IMLebanon

تحريض في موسكو وواشنطن ولا مانع من دور اسرائيلي…؟

بعد ساعات على خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي وجه «رسالة» صارمة «بقطع يد» كل من ستمتد يده على لبنان، شهدت بيروت حراكا دبلوماسيا اوروبيا قادته فرنسا القلقة على جنودها المشاركين في «اليونيفيل»، لاستشراف خلفية هذا «التصعيد» ومدى ارتباطه بالوضع على الحدود الجنوبية..

وفي هذا السياق، سمع الفرنسيون كلاما واضحا يشير الى ان «رسالة» السيد نصرالله موجهة الى كل من يعنيهم الامر، لكنها موجهة هذه المرة بشكل خاص الى المملكة العربية السعودية، بعد توارد معلومات موثقة عن سعي سعودي حثيث لتوجيه «ضربة» موجعة للحزب.. وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، لم يأت التصعيد اتجاه المملكة من «فراغ»، فالسعودية التي سلمت بخروجها من «المولد بلا حمص» في الحرب السورية تبحث عن ثمن لتنازلاتها، وعنوان هذا الثمن هو «رأس حزب الله».. وفي هذا السياق تعتبر المملكة انها قدمت تنازلين دون ان تقبض مقابلهما اي شيء حتى الان، الاول القبول ببقاء الرئيس بشار الاسد في السلطة، والثاني قبولها المشاركة بحرب تصفية النصرة في ادلب عبر مشاركة «جيش الاسلام» في تلك المواجهة، يضاف الى ذلك ما قدمته من «رشوة» مالية الى موسكو عبر شراء صواريخ اس 400على الرغم من عدم حاجتها لهذه المنظومة باعتبار ان صواريخ الباتريوت الاميركية موجودة لديها، اضافة الى الصفقة الجديدة لشراء صواريخ «ثاد» المتطورة..

وفي هذا السياق تنقل تلك الاوساط عن مصادر ديبلوماسية تاكيدها، ان حزب الله كان حاضرا في زيارة الملك السعودي الى موسكو، وما تسرب عن لقاءاته مع المسؤولين الروس، يشير بوضوح الى  وجود تحريض صريح ضد الحزب، وتبين ان ما تسميه المملكة معالجة ملف حزب الله في سوريا، كان على راس جدول اعمال القمة، وخلال لقاء تفصيلي عقده الوفد الامني السعودي مع المسؤولين الامنيين الروس خلال المحادثات المتعلقة بمراجعة التعاون الامني في سوريا والمنطقة لمواجهة «الارهاب»، كان السعوديون واضحين في وضع حزب الله و«داعش» «والقاعدة» في خانة واحدة، وطالبوا صراحة بمعالجة هذا الملف كوحدة متكاملة.. وتفيد المعلومات ان السعوديين لم يحصلوا من الروس على ايجابات مرضية، وفهم السعوديون ان «السكوت» الروسي ليس علامة «الرضى» هذه المرة، وانما رفض «ضمني» لطروحاتهم خصوصا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واضحا خلال المحادثات مع الملك سلمان عندما اشار بصراحة الى ان كل من يقاتل في سوريا برضى الدولة السورية يعتبر وجوده شرعيا ومسألة خروجه من هناك تحصل بالاتفاق مع الحكومة السورية…

ولم تتوقف الامور على ما جرى في موسكو، فثمة معلومات جرى تسريبها عبر دبلوماسيين مصريين عملوا على خط ملف المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، تفيد بان المسؤولين المصريين فوجئوا بطلب السعوديين بان يكون ملف ابتعاد حماس عن حزب الله احد الشروط الموضوعة على «طاولة» التسوية، وهو ما برره السعوديون بضرورة عزل حزب الله عن محيطه الاسلامي وخصوصا السني، وبحسب ما فهمه هؤلاء يعتقد السعوديون ان الوقت الان اكثر من مناسب لاقفال ملف الحزب في ظل دخول المنطقة مخاض ولادة النظام الجديد، واذا لم يعالج الموقف الان يعني ان الامر لن يبحث ابدا في المستقبل القريب، ومن غير المقبول  ابقاء مصير حزب الله معلقا على استراتيجية دفاعية لبنانية لن تبصر النور، وليس مقبولا اعتبار المسألة شاناً لبنانياً داخلياً فيما الحزب بات قوى اقليمية…

“التحريض” في واشنطن

ووفقا للاوساط الدبلوماسية المصرية، ثمة اعتقاد في القاهرة بان السعودية التي ابدت استعدادها للتجاوب مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب فيما بات يعتبر «صفقة القرن»، ترغب ايضا في معرفة ما الذي لدى اسرائيل من خطط واقتراحات لازالة عقبة كبيرة امام التسوية تتمثل بحزب الله، وفي هذا السياق يتحرك «اللوبي» السعودي في واشنطن على خط ادراج «مسألة» حزب الله على جدول اعمال اي تفاهم محتمل مع اسرائيل، وفي هذا الاطار زار وزير شؤون الخليج تامر السبهان العاصمة الاميركية لهذا الغرض، وعمل باوامر ملكية على تشجيع الادارة الاميركية على ممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية على الحزب، والاخطر من كل ما تقدم ان السعوديين ابلغوا الاميركيين انهم لا يمانعون بان تقوم تل ابيب بعمل ما لما يسمونه «نزع اظافر» ايران في لبنان وسوريا..

وفي ضوء هذه التسريبات الدبلوماسية، بات مفهوما  الان ما حصل خلال الزيارات «المفاجئة» لبعض المسؤولين اللبنانيين الى المملكة، ويمكن القول بحسب الاوساط المطلعة في بيروت، ان «البازل» قد اكتمل الان ، فرئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لم يتلقيا اي امر عمليات سعودي للتحرك ضد الحزب، ولم يشعرا ان لدى المملكة «خارطة طريق» لتغيير موازين القوى الداخلية «المختلة»، لكن المناخ العام المسرب عن اللقاء مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان اوحى بان المملكة تنتظر «شيئا ما» وهو ما ظهر من خلال ترداده اكثر من مرة على مسامع ضيفيه» ضرورة «الصمود»، مع الثناء الواضح على مواقفها «الجريئة» في مواجهة حزب الله… هذه التسريبات التي تقاطعت عبر اكثر من مصدر، يبدو انه جرى تقييمها جيدا لدى قيادة حزب الله وهو ما تطلب اتخاذ قرار بصدور موقف قوي عبر عنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير.. ويبدو ان «الرسالة» قد وصلت، بدليل التحرك الفرنسي..