Site icon IMLebanon

ترميم الثدي… يعيد للمرأة أنوثتها بعد الإستئصال!

كتبت جنى جبور في صحيفة “الجمهورية”

كبيراً كان أو صغيراً، مثالياً أو غير متناسق… لثدي المرأة جاذب خاص يبرز مقوّمات أنوثتها، ناهيك عن دوره البيولوجي والإنجابي، الامر الذي جعل الرجال يُتهمون بأنهم يتحدثون مع «صدر» المرأة وليس معها. هذا ما يفسّر ربما خوف النساء من سرطان الثدي أو علاجه بالاستئصال. ولكن أصبح بإمكان السيدة اليوم الشفاء من هذا المرض الخبيث والمحافظة في الوقت نفسه على ثدييها! فما هي العمليات التجميليّة المخصّصة لسرطان الثدي؟ وهل تغطّي وزارة الصحّة اللبنانية تكلفتها؟

تتميّز المرأة بقدرتها على تحمّل عقبات الحياة المختلفة وثقلها، وحتّى على مقاومة مختلف الأمراض وأوجاعها. ولكن لتستحق لقب «الناجية» من مرض خبيث كسرطان الثدي، سيكلّفها التخلّي عن ما تعتبره رمزاً من رموز انوثتها. لذلك، وتزامناً مع الشهر العالمي (تشرين الأول) للوقاية من سرطان الثدي، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع الاختصاصي في الجراحة العامة وجراحة أمراض الثدي في مستشفى القديس جاورجيوس، وعضو اللجنة الوطنية لمكافحة أمراض الثدي، الدكتور عماد الحاج، ليخبرنا عن الخطوات التجميلية التي تعيد للمرأة ثديها بعد النجاة من السرطان.

استهلّ الدكتور الحاج حديثه قائلاً: «تُجرى عملية ترميم الثدي بعد استئصاله مباشرةً أو بعد مرور فترة على ذلك، بحسب ما يراه الطبيب المعالج مناسباً، ويعتمد هذا الموضوع على حجم الورم وعلى حال المريضة والعلاج الموصوف لها، بهدف الحصول على أفضل نتيجة ممكنة».

 

السيليكون أو جزء من الجسم نفسه؟

يُعتبر الترميم خطوة تجميلية فقط لا غير، يعيد الى المرأة جزءاً أساسياً من انوثتها، ويحميها على الصعيدَين النفسي والجسدي. أمّا التقنيات الموجودة في هذا الاطار فهي نوعان، يعدّدها الحاج قائلاً إنّ «التقنية الأولى ترتكز على استعمال «البروتيز» أو الثدي الاصطناعي المصنوع من مادة «السيليكون»، والذي يمكن استخدامه لمدّة موّقتة أو دائمة. بينما تعتمد التقنية الثانية على استعمال جزء من الجسم الذي يمكن استخراجه من البطن أو الظهر أو الفخذ.

ومن المهم أن نلفت الى أنّ هناك خيارات تعطي نتائج أفضل من غيرها، ولكن تكون العملية ضخمة تحتاج لوقت طويل، وترتفع فيها نسبة الآثار الجانبية. بينما يمكن أن تعطي العمليات السريعة الاخرى شكلاً مقبولاً بأقل اضرار على المريضة. وفي هذا السياق، يجب على الاختصاصي أن يشرح للمريضة عن تفاصيل كل طريقة من ناحية المضاعفات المحتملة، وقت العملية وكلفتها، لتتمكّن بالتنسيق معه من اختيار الطريقة التي تناسبها، ومعرفة كيف سيصبح شكل الثدي من خلال الصور الذي يمكن أن يكشفها لها الطبيب».

 

الحَلمة والاحساس

يمكن ترميم الثدي ليصبح شكله شبه طبيعياً بعد الاستئصال، ولكن ماذا عن الحلمة وعن الاحساس؟ يجيب د. الحاج: «بالنسبة للحلمة، اذا لم يشملها الورم يمكن أن نتركها دون استئصال، ولكن اذا شملها نضطر الى ترميمها أيضاً وذلك بواسطة «الوشم» فنقوم برسمها، أو من خلال جزء من جسم المريضة نفسه. أمّا عن الاحساس، فيختفي في90 في المئة من الحالات بعد الاستئصال ولا يبقى الّا الشكل بعد الترميم، وهنا بالطبع لن تتمكن المرأة من الإرضاع بعد الحمل. ولكن اذا تمذت ازالة الورم من الثدي دون اسئصاله وقمنا بترميمه، قد يبقى الاحساس، وستتمكّن من الإرضاع بشكل طبيعي».

 

هل النتيجة دائمة؟

كأيّ عملية جراحية، تحمل عملية الترميم هذه امكانية حصول المضاعفات، لاسيما الالتهابات نتيجة وضع جسم غريب في جسم المرأة، ولكنها تحمل في المقابل التأثيرات الجيدّة على نفسيتّها. ويوضح د. الحاج أنّ «المتابعة بعد الزرع مهمة مع الطبيب المعالج على فترة معينة، على أن تتوجّه المريضة لزيارته لاحقاً كل ما دعت الحاجة.

وعلى السيدة أن تعلم أنّ الثدي المرمَّم قد لا يرافقها كل حياتها، وهذا يعتمد على نوع وطريقة الترميم، فقد نضطر الى تغيير البروتيز بعد فترة، لاسيما أنه مع الوقت قد يزيد وزن المرأة أو ينقص فيتغير شكل الثدي».

وأضاف: «يصاب سنوياً حوالى 2000 الى 2500 امرأة لبنانية بسرطان الثدي في السنة، ولكن لا يُعرَض الترميم على الجميع، لاسيما أنّ هذا الاختصاص غير متوفر في جميع المستشفيات.

ولكننا بتنا نلاحظ زيادة المعرفة عند السيدة اللبنانية التي تُسأل غالباً عن امكانية الترميم التي تحسّن نفسيّتها بشكل ملحوظ لاسيما السيدات اللواتي تراوح أعمارهنّ بين الـ40 والـ60 سنة، والتي يريحهنّ الاستيقاظ من العملية، ورؤية أنهنّ ما زلن يحافظن على شكل ثديهنّ حتّى لو تغير بعض الشيء. أمّا المرأة الكبيرة في السن، فلا يهمها عادةً الترميم ويمكن أن تتقبل بشكل اسهل عدم وجود ثديها».

 

الزوج والدعم النفسي

يحاول المختصون قدر الامكان الابتعاد عن استئصال الثدي بشكل كامل، والعمل على التخلّص من الورم الموجود حوله مع المحافظة عليه. ويشرح د. الحاج «هذه الخطوة أيضاً بحاجة الى جرّاح تجميل للتمكن من إزالة السرطان والمحافظة في الوقت نفسه على شكل الثدي، لذلك قد نُعرّض في بعض الاحيان المصابة بسرطان الثدي الى العلاج الكيميائي لتصغير الورم وللمحافظة على الثدي.

ومن المهم أن نسلط الضوء على أهمية الدعم النفسي للمريضة، وانا أنصح شخصياً، أن تأتي السيدة المصابة مع زوجها لكي يفهم الوضع. ونحن فعلاً مجتمع عاطفي وقريب من بعضه البعض، اذ نلاحظ أنّه غالباً ما تدعم العائلة (الاهل، الزوج، الاولاد) المريضة، ويحاولون إحاطتها مقدّمين لها السند والدعم اللازم، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على نفسيّتها».

توجّهي الى الطبيب اذا

الكشف المبكر واكتشاف المرض من بدايته يؤمّن نسبة شفاء تفوق الـ90 الى الـ95 في المئة. لذلك على كل سيدة التوجّه للكشف في عمر الـ40 سنة فهذا المرض يشهر سلاحه في وجوهنا جميعاً ولا يستثني أحداً.

ويشير د. الحاج الى اشارات تدلّ على وجود مشكلة (ليس بالضرورة أن تدلّ على وجود السرطان)، تستدعي التوجّه لاستشارة الطبيب:

– إحمرار حول الحلمة

– نزف من الحلمة

– تورّم الثدي

– تقرّحات على الجلد

– تغيّر في شكل الثدي

– الشعور بوجود درنة أو ورم في الثدي

 

هل تغطي الوزارة عملية الترميم هذه؟

التوجّه عند الاطباء المختصين أي جراحين مختصّين في أمراض الثدي السرطانية أو الجراحات الترميمية والتجميلية الذين لديهم الخبرة في هذا المجال، أمر ضروري كي تنجح الجراحة دون أن تسبّب عوارض جانبية غير ضرورية.

ولكن ماذا عن التكلفة؟ وهل تغطي وزارة الصحة كلفة الترميم؟ يوضح د. الحاج « أولاً يهمني أن انوّه بالتوعية الموجودة عند السيدات اللبنانيات في هذا الموضوع، كما أنّ الحملة التوعوية كانت رائعة هذه السنة، والقرار الذي اتّخذته وزارة الصحة السنة السابقة بدعم عمليات التجميل والترميم للمصابين بالسرطان كانت خطوة مميّزة، ونحن بانتظار أن نرى كيف يمكن أن تترجَم عملياً، لأنّ المشكلة التي نواجهها حالياً هي ارتفاع كلفة الترميم في المستشفيات الخاصة، وبالتالي صعوبة تمكّن الوزارة من تغطيتها.

كما أنّ ثمّة تأمينات خاصة لا تغطي الترميم باعتبارها موضوعاً تجميلياً فقط، وكأنها ليست جزءاً من العلاج. وأنا شخصياً أرى أهمية الضغط في هذا الاطار لتصبح عمليات التجميل والترميم بالنسبة للاصابة بسرطان الثدي، جزءاً لا يتجزء من العلاج».