هل تتدخل موسكو في الوقت المناسب لقطع الطريق على اقحام لبنان في حرب جديدة مع إسرائيل، التي تعمل حاليا على توظيف تصاعد موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال إيران، وان كانت اسرائيل ليست في حاجة إلى ذرائع لشن عدوانها على لبنان، وهل تتدخل موسكو لدى إيران للجم مشروعها في الشرق الأوسط والخليج العربي، باعتبار أنها في حاجة إلى استمالة الموقف الروسي لضمان حصتها في الحل السياسي في سورية، والذي لا تبدو معالمه واضحة في المدى المنظور؟
تقول مصادر لبنانية وثيقة الصلة بالقيادة الروسية إن المخاوف من شن إسرائيل الحرب طرحت على موسكو من جانب مسؤولين لبنانيين، وإن تقويم الديبلوماسية الروسية كان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحتاج في هذه المرحلة إلى الإبقاء على أجواء الحرب لأن تظهير أخطار المواجهة مع إيران وحزب لله وتعظيم ارتفاع مستوى تسلحه، يساعدان زعيم «الليكود» على استمرار حكومته التي تعصف بها الخلافات، وحفظ الحد الأدنى من التماسك في صفوفها، من دون خوض الحرب.
وتستند موسكو، بحسب المتصلين بها، إلى امتناع طهران عن الرد على القصف الإسرائيلي في سورية من أجل الاستنتاج أنها ليست في مناخ التسبب بحرب في الظرف الراهن مع إسرائيل.
كما أن هناك مراهنة لبنانية على موقف القيادة الروسية الذي أبلغته لرئيس الحكومة سعد الحريري بأنها مع حفظ الاستقرار في لبنان ولن تسمح بمسه.
في هذا المجال، يلفت وزير لبناني بارز إلى أن روسيا لديها مصالح في المنطقة ليست في وارد التفريط بها، ومنها علاقتها بإسرائيل وتفهمها لدواعيها الأمنية والعسكرية في مواجهة القدرة التي يتمتع بها حزب الله بدعم مباشر من إيران، والتي مكنته من امتلاك أسلحة صاروخية متطورة.
في هذا السياق، يسأل الوزير إياه عن الأسباب الكامنة وراء صمت روسيا حيال عشرات الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل على مواقع ومخازن أسلحة تابعة لحزب الله في سورية، ويقول: «هل يأتي صمتها من باب مراعاتها لمخاوف إسرائيل أم أنها، وعلى رغم القدرة على السيطرة على المجال الجوي في سورية، تمارس سياسة الصمت، ولم يسجل منذ تدخلها المباشر لإنقاذ النظام في سورية، اعتراضها الغارات الجوية التي تشنها إسرائيل؟».
ويعتقد أن روسيا تمارس حاليا سياسة اللعب على التوازنات مع أرجحية لمراعاة إسرائيل. وهي تراهن على قدرتها على التدخل في الوقت المناسب، إذا ما أرادت لجم التصعيد وتبادل الحملات بين إسرائيل وحزب الله، بما يسمح أن تكون الشريك الأقوى في حال أثمرت الجهود بداية بحث جدي في الحل السياسي الذي ينهي الحرب في سورية.
كما أن روسيا، وإن كانت تقف ضد العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، إضافة إلى اعتراضها على إصرار واشنطن على عدم التمييز بين الجناحين العسكري والمدني داخل حزب الله، فهي تحاول الإفادة من موقفها هذا للإمساك بالورقة الإيرانية التي تسمح لها بتعزيز موقعها في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، خصوصا أن إيران لم تعد الحلقة الأقوى في لعبة الصراع في سورية، وإلا لما استنجدت بموسكو لمنع نظام الرئيس بشار الأسد من الانهيار أمام المعارضة.