كتب ميشال نصر في صحيفة “الديار”:
بين الانتخابات النيابية واعتماداتها المالية، والمجلس الاقتصادي الاجتماعي وتشكيلاته التي ابصرت النور بعد 14 عاما من الانتظار، وتمديدات عقود شركات مقدمي الخدمات الكهربائية تنقل مجلس الوزراء، محققاً انجازات داخلية خرقت الاصطفافات السياسية الغارقة في وحول الاوضاع الاقليمية والدولية التي تفرض نفسها بقوة وأبرزها تحديد مصير الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران الذي بات قاب قوسين من حسم مساره ومصيره، فيما غاب كليا موضوعي العقوبات الاميركية والتهديدات الاسرائيلية.
ففي الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون الشكل النهائي «لعصا» قانوني العقوبات المنتظر صدورهما عن الكونغرس، شكلت «جزرة» المكافآت المالية السخية مقابل تسليم قياديان بارزان في حزب الله، مفاجأة غير متوقعة في التوقيت، في دلالة واضحة الى «حرية» الحركة التي حصلت عليها الادارة الاميركية الحالية، بعد تفويض كامل من الديمقراطيين في اجماع داخلي غير مسبوق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية استنادا الى دعاوى عالقة امام القضاء الاميركي.
اذ تكشف المعلومات ان خطوة واشنطن تاتي في السياق التمهيدي لاعادت فتح ملفات قضائية عالقة امام المحكمة العليا الفدرالية والتي كان تقدم بها مواطنون اميركيون اقارب لضحايا سقطوا خلال تفجيرات استهدفت مصالح اميركية في لبنان، والتي على اساسها تم وضع حزب الله على لائحة الارهاب الاميركية،ما يساعد في تحقيق الاهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة،نتيجة زيادة الضغط على ايران من جهة، وارضاء اسرائيل من جهة ثانية، بعد «صفعتي» الصفقة الاميركية – الروسية في سوريا، وتراجع الرئيس دونالد ترامب عن وعده الانتخابي بنقل السفارة الاميركية الى القدس، اذ ان تل ابيب تقدم ملف حزب الله والجمهورية الاسلامية على ما عداه من قضايا.
غير ان اللافت وسط كل ذلك لجوء مدير المركز الوطني لمحاربة الارهاب «نيكولاس راسموسن» والذي يشغل منصب مستشار للرئيس وعضو في مجلس الامن القومي التابع للبيت الابيض، الى اللعب على وتر الصراعات الداخلية اللبنانية والملفات التي طالما شكلت انقساما بين اللبنانيين كاتهام الحزب باغتيال مسؤولين لبنانيين، ما قد يهدد باعادة اشعال الفتنة الداخلية ما لم يتم تدارك الامر بسرعة من قبل الحكومة اللبنانية، بحسب اوساط سياسية متابعة.
وفي حين لوحظ غياب المواقف الرسمية اللبنانية حول الإجراءات الأميركية الجديدة وامتناع عدد كبير من المسؤولين عن التعليق عليها،تكشف الاوساط المقربة من حزب الله ان الاخير لا يخشى وقوع اي مواجهة عسكرية لان اسرائيل غير قادرة حاليا على خوض حرب كبرى ضد لبنان، فلا جبهتها الداخلية مهيئة، ولا بنك اهدافها اللبناني ذات فعالية، ولا جيشها حاضر لهكذا مغامرة، بحسب ما بينت المناورة الاخيرة.
وتتابع الاوساط بان الخوف الفعلي يكمن في تنفيذ عمليات امنية تستهدف كوادر اساسية في الحزب،خصوصا ان الاميركيين وقبلهم الاسرائيليون يعمدون كل فترة الى اعلان اسماء مجاهدين في الحزب لايصال رسائل ذات طابع امني مفادها ان هيكل المقاومة التنفيذي والعسكري بات مكشوفا، وهو ما حصل على سبيل المثال قبيل اغتيال الحاج رضوان منذ سنوات،او القيادي مصطفى بدر الدين.
واشارت الاوساط الى ان اسلوب الكشف عن الاسماء هذه المرة وما عرض من مكافآت هدفه خبيث اذ يحاول الايقاع بين جمهور المقاومة عن طريق الترهيب لبث الشقاق والفرقة والشك، كما انه من جهة ثانية يحاول تشويه سمعة المجاهدين تمهيدا لتبرير تصفيتهم وان كلف ذلك سقوط ابرياء، في اطار الحرب النفسية والاعلامية التي تشن.
في غضون ذلك كشفت مصادر دبلوماسية في بيروت عن اتصالات جرت خلال الساعات الماضية بين العاصمتين اللبنانية والروسية لبحث مسألة التصعيد الاسرائيلي ضد لبنان ومدى جديته،حيث حصل المسؤولون اللبنانيون على ضمانات من موسكو بممارسة الضغط ضد تل ابيب لوقف تلك الحرب الكلامية خوفا من تطورها وانفجارها ازمة عسكرية.
فماذا عن موقف لبنان الرسمي؟ وكيف سترد الحكومة اللبنانية؟ وكيف سيواجه المسؤولون الاحراج الذي سيواجهونه خلال زياراتهم للخارج؟