Site icon IMLebanon

المتن الشمالي: منافسة محتدمة حول “صوت الذين لا صوت لهم”!

كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الأخبار”:

فيما ينتظر المرشحون الحزبيون في المتن الشمالي جلاء مصيرهم وفق ما تقرره أحزابهم والتحالفات السياسية، ينشط هؤلاء على خط المجموعات الناخبة التي لا تحظى مذاهبها بمقعد نيابي، علّها تكون رافعتهم والإضافة التي يبحثون عنها للتفوّق على رفاقهم وخصومهم في آن واحد.

بدأت الماكينات الانتخابية التابعة لأحزاب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب والسوري القومي والنائب ميشال المر العمل على لوائح الشطب والكتل الناخبة الوازنة في المتن الشمالي لاستقطابها، كلّ الى صندوقه. في دائرة ينحصر تمثيلها بثمانية نواب (4 موارنة، 2 أرثوذكس، 1 كاثوليك، 1 أرمن الأرثوذكس)، تحتدم المنافسة على استقطاب التكتلات المذهبية التي لا تحظى بمرشح لها. أصوات الشيعة والسنّة والدروز والسريان واللاتين باتت طبقاً دسماً للماكينات، خصوصاً أنها قادرة، وفق القانون النسبي، على إحداث فرق في نتيجة مرشح وتعويمه على منافسه، أو إضافة اسم مرشح إلى لائحة نتيجة «كسر الحاصل الانتخابي».

في 2009 الذي جرت فيه الانتخابات وفق النظام الأكثري، صوّت 1018 سريانياً لمصلحة قوى 14 آذار، فيما نال فريق التيار الوطني الحر بالتحالف مع قوى 8 آذار 629 صوتاً. وتتوقع الماكينات اليوم، وفقاً للوائح شطب 2017، أن يبلغ عدد الناخبين السريان 4786 يقترع منهم 50% على الأقل. لذلك بدأ السياسيون رحلات الحج الى منازل هؤلاء في الجديدة ــــ البوشرية ــــ السد وبرج حمود، لا من أجل ضمان صوت للائحة، بل لتأمين صوت تفضيليّ يسعفهم في معركتهم المقبلة. ووفقاً لمصادر مطّلعة، لا يصوّت السريان، تاريخياً، كـ«بلوك» واحد، بل تنقسم أصواتهم ما بين من تمون عليهم الرابطة السريانية التي ستطلق ماكينتها قريباً في أماكن وجود أبناء الطائفة، وبين رئيس حزب الاتحاد السرياني إبراهيم مراد الذي يجيّر أصوات المقرّبين منه للقوات اللبنانية، فيما يصوّت عدد صغير لحزب الكتائب بواسطة العضو السابق في المجلس السياسي فدوى يعقوب، وجزء آخر يتولى تأمينه جورج سولاج، رئيس تحرير جريدة «الجمهورية» لمصلحة النائب ميشال المر.

ما يصحّ على السريان لا يصحّ بطبيعة الحال على الصوت الشيعي الذي بات يشكل ثقلاً جدياً في بلدات ساحل المتن، إذ زادت نسبة الناخبين نحو 50% عمّا كانت عليه عام 2009، فارتفع العدد من نحو 2500 ناخب الى ما يقارب 5000. هنا لا مكان لتقاسم «الجبنة» بين المرشحين، إذ تصبّ هذه الأصوات ككتلة واحدة بناءً على القرار الذي يتخذه حزب الله وحركة أمل. وفي الانتخابات النيابية الماضية، بلغت نسبة التصويت الشيعي نحو 65%، اقترعت غالبيتهم الساحقة للائحة الإصلاح والتغيير، في مقابل نحو 90 صوتاً فقط للمر و25 صوتاً للنائب سامي الجميّل. وإذا ما اعتمدت نسبة الاقتراع نفسها لعام 2009، يتوقع أن ينتخب 3370 شيعياً في الانتخابات المقبلة، ستصبّ غالبيهم الساحقة للائحة العونية في صناديق الاقتراع، فيما ليس واضحاً بعد كيف ستتوزع الأصوات التفضيلية.

أما في ما خصّ الصوت السنّي الذي كان يوزع سابقاً مناصفة بين قوى 8 و14 آذار، فيؤكد المطلعون على أحوال المتن أنه غير تابع لأي جهة أو حزب سياسي، باستثناء نحو مئتي صوت للأحباش ونحو 150 صوتاً للقوميين، فيما تخضع البقية التي تتوقع الماكينات أن تصل الى نحو ألفي صوت من أصل 3455 ناخباً، لعوامل اجتماعية واقتصادية لا علاقة لها بالسياسة، وبالتالي ستكون المادة الأدسم للمرشحين في حملاتهم الانتخابية.

وكما لدى حزب الله، كذلك الأمر بالنسبة الى الحزب الاشتراكي الذي يمسك بأصوات ناخبيه الذين يقطنون بلدات بيت مري والمتين وزرعون وقعقور، ويقدر عددهم بـ2459 ناخباً يتوقع أن يقترع نحو 50% منهم. وتشير المصادر الى أن ماكينة القوات بدأت العمل جدياً على ضمان صبّ هذه الأصوات لمصلحة مرشحها وفقاً لاتفاق سياسي مع الحزب الاشتراكي، شبيه بالاتفاق الذي يجمعهما في قضاء الشوف. كذلك تضع القوات نصب أعينها نحو ألفين من أصوات حزبي الهانشاك والرمغفار الأرمنيين. إلا أن مصادر الحزبين تشير الى أن الأمر رهن بمآل الأمور في دائرة بيروت الأولى. فإذا تبنّت القوات مرشحهما، مدير مكتب النائب ميشال فرعون، سيبوه مخجيان، الى جانب فرعون (وهو ما يسعى اليه مخجيان) فستحصل حكماً على أصواتهما في المتن الشمالي، أما إذا ضمّه الكتائب إلى لائحته فستذهب الأصوات الارمنية المتنية، غير «الطاشناقية»، الى لائحة النائب سامي الجميّل.

حتى الساعة، يتركز عمل السياسيين وماكيناتهم على هذه المجموعات رغم عدم القدرة، حتى في حال تلقّي وعود أكيدة من أي طرف، على احتساب الاصوات لمصلحتهم إلا عند ساعة الفرز. إلا أن اللافت هنا أنه لا السياسيون ولا أحزابهم قادرون على تحديد وجهة أصوات اللاتين المقدّرة بـ2140 ناخباً يقترع منهم عادة 50%. والماكينات الحزبية التي ترصد إجمالاً أصغر تفاصيل الناخب، غير قادرة اليوم (ولم تستطع سابقاً أيضاً) الاستقصاء عن أماكن وجودهم ولا كيفية اقتراعهم. أما الأكثر غرابة فهو أن كنيستهم نفسها، في جلّ الديب، لا علم لها بهذه التفاصيل، في ما عدا أن مديرة الوقف المعيّنة هناك من المذهب الماروني، وقد تحولت الكنيسة فعلياً الى محجّ للموارنة!