كتبت آمال خليل في صحيفة “الأخبار”:
في العلن، لا يتوانى قياديو ثنائي حركة أمل وحزب الله عن التعبير عن راحة البال لإجراء الانتخابات والفوز الساحق بالمقاعد الشيعية. في السر، يقرّون بأن قانون النسبية سيأكل من القالب الذي تفردوا بصناعته منذ عام 1992، لكن ليس أكثر من نتف.
ماذا عن التيار الشيعي المعارض الذي تشكّل أخيراً وأعلن نيته مقارعة الثنائي في الانتخابات المقبلة؟ «الناس أطلقت حكمها عليهم»، يقول قيادي في «أمل» لـ«الأخبار».
إنهم «شيعة السفارات». يلفت إلى أن وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان «أوعز إلى قيادات ووسائل إعلام لبنانية بدعم جماعة البيت الشيعي لقاء مبالغ مالية باهظة».
لا يشكل معارضو الشيعة هاجساً كبيراً لـ«أمل». حتى الآن، لم تشغّل محركات ماكيناتها الانتخابية، وإن شكلت هيكليتها التنظيمية وعينت ممثلي المناطق فيها: هيثم جمعة ومصطفى فوعاني عن البقاع الشمالي والأوسط، وقبلان قبلان عن البقاع الغربي، وعلي حسن خليل عن حاصبيا ومرجعيون، وهاني قبيسي عن النبطية، وأيوب حميد عن بنت جبيل، وناصيف سقلاوي عن صور، وخليل حمدان عن الزهراني، وهاشم حيدر عن جزين، ومفيد الخليل عن الضاحية، ومحمد جباوي عن بيروت. هيكلية الماكينة ستستكمل خلال الأسبوعين المقبلين بانتخاب اللجنة المركزية ولجان القرى ويبدأ العمل الميداني. لكن «أمل» ليست غائبة حتى تحضر ميدانياً. مشاركتها المخضرمة في وزارات الدولة انعكست في مناطق نفوذها مشاريع وخدمات وتوظيفات كانت تتضاعف عند كل استحقاق انتخابي، نيابي أو بلدي، حين كان بري يمضي أياماً في المصيلح (الزهراني) ويجول بين البلدات مفتتحاً المشاريع.
تبوّأ وزراء «أمل» وزارات حيوية وخدماتية، استفادت منها القاعدة الخضراء أو المحظيون منها على أقل تقدير. لكن زيادة الخير خير. تؤكد مصادر بلدية أن البلديات التي تسيطر عليها الحركة تصرف أموالاً من صندوقها البلدي على أنشطة تقيمها «أمل».
أبرز مثال في الآونة الأخيرة، «تكبد كل من بلدية صور واتحاد بلدياتها تكاليف إحياء مراسم عاشوراء لمدة عشرة أيام في خيمة نصبت في ساحة البوابة في صور. إذ بلغ بدل إيجار الخيمة يومياً حوالى ثلاثة آلاف دولار، فضلاً عن تكلفة نقل المشاركين من البلدات بالباصات لتأمين حضور يومي حاشد كان لا يقل عن عشرين ألفاً يومياً». ينفي القيادي تلك المزاعم. «لسنا بحاجة إلى مال البلديات لكي نخدم الناس. نحن في الدولة منذ الثمانينيات. وهمّ الرئيس بري تلبية الحاجات الحيوية للناس من مياه وكهرباء وزفت وطبابة وتعليم. والمشاريع تشهد من الجنوب حتى راشيا والبقاع الغربي وبعلبك».
ماذا عن الحركة داخلياً؟ هل هي مرتاحة لإبقاء الوجوه والتحالفات على حالها؟ يرفض القيادي حسم الشائعات التي تتكهن هوية مرشحي «أمل» هنا وهناك. يقر بأن القاعدة الرئيسية التي ستحدد اختيار المرشحين: «ليس أياً كان يستطيع أن يترشح ويفوز بسبب المنافسة الشديدة والصوت التفضيلي اللذين يفرضهما القانون الجديد». من هنا، فإن رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان أبرز المرشحين الخضر عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي، فيما يبدو نائب صور علي خريس من الثابتين. وعن شائعات استبدال النائب عبد المجيد صالح بوزيرة التنمية الإدارية عناية عز الدين واستبدال النائب عبد اللطيف الزين بنائب بيروت هاني قبيسي وإعفاء وزير الزراعة غازي زعيتر من الترشح مجدداً عن بعلبك الهرمل، يعلق القيادي: «في الشارع يحكى هكذا. لكن لا شيء ثابتاً لدينا». الثابت أن حركة أمل وحزب الله سيخوضان الانتخابات بلوائح موحدة. على نحو مبدئي، لن تتكرر تجربة تبادل المقاعد كما حصل في دورة عام 2009، عندما أخذت الحركة المقعد الشيعي في دائرة بيروت الثانية مقابل المقعد الشيعي في دائرة بعبدا. مقعد بعبدا سيبقى بلون أصفر. «لن نأخذ بعبدا ونترك بيروت». لكن المقعد الشيعي في دائرة بيروت الثالثة (التي دمجت مع بيروت الثانية) الذي يشغله حالياً نائب المستقبل غازي يوسف قد يتغير من اللون الأزرق إلى الأصفر أو الأخضر. رجح القيادي أن يفرض الثنائي معركة للفوز بالمقعدين. «انتماء غالبية شيعة تلك الدائرة إلى ثنائي الحزب والحركة يسمح بانتزاع الفوز بالمقعدين» بحسب القيادي.
على نحو مبدئي، تتحضر «أمل» لمعركة مع «المستقبل» الذي هادنته أحياناً. المعركة القادمة ليست محصورة بالمقعد الشيعي في البقاع الغربي الذي يشغله نائب المستقبل أمين وهبي أو بمقعد يوسف في بيروت، إنما أيضاً بمقعد النائبة بهية الحريري في صيدا، الحليفة المخضرمة لبري. «أسامة سعد ما فينا نتركه» يجزم القيادي، علماً بأن بري نفسه أعطى ضمانة شخصية لسعد منذ مدة بدعمه في الاستحقاق النيابي المقبل. وبما أن من شبه المستحيل أن يجتمع سعد والحريري في لائحة واحدة، فإن «أمل» ستختار سعد في صيدا وإبراهيم عازار في جزين. «ليس ضرورياً أن ننتخب بهية» يقول القيادي، تعليقاً على استعراض العلاقة المتينة بينها وبين بري. «الأيام تغيرت منذ عام 2005». أما العونيون، فإن استطاعوا أن يتحالفوا مع سعد وعازار «فأهلاً وسهلاً بهم وبدعمنا لهم».