف على الانتخابات النيابية إشارة متقدمة الى انطلاق قطار اجرائها بموعدها في مايو المقبل، بمعزل عن الغموض حيال مصير البطاقة البيومترية، تتجه الأنظار الى الزيارة التي يستعدّ رئيس الحكومة سعد الحريري للقيام بها الى روما وتستمر 4 أيام ويبدأها بلقاء البابا فرنسيس في 13 الجاري وتُستكمل مع كبار المسؤولين الايطاليين.