كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
ضعف كثيراً تأثير الكتلة الأرمنية في الانتخابات النيابية، لا سيّما في زحلة حيث يواجه الأرمن صعوبة في اختيار من يمثلهم في البرلمان المقبل. فيما «شهية» كلّ الأحزاب على المقعد الأرمني «الضعيف» مفتوحة.
كانت للأقليّات السياسية والطائفية، في ظلّ القانون الأكثري، القدرة على التأثير في نتائج الانتخابات النيابية. أبرز الأمثلة على ذلك: الصوت الشيعي في جبيل والأرمني في بيروت الأولى والمتن وزحلة. جار القانون الجديد على هذه الكتل، فباتت قوتها تنحصر في المقاعد النيابية المُخصّصة لها. وفي بعض الأحيان، لم تعد أصوات المقترعين تكفي لتأمين الفوز بالمقعد، كحال الكتلة الأرمنية في البقاع الأوسط. انطلاقاً من هنا، تتعامل معظم القوى السياسية في زحلة مع المقعد الأرمني بوصفه «الأضعف».
يبحث تيار المستقبل، الذي يعتقد بأنّه الأكثر قدرةً على التجيير داخل الطائفة السنية، في توزيع أصوات ناخبيه بين المقعدين السنّي والأرمني، ليرفع عدد أعضاء كتلته النيابية. فيما القوات اللبنانية تُمنّي نفسها بالاحتفاظ بالمقعد الأرمني، في حال لم تتمكّن من إنجاح مُرّشحها الكاثوليكي الطبيب ميشال فتوش. أما الطاشناق، فلن يكون في وارد «التنازل» عن المقعد في زحلة لأي من القوى، لا سيّما أنه يبحث عن كتلة أرمنية وازنة.
«نحن لا نُرشح موارنة أو روم، ونتوقع أن يكون التعامل بالمثل مع مقاعدنا الستة»، يقول الأمين العام لحزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان لـ«الأخبار». يُدرك نائب المتن أنّه «مع القانون الحالي لن نتمكن من الفوز بكلّ المقاعد. ولكن نريد تحسين الوضع حتى نعيد بناء الكتلة الأرمنية. ونُفضّل أن يكون المُرشح الأرمني مُمثلاً لبيئته». لذلك، يتمنى أن لا تلجأ الأحزاب في البقاع الأوسط إلى ترشيح أرمني على لوائحها، مقابل «الاتفاق بين الأرمن على ترشيح شخص ينتمي إلى أحد الأحزاب الأرمنية». ويلفت الى «أننا منذ عام 2000، نتحدّث عن التهميش الأرمني الذي يعني وجود نواب غير ممثلين للقاعدة الشعبية الأرمنية، بل لتيار المستقبل أو القوات اللبنانية».
يوجد في البقاع الأوسط 10486 ناخباً أرمنياً على لوائح الشطب (8683 أرمن أرثوذكس، و1803 أرمن كاثوليك). ويُضيف إليهم الخبير الانتخابي كمال فغالي «قسماً من الـ1403 ناخبين انجيليين ــ أرمنيين. فيكون هناك 11 ألف أرمني تقريباً». نسبة تصويت الأرمن في زحلة مُتدنيّة، «ويتوقع أن تصل في حدّها الأقصى الى 35%، أي بين 3500 و4000 مُقترع». لن يكون تأثير هؤلاء كبيراً، «لأنّ الحاصل الانتخابي في زحلة قد يبلغ 16 ألف صوت». انطلاقاً من هنا، الاحتمال ضئيل بأن يتمكن الأرمن من اختيار مُرشحهم. وحتى حزب الطاشناق، الممثل الأكبر داخل طائفته، «لن يفوز بالمقعد. لأن الـ4000 مُقترع المفترضين لا ينتمون كلّهم إلى الطاشناق. لكن يمكنه أن يُعير أصواته لأحد الأحزاب، ويُبادل مقعد زحلة بمقعدٍ آخر».
علماً أن لا مصلحة له بعقد اتفاق كهذا مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، لأنها «لن تُفيده في دوائر أخرى. مصلحته لا تتحقق إلا مع تيار المستقبل أو القوات اللبنانية أو التيار الوطني الحرّ». ويلفت فغالي الى «الخطأ الشائع بأنّ المقعد الأقلوي تربحه اللائحة الضعيفة. نظرياً، ذلك صحيح. ولكن عملياً، في ظلّ القانون الحالي، تُعدّ معظم اللوائح ضعيفة. الوحيد الذي حافظ على وحدته وقوته في زحلة هو الناخب الشيعي، أما بالنسبة إلى السنّة، فيجب أن يكون وضعهم مُشابهاً لدورة الـ2009 حتى يتمكنوا من التأثير على مقعدين».
يتحدّث مسؤولون أرمن محليون في البقاع الأوسط عن تقارب بين الطاشناق وتيار المستقبل قد يُترجم تحالفاً انتخابياً. يردّ بقرادونيان بأنّ العلاقة بين حزبه والتيار الأزرق «تحسّنت كثيراً، ولكن التحالفات لم تُحسم». في حال لم يتفق التيار الوطني الحر و«المستقبل» في زحلة، أين يكون الطاشناق؟ أولا، «من قال إنّهما لن يتفقا؟ وثانياً، هذا قانون «يا ربّي نفسي». للأسف، لا أحد سيخوض الانتخابات عقائدياً، بل كلّ طرف يبحث عن الربح». مع العلم بأنّ الطاشناق لا يزين التحالفات «على مستوى زحلة فقط. فإذا رغِب طرف في ترشيح أرمني ضدّنا في بيروت أو المتن، والتحالف معنا في زحلة، سيؤخذ ذلك في الاعتبار».
أسماء المرشحين الأرمن في زحلة محدودة، نوعاً ما، مُقارنةً ببقية المقاعد. قيل سابقاً، إنّ «المستقبل» سيُرشح الإعلامية بولا يعقوبيان، ولكنّ الأمر لا يزال في إطار التكهنات. لدى الطاشناق، يتردد اسم جورج بوشكيان، إلا أنّ بقرادونيان يقول إنّ «جورج أحد المُرشحين، ومعروف أننا لا نحسم أسماء مرشحينا إلا قبل فترة قصيرة من الانتخابات». أما على خطّ القوات اللبنانية، فهناك النائب شانت جنجنيان، الذي قرّرت قيادة معراب، بحسب المعلومات، استبداله. إضافة إلى نقيب معلمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان بوغوص كورديان. يقول الأخير لـ«الأخبار» إنّه مُرشح «جدّي الى الانتخابات ولدي أرضيتي والمؤهلات. وتوجهي هو 14 آذار، لا سيّما القوات اللبنانية». وقد بدأ التحضير لمعركته الانتخابية، رغم تأكيده أنّ «ترشيحي لم يُحسم قواتياً».
النسبة الأكبر من الأرمن موجودة في بلدة عنجر، حيث «البلوك» الأرمني للطاشناق. في البلدة الهادئة بدأ الحديث يتصاعد بين فعاليات محلية عن ضرورة «أن يكون المُرشح من عندنا وليس من زحلة». يوافقهم كورديان الرأي: «صحيح أنه لا توجد حساسية بين زحلة وعنجر، ولكن نحن لدينا دور أرمني كبير ويجب أن تتمثل عنجر. منذ فترة، والمقعد من حصة إخواننا في زحلة، فلماذا لا يكون الآن من حصتنا؟». ولكن بالنسبة إلى بقرادونيان، «يجب الأخذ بالاعتبار شخصية المُرشح، والأصوات التي بإمكانه أن يؤمنها»، حاسماً «هذا المقعد للبقاع الأوسط وليس لعنجر».