Site icon IMLebanon

الانتخابات النيابية في بشرّي: مبروك لستريدا!

كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:

“يوم قرّر الناس في منطقة بشرّي إعلان نفير «الثورة» على الأحادية السياسية والإقطاع، المُتمثل آنذاك بالزعامات المحلية وحزب الكتائب، وجدوا أمامهم القوات اللبنانية وقائدها سمير جعجع. قدّم لهم «ابن البلد» نموذجاً، وخياراً بديلاً، فوالوه طوال سنوات غير آبهين لما إذا كان في ذلك صواب أو خطأ. نجح جعجع في توحيدهم حوله، حتى ارتفع بالنسبة إلى كثيرين منهم إلى مرتبة القديسين.

عصبهم حوله كان يشتد أكثر كلّما كان مُحدّثهم من خارج بشرّي، فيظهرون أمام «الغريب» الوجه الحسن لعلاقتهم برئيس القوات اللبنانية. ولكن، كُلّما اختلى البشراويون بأنفسهم، لم يخفوا امتعاضهم ونقمتهم تجاه الكثير من تصرّفات «الحزب الحاكم»، المُتهم بأنه يستعمل أساليب خصومه في الحكم. يُحمّل المعترضون الجزء الأكبر من المسؤولية للنائبة ستريدا طوق، مُحاولين تحييد زوجها عن انتقاداتهم. وفي ذلك نوعٌ من «التجنّي» عليها، لأنها بالتأكيد لا تُشكل جناحاً مُنفصلاً داخل القوات، ولا تُقدِم على أي تصرّف من دون التشاور مع رئيس الحزب بخصوصه. ولو لم يكن راضياً عن طريقة عملها، لما تمكنت من بسط نفوذها إلى هذا الحدّ في منطقة بشرّي.

لم تكن النقمة على القوات تجد موطئ قدمٍ لها، بسبب غياب أي مشروع بديل، ينال ثقة أهالي بشرّي. والدليل أنّه منذ ما بعد 2005، لم تتمكن الشخصيات المحلية من إثبات نفسها في أي استحقاق. وحين تشكلت خلال الدورات «البلدية» السابقة لوائح ضدّ القوات، لم يكن لها مدى حياة أبعد من تاريخ الحدث. إلى أن أتت الانتخابات البلدية الأخيرة، فشكّلت مجموعة من أبناء بشري، مُعظمهم مرّ سابقاً في القوات، لائحة نافست بها لائحة معراب. توحّد حول مجموعة «بشرّي موطن قلبي» كلّ القوى السياسية المُعارضة للقوات، ولكن من دون أن يكون لهم دورٌ مباشرٌ في العملية الاقتراعية. صورة المُرشحين إلى الانتخابات، وابتعاد الزعامات التقليدية عن الواجهة، أراح الرأي العام البشراوي، الذي تجرأ على التعبير عن رأيه، فحصدت اللائحة المعارضة نسبة 38.9%. قدّمت نتائج الانتخابات، دفعاً لقوى التغيير في بشرّي بأنّ الأمل باختراق «قلعة» القوات اللبنانية موجود، ما دامت الانتخابات أثبتت توق جزء لا بأس به من الناس إلى التغيير. ساهم في إعلاء معنوياتهم إقرار قانون قائم على النسبية في ظلّ الصوت التفضيلي، ليرفع حظوظ خرق المقعدين القواتيين بواحد. هذا هو الهدف الذي يُدرك المعارضون أنّ من الاستحالة تحقيقه إلا في حال توحُّد «المعارضات» تحت مظلّة واحدة، فلا تضيع أصوات الناخبين. ولكن العكس هو ما يحصل في بشرّي. جبران طوق، روي عيسى الخوري، سعيد طوق، مجموعة «بشرّي موطن قلبي»، يعتقد كلّ منهم أنّه «الأحق» بتمثيل المعارضة. وفي ظل تشرذمهم، وصل التشاؤم ببعضهم إلى حد قول «مبروك ستريدا»، رغم أن الحملات الانتخابية لم تنطلق جدياً بعد”.