يبدو انّ طبخة المجلس الاقتصادي والاجتماعي قد نضجت، وجرى التفاهم على الحصص الاساسية خصوصاً على موقع الرئاسة الذي جرى تثبيته لطائفة الروم الكاثوليك، ونيابة الرئاسة المخصصة للطائفة السنية.
وكشفت صحيفة “الجمهورية” انّ الرئاسة ستكون من حصة «التيار الوطني الحر»، وتحديداً رئيسه الوزير جبران باسيل، فيما ستؤول نيابة الرئاسة الى «التيار الازرق». مع الاشارة الى انّ موقع نيابة الرئاسة ليس ذي أهمية بوجود الرئيس الذي يملك الصلاحيات الاساسية.
امّا عضوية المجلس فستكون مؤلفة من 71 عضواً يفترض ان يمّثلوا مختلف القطاعات الانتاجية في البلد، من اصحاب العمل والعمال وبعض المستقلّين من اصحاب الكفاءة.
ويرتدي المجلس الاقتصادي والاجتماعي أهمية خاصة في هذه المرحلة، لأنه يشكّل مساحة حوار دائم بين طرفي الانتاج. لكنّ المحاصصة السياسية والطائفية من شأنها ان تُفقده وَهجه ودوره، لأنها تحوّله أداة اضافية في التجاذبات السياسية ويفقد قدرته على تقديم القرارات الاستشارية الموضوعية التي تخدم الدورة الاقتصادية بشكل عام.
جدير بالذكر انّ المجلس الاقتصادي الاجتماعي أنشئ في العام 1995 بموجب القانون الرقم 389، تنفيذاً للإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف، وعُيّنت الهيئة العامّة الأولى له في 30/12/1999، وبوشِر العمل فيه بغياب مقرّ له في العام 2000، قبل أن يتوقف عمله مع نهاية ولاية الهيئة في العام 2002، وانحصر نشاطه بتصريف الأعمال.
وذكرت صحيفة “اللواء” ان موضوع تعيين المجلس الاقتصادي والاجتماعي، قد يواجه باعتراضات وزارية في مجلس الوزراء، رغم انه مطروح للتداول منذ قرابة ثلاثة أشهر وجرت حوله مشاورات مع القطاعات الممثلة فيه.
ويتضمن مشروع المرسوم أسماء 71 عضواً، والذين يتألف منهم المجلس بحسب قانون إنشائه رقم 389 تاريخ 12/1/1995 المعدل بالقانون رقم 533 تاريخ 24/7/1996، ويمثلون أصحاب العمل والمهن الحرة والنقابات والجمعيات التعاونية والمؤسسات الاجتماعية، وأصحاب الفكر والكفاءة والاختصاص في الحقول الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والقانونية والثقافية والبيئية والفنية، وعن اللبنانيين المغتربين.
واللافت في الأسماء المرشحة للتعيين اليوم، خلوها من اسم رئيس المجلس الحالي روجيه نسناس الذي تولى رئاسة الهيئة الادارية منذ العام 1999، لمصلحة أبرز المرشحين لتولي رئاسته هذه المرة، وهو رئيس جمعية تراخيص الامتياز «فرانشايز» شارل عربيد، والذي ورد اسمه من ضمن أسماء المرشحين للتعيين عن أصحاب الفكر والكفاءة والاختصاص وعددهم 10 أعضاء.
وأبدى نسناس في حديث لصحيفة «اللواء» ارتياحه لهذه الخطوة المنتظرة منذ العام 2002 كي يستطيع هذا المجلس تنفيذ المهام المطلوبة منه، بعد ان تمت المحافظة عليه بجهود فردية من قبله ومن قبل عدد ضئيل من أعضاء مجلس الإدارة، من دون مقابل مادي أو مخصصات محددة للاستمرار في تسيير الأعمال والنهوض به، لافتاً إلى ان هذا الأمر اخذه على عاتقه منذ مرحلة التأسيس بدءاً من إرساء الهيكلية وإنشاء المقر، آملاً ان تشهد المرحلة المقبلة نشاطاً غير مسبوق للمجلس، وأن يستعيد دوره الذي انشئ لاجله، بحسب اتفاق الطائف، مبدياً ارتياحه لأن الحلم أصبح واقعاً جدياً وملموساً، وفخره بأنه كان الرئيس المؤسس له، وهو وضعه على الخارطة العالمية، ان كان من خلال حضور لبنان في المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية أو من خلال انتخابه رئيساً لرابطة المجالس الاقتصادية في الدول العربية.
وفي تقدير مصادر رسمية في بعبدا، ان تعيين المجلس الاقتصادي والاجتماعي اليوم سيكون ثمرة أخرى من ثمار التفاهم الحاصل بين الرئيسين عون والحريري، مشيرة إلى ان هذا التعيين سينهي التعطيل الذي احاط بعمل المجلس لأكثر من 14 سنة، وهو إنجاز بحد ذاته يضاف إلى الإنجازات التي تمخضت عن تفاهم الرئيسين واهمها: التعيينات والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية وقانون الانتخابات والموازنة.
وأكدت المصادر في سياق نفيها وجود أي خلفيات لانقطاع اللقاءات الدورية بين الرئيسين إلى ان الأمور بينهما مضبوطة كالساعة، وأن العلاقة لم تهتز بفعل لقاء أو موقف أو توجه، في إشارة إلى لقاء كليمنصو، الذي أكدت المصادر نفسها انه ثبت انه ليس موجهاً ضد رئيس الجمهورية، إذ ان هناك اقتناعاً بأن الرئيس عون هو خط أحمر، مهما كانت هوامش المناورات من أي فريق أو جهة.
ولفتت مصادر معنية بملف المجلس الاقتصادي الاجتماعي لصحيفة «المستقبل» ان الحكومة تتجه خلال انعقادها قبل الظهر في السراي الحكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى تعيين أعضاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي البالغ عددهم 71 عضواً ليكتمل بذلك عقد هذا المجلس لأول مرة منذ إقرار إنشائه في اتفاق الطائف، موضحةً أنه وبموجب المرسوم الخاص بالقانون 538 الصادر عام 1996 والقاضي بتشكيل المجلس بناءً لمقررات «الطائف»، تأسس عام 2000 وبقي مستمراً حتى عام 2002 ثم جرت محاولات لإكمال تعييناته عام 2007 من خلال إصدار مرسوم جديد لهذا الغرض لكن المشاكل الحكومية والظروف السياسية حينها حالت دون اكتمال عقد المجلس في ما عدا تعيين رئيسه روجيه نسناس وبعض الهيئات الأكثر تمثيلاً.
واليوم، مع تعيين كامل أعضائه الذين سيعمدون لاحقاً إلى انتخاب 9 من بينهم لعضوية هيئة مكتب المجلس الاقتصادي الاجتماعي تمهيداً لتقوم هذه الهيئة بانتخاب رئيس المجلس ونائبه، تشير المصادر إلى الاتجاه نحو انتخاب شارل عربيد رئيساً للمجلس (المركز يتولاه عرفاً أحد أبناء طائفة الروم الكاثوليك)، كاشفةً في الوقت عينه أنه وبناءً لإصرار رئيس مجلس الوزراء على تضمين تعيينات المجلس كوتا نسائية وازنة ستكون حصة المرأة فيه 18%، مع التشديد على «الدور المركزي الحيوي الذي يتولاه هذا المجلس في الحياة الوطنية بما هو من ركيزة اقتصادية – اجتماعية بالغة الأهمية لكونه المكان الصحّي والصحيح لالتقاء أرباب العمل والعمال وممثلي مختلف القطاعات والمهن والنقابات بحيث سيُشكّل بدل المواجهة في الشارع ساحة نقاش وحوار لوضع الخطط الاقتصادية والاجتماعية النهضوية تمهيداً لرفعها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها».
وإذ لفتت الانتباه إلى أنّ إنجاز اليوم أتى ثمرة «جهود بذلها رئيس الحكومة وفريقه على مدى أشهر تحضيراً لهذا الملف وتعييناته بشكل يُراعي تطبيق القانون والتوازن الوطني»، لفتت في ما خصّ آلية تعيين أعضاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي إلى أنّ «كل قطاع من القطاعات المتمثّلة فيه كان قد رفع إلى رئاسة الحكومة 3 أسماء مرشحة عن كل مقعد من طوائف مختلفة لاختيار أحدها بشكل يؤمن التوازن الطائفي في مجمل خارطة تعيينات المجلس، في حين لرئيس الحكومة بحسب نصّ القانون الحق في اختيار 10 أعضاء من الأعضاء الـ71 عن فئة أصحاب الكفاءة».
وعن القطاعات التي تتمثل في المجلس، أوضحت أنها تشمل الصناعة، التجارة، الزراعة، المصارف، السياحة، النقل، المقاولة، التأمين، الاستشفاء والتربية. بينما المهن الحرة تتمثل بالمحاماة، الهندسة، الطب، طب الأسنان، الصيدلة، خبراء المحاسبة، الصحافيين والمحررين. أما النقابات فتشمل العمال، المعلمين، الجامعيين، الكتّاب، الناشرين، الحرفيين، مالكي الأبنية والمستأجرين. فضلاً عن ممثلين عن الجمعيات والتعاونيات والمؤسسات الاجتماعية غير الحكومية واتحاد النساء وأصحاب الفكر والكفاءة والاقتصاد والمغتربين.