كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:
بعد قرار الرئيس سعد الحريري النأي بحكومته عن المواجهة الأميركية – الإيرانية في محاولةٍ لحماية الاستقرار اللبناني ومنع «تفجيره» من الداخل، تَكثر علامات الاستفهام حيال إمكان أن يكون هذا المعطى الداخلي كفيلاً لوحده بإبعاد البلاد عن «الفالق» الجديد في «خط الزلازل» التي تضرب المنطقة، ولا سيما ان «حزب الله» يشكّل عنواناً رئيسياً في استراتيجية التصدي لتمدُّد طهران.
وإذا كان خيار خصوم «حزب الله» اللبنانيين المشارِكين بالسلطة بعدم التموْضع المباشر على خط «العاصفة» المتصاعدة بين واشنطن وطهران كما بين السعودية وطهران يَسمح نظرياً لبيروت بـ «شراء الوقت» داخلياً، فإن غموضاً كبيراً يلفّ مدى قابلية الوضع اللبناني على البقاء بمنأى عن تشظيات «التدافع الخشن» تحت عنوان احتواء النفوذ الإيراني، ولا سيما بعد مؤشريْن بارزيْن ارتسما أمس:
الأول إبلاغ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في اتصال هاتفي أجراه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب تأييد المملكة الاستراتيجية التي أعلن عنها تجاه إيران «وأنشطتها العدوانية ودعمها للإرهاب في المنطقة والعالم»، وهو ما يكرّس التلاقي السعودي – الأميركي في «خندق» التصدي للتوسّع الإيراني في المنطقة.
والثاني صدور إشارة بارزة إلى تَقاطُع اوروبي مع ترامب إزاء نفوذ إيران ووجوب تطويقه، وذلك من خلف الاختلاف بين الجانبين حول الالتزام بالاتفاق النووي، وهو ما عبّر عنه تأكيد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «الالتزام الكامل» لبلديهما بالاتفاق وفي الوقت نفسه «ضرورة مواصلة تصدي المجتمع الدولي لأنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة وبحث سبل مواجهة المخاوف من برنامجها للصواريخ الباليستية». وقد اعتُبر هذا الموقف من أوساط سياسية بداية نجاح للرئيس الأميركي في لعبة «العصا والجزرة» التي وضعت «النووي» ومصيره على الطاولة مقابل «دفتر شروط» يتّصل بلجم التمدد الإيراني العسكري والأمني.
وفيما تعتبر هذه الأوساط أن الاستقرار «الصامد» في لبنان والذي تَعزّز بفضل التسوية السياسية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي قبل نحو عام كان وليدة قرار محلي وأيضاً خيار إقليمي ودولي ربْطاً بعناصر عدة بينها «قنبلة» النازحين السوريين والاقتناع بأن «مَن يربح في سورية يربح في لبنان»، فإنها ترى أن نقْل المعركة لتصبح «على رأس» حزب الله يثير ضبابية حيال إذا كان هذا القرار ما زال «ساري المفعول» وإذا كان ممكناً ضبْط «الهجمة» على إيران والحزب وفق مقتضيات صون الاستقرار في البلاد خصوصاً وسط الاستعدادات لصدور قانون العقوبات الأميركية الجديدة ضدّ الحزب والمخاوف من «مفاجأة ساخنة» اسرائيلية.
وإذ تذكّر الأوساط نفسها بحساسية ظهور الموقف الرسمي اللبناني، على مختلف مستوياته الرئاسية، بهذه المرحلة في ما يشبه «وحدة الحال» مع «حزب الله» ولو من بوابة الخشية من استدراج «الرياح الساخنة» الى لبنان، مع ما يعنيه ذلك من جعل «الدولة» في «عين العاصفة»، تلفت الى ان ارتفاع منسوب التصعيد الخارجي وبداية الردود العنيفة من «حزب الله» على ترامب وتجديده الحملة على السعودية تترك غموضاً إزاء مآل الأيام المقبلة، وسط تَحوُّل اي حدَث ذي طابع أمني محور تحرياتٍ لا يغيب عنها التساؤل حول مدى ارتباط خلفياتها بتبادُل الرسائل «الخفي» المتّصل بالمواجهة الأميركية – الإيرانية.